آخر تحديث :الخميس-18 سبتمبر 2025-12:16ص

الجنوب.. التغيير الديمغرافي وتأثيره الاجتماعي

السبت - 22 فبراير 2025 - الساعة 11:20 ص
علي صالح سالم

بقلم: علي صالح سالم
- ارشيف الكاتب


شهد الجنوب تغييرات ديمغرافية كبيرة بعد الوحدة عام 1990م، وخاصة بعد حرب صيف 1994م، التي أدت إلى خروج الحزب الاشتراكي من المعادلة السياسية، وقد انعكست هذه التغيرات على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما أثر على التركيبة السكانية للجنوب، ولا سيما في العاصمة عدن.

من الناحية الديمغرافية، أصبحت عدن وجهة للهجرة من الشمال إلى الجنوب، بالإضافة إلى نزوح سكان القرى والأرياف إليها بحثًا عن مصادر العيش، خاصة بعد سقوط الحزب ونهب مؤسساته واستباحة الأراضي العامة، كما تم تسريح أعداد كبيرة من العمال الذين كانوا يعملون في القطاع العام، فضلًا عن الإقصاء الممنهج لكثير من أبناء الجنوب من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية والخدمة المدنية لصالح أبناء المحافظات الشمالية.

والأخطر من ذلك، إحياء الثارات القبلية التي كانت قد انتهت بعد الاستقلال، والتي يعاني منها الجنوب حتى اليوم، حيث يتم تغذيتها، خصوصًا في محافظتي شبوة وأبين، دون أي تدخل فعّال من السلطات المعنية، وتعد شبوة وأبين العمود الفقري والقوة الضاربة سياسيًا وعسكريًا لليمن الديمقراطي آنذاك، ومع ذلك تتعرضان للتهميش.

كما أن الهجرة المتزايدة إلى عدن من القرى والأرياف، في ظل غياب دولة حقيقية، أثرت على سكان المدينة وأدت إلى تزاحمهم على الخدمات الأساسية، مثل الوظائف، والسكن، والصحة، والتعليم، وقد أدى ذلك إلى انتشار المباني العشوائية دون تخطيط حضري أو بنية تحتية مناسبة، من صرف صحي وكهرباء.

لقد أثّرت الهجرة على عدن كعاصمة تجارية واقتصادية للدولة، وغيرت معالمها الحضارية والثقافية والفنية، مما أفقدها هويتها المدنية العدنية، وعلى الرغم من النهضة العمرانية التي شهدتها، فإنها في الحقيقة تحولت إلى قرية كبيرة فقدت طابعها المدني والحضاري، خاصة بعد انقلاب الحوثيين.

كانت عدن يومًا ما عنوانًا للمدنية والثقافة والفن والأدب والصحافة في الجزيرة والخليج، ولكن التغييرات الديمغرافية والاجتماعية التي شهدتها جعلتها تفقد كثيرًا من هذه الخصائص الفريدة.