آخر تحديث :الخميس-31 يوليو 2025-10:34م

رياح الواقع المرسوم !!

الخميس - 29 مايو 2025 - الساعة 11:47 م
محمد الثريا

بقلم: محمد الثريا
- ارشيف الكاتب


حكاية طائرات اليمنية ليست سوى حلقة أخرى ضمن حلقات مسلسل تكريس سلطة الحوثيين كمكافئ لسلطة الدولة .


كل ما في الأمر أن صانعي قرار الصراع اليمني يرسمون ملامح المشهد القادم بصورة واقعية ومبررات مقنعة نوعا ما .


لطالما دأب الخارج منذ بداية الصراع على إظهار تفوق الحوثيين عسكريا كما أسهم بطرق مختلفة في إضعاف كيان الشرعية من الداخل عسكريا وسياسيا وحتى إقتصاديا ، وهو ما مهد لاحقا لقبول فكرة التسليم بجماعة الحوثيين كقوة حاضرة وطرف رئيسي في معادلة الحرب والسلام، ليتم بالفعل شرعنة قوى إنقلابية عبر خطاب الأمر الواقع .


مؤخرا، أتيح للحوثيين التحول إلى لاعب إقليمي مؤثر من خلال أحداث البحر الأحمر ووصفه ب(مشكلة دولية ) يتعين على العالم التكاتف لإنهاءها، كان ذلك منعطفا مهما أفضى إلى تكريس سلطة الحوثيين وتأكيد فكرة إستحالة تجاوز الجماعة في خطة تحديد مستقبل اليمن السياسي، لاسيما مع معطى التصعيد العسكري الأميركي وعدم التمكن من إنهاء سلطة الحوثيين على صنعاء وبقية مدن الشمال رغم أنه ليس الهدف المعلن من تصعيد واشنطن لكنه كان الفرصة التي استفاد منها الحوثيين لتسويق صورة قوتهم مجددا في فكر حواضنها الشعبية .


سبق وأن تم إفساح المجال أمام جماعة الحوثي للسيطرة على قطاعات إقتصادية مهمة ولو عن طريق بوابة الشريك العماني وهي خطوة عملية جدا لتعزيز الهيمنة المحلية والذهاب بعيدا في مهمة تمكين النفوذ والسيطرة لمشروع الجماعة على الساحة، ولعل الإستحواذ على شركة إتصالات محلية بارزة قبل الإعلان عن إمكانية جلب منظومة نقل جوي مدني بديلا عن طائرات شركة اليمنية التي تم إستهدافها في صنعاء بصورة مبهمة تعد أمثلة واضحة على حالة تماهي مستغربة تصب في مجرى دعم الحوثيين غير المباشر وبخاصة حينما خلصت في جوهرها إلى تأكيد قدرة إستقلال سلطة الحوثيين عن كيان الدولة وبروزها كسلطة موازية في إدارة شؤون حيوية تتصل بمركز الدولة وحضورها .

كما وحرص الخارج أيضا على إدارة الحوثيين لمؤانى الحديدة وإستمرار تدفق الأموال خلالها لصالح تمكين تلك السلطة في مناطق الشمال، وهو مثال أخر على دعم الخارج لتلك السلطة .


ومع كل تلك التحولات النمطية يبرز الحوثيون اليوم كقوة حكم مستقلة وسلطة موازية لسلطة الشرعية وربما مكافئة في إدارة شؤون البلد وليس مناطق سيطرتها فقط .


ليبدو المشهد جليا في فهم إتجاهاته وإستنباط مغزى تحولاته فيما يتعلق باستشراف معالم المرحلة القادمة وكيف تم الإعداد لرسم تلك الصورة وتقديمها لذهن الداخل كنتاج واقعي لصراع متفاقم ومكلف ينبغي وضع حد لدوراته العنيفة وفق أي صيغة سلام متاحة ولو كانت تلك القادمة من الخارج والمقررة منذ البداية من صانع القرار الدولي .


شيئا فشيئا تتضاءل الشكوك بأن صراع اليمن يعد حقا لعبة محكمة الأدوار ومدروسة النتائج، لعبة برعت فيها قوى الخارج بتمرير أفكارها وتطبيع أجنداتها فيما أبدعت أطراف الداخل بتقمص الدور وتنفيذ المهمة، لعبة كان سر نجاحها هو عنصر الواقعية وسردية الإقناع وهما بالفعل ما كانا يتجليان دائما في عاطفة الجمهور المفرطة وسطحية تفاعل الناس إزاء كل تحول نوعي ظلت تجلبه رحى الصراع بلاتوقف .