آخر تحديث :الأحد-01 يونيو 2025-12:57ص

آن الأوان: من أجل تصحيح مسار الثورة الجنوبية وإطلاق قطار التحرير من جديد

السبت - 24 مايو 2025 - الساعة 09:23 ص
صلاح بن لغبر

بقلم: صلاح بن لغبر
- ارشيف الكاتب


‏منذ اندلاع شرارة الثورة الجنوبية في تسعينيات القرن الماضي، لم تكن ثورة الجنوب يومًا مجرّد موجة احتجاج أو رد فعل عابر، بل كانت – ولا تزال – تعبيرًا أصيلاً عن تطلّع شعب نحو استعادة دولته وهويته وحقه في أرضه

‏واليوم، وبينما تمر القضية الجنوبية بمنعطف حساس ومرحلة مشبعة بالتعقيدات السياسية والتجاذبات الإقليمية، فإن الصمت لم يعد خيارًا. آن الأوان أن يتداعى الثوار الحقيقيون، أولئك الذين نسجوا ملحمة النضال على أرصفة عدن، في شوارع زنجبار، وساحات المكلا، لتحمل مسؤولياتهم التاريخية.


‏المجلس الانتقالي الجنوبي، وبلا شك، قدّم الكثير، ونجح في نقل القضية الجنوبية من مرحلة التهميش إلى طاولة الإقليم والدول، لكنه، في ذات اللحظة، انخرط في شبكة معقدة من الشراكات الإقليمية والتوازنات السياسية، أفرغته – ولو جزئيًا – من جوهره الثوري التحرري، وبات عالقًا في دائرة مغلقة من الحسابات التي يصعب الخروج منها دون ثمن أو مراجعة صادقة.


‏لكن الثورة لا تموت… إن نادى صوتها الصادق

‏والثورة الجنوبية لا يجب أن تنطفئ في زوايا المكاتب، أو أن تُختزل في تحالفات فوقية لا تعبر عن نبض الشارع؛ ولقد دفع الشهداء ثمنًا باهظًا، ودفنت على تراب هذا الجنوب الطاهر أحلام لم تُستكمل بعد، فهل نقايض كل ذلك بـحسابات باردة؟ هل نسمح لتاريخ الدم والدموع أن يُحبس خلف أسوار المكاتب المغلقة؟


‏ما نحتاجه اليوم ليس انقلابًا على المجلس الانتقالي، بل نهوضًا داخليًا من رحم الثورة نفسها؛ حركة تصحيح، تُعيد بعث المشروع الوطني الجنوبي على أسس شفافة وواضحة، تفتح الأبواب لكل من حمل الحلم، ورفع الراية، وذاق قسوة السجون ومضى في الطريق دون مساومة.

‏يجب أن يتداعى أولئك الذين عرفوا حرارة الحراك حين كان مجرد صرخة في وجه دولة تحتل، لا أولئك الذين جاءوا إليه حين صار وجهًا سياسيًا جذابًا

‏الذين ناموا على الكراتين في ساحة العروض، وتعرضوا لمسيلات الدموع وصرخوا وهم يُسحلون في الشوارع، ويتحدون الرصاص بصدور عارية


‏إن الثورة اليوم في حاجة إلى التحرر من السكون السياسي، من السجن الرمزي الذي أقعدها عن الفعل، منذ سنوات، بحاجة إلى مشروع استنهاضي جامع، لا ينقلب على أحد، بل ينهض بالجميع. والمجلس الانتقالي – بكل ما له وما عليه – يبقى رافعة مركزية لهذا المشروع، لكنه مطالب اليوم بدعم إطلاق جديد للثورة لا احتوائها، بتحرير قطار الاستقلال لا تعطيله.


‏الحنوب ينادي ثواره وكل من هو وفي لدماء وتضحيات الشهداء للتداعي وإعادة رسم الطريق نحو الهدف الجوهري: استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة، وليكن صوت القاعدة الشعبية، صوت الشهداء، هو الحكم، لا ضجيج المكاتب ولا ضغوط العواصم.