د. علي عبد الكريم
فؤاد عبد الكريم… الوداعة، الصمت الناطق بحُلو الكلام، والجَمل التي ينطق بها القلب ويكتبها القلم، مناديًا روح فؤاد عبد الكريم التجمعي… الأصيل، البرلماني، المالك لناصية الحق، مشعلًا يحمله ليضيء به طريق الحقيقة، خدمةً للناس ولوطنٍ يسكنه ويُحبه.
كم ظلَّ معدنًا أصيلًا، يحمل عبء رسالةٍ ارتضاها سبيلًا… خدمةً للناس، وأمانةً تحمَّلها بصبر، وظلَّ معها يسير حتى تُفضي به المسارات إلى مبتغاه، تحقيقًا لقضايا الناس، آمن بها بصدقٍ وإخلاص، تابعها دومًا، وكان يحلم بالجديد الآتي من رحم المعاناة.
هكذا كان، وهكذا عرفته: تجمعيًّا أصيلًا، حتى حين انتقل إلى موقعٍ آخر، ظلَّ بلونه، بحلمه، بمثابرته، وفاؤه للفكرة والناس.
لكن للزمن ومتاعبه، وأحكامه، وللدنيا ومفاجآتها، سطوةٌ تسقط الدمع، وتجرح الفؤاد، وتصيب المرء بلحظةِ حزنٍ، بوقفة ذهول، بسؤالِ الدهشة:
ما لك يا زمن؟
تأخذ من بين ظهرانينا أعزاء، لهم في القلب مكانة، وفي التاريخ أدوار لا تُنسى، لهم في حقيبة الذكريات صور وأحاديث، مسجلة بضمير الأيام، شاهدة على معدنه الأصيل.
هو فؤاد عبد الكريم، أحمل له بذاكرتي تاريخًا أخويًا حافلًا بكل ما هو مبدع وجميل، شيئًا ذا قيمة من زمن كنا فيه معًا إخوة أعزاء، بل أكثر من إخوة.
كم طال حديثنا في مجالس الهلال الأحمر، حين كان رئيسًا له، وكانت تلك المجالس ساحةً لمعركةٍ خضناها معًا، تمامًا كما تزاملنا مع أطلالات فقيد روح التجمع الجاوي، ومع الدكتور عبد الرحمن، وحامد جامع… فؤاد كان جوهرة وكنز عدن، ووطنيًا أصيلًا جاب أرض الوطن يمنيًا عزيزًا.
أقول وداعًا يا فؤاد…
وكم عانيت في أواخر الأيام، في زمنٍ ضاعت فيه الرحمة، وغابت فيه أرواح من نحب، كما ضاع فيه وطن نحمله في حدقات العيون وجوانح الروح… والفؤاد.
وداعًا أيها العزيز الغالي…
ليسكنك الله فسيح جناته، ولتهنأ روحك التي تناديها شوارع وأزقة عدن، تلك المدينة التي فُجعت بنبأ رحيلك، لكنها حكمة المولى، وما شاء فعل، ولا راد لإرادته التي تأوي الطيبين.
وداعًا أخي فؤاد…
ستظل بيننا رمزًا…
أخًا… موقفًا… كلمةً نقولها بوجه من قال للحق “لا”، لأننا كنا، وسنظل، هكذا…
وشرفٌ لنا أنك كنت يومًا شعلةً، وحرفًا مضيئًا، وكلمةَ حقٍ تُقال.
وداعًا أيها الفؤاد… وإلى لقاء،
ليغمرك الرحمن بواسع رحمته، ويظللك بظلال عفوه ورأفته