آخر تحديث :الإثنين-01 سبتمبر 2025-11:15ص

حلف قبائل أبين: التوازن بين الموروث والتحوّل ..

السبت - 02 أغسطس 2025 - الساعة 11:01 ص
د. هزم أحمد

بقلم: د. هزم أحمد
- ارشيف الكاتب


اليمن...... أولاً

-- المقدمة:

حين تتزاحم التحديات، وتزداد الحاجة إلى التماسك، تصبح المبادرات الجامعة ضرورة لا ترفًا.

ومن هنا، تأتي أهمية التفكير في تأسيس حلف قبائل أبين، لا كردة فعل ظرفية، ولا كتمسك بحالة تاريخية خالصة، وإنما كاستجابة مرنة ومسؤولة لتحوّلات اجتماعية وسياسية واقتصادية عميقة يشهدها المجتمع الأبيني.


--- أولًا: بين أصالة القبيلة وتحولات الواقع


القبيلة ليست كيانًا جامدًا، بل كيان مرن تغيّر عبر الزمن.

كانت القبيلة في مراحل سابقة تشكّل الإطار الحاضن للقرار، والهوية، والأمان الاجتماعي.

لكن الواقع المعاصر فرض إضافات جديدة، أبرزها:


صعود التعليم والمؤسسات.


بروز الكفاءات المستقلة من أبناء القبائل.


توسّع المدن ومراكز الاقتصاد والإعلام.


تشكل أدوار جديدة لا تستند فقط إلى النسب أو الزعامة التقليدية.


من هنا، لا بد أن يكون حلف القبائل مشروعًا يدمج بين الأصالة والتحوّل، لا أن يقف عند أحدهما فقط.


---

ثانيًا: خارطة التأثير في الواقع اليوم


لنعترف بأن مشهد التأثير في محافظة أبين اليوم متعدد ومركّب، ولا يمكن اختزاله في نمط واحد.

إنه مزيج من:


الفئة مساهمتها في الواقع دورها في الحلف


الرموز القبلية

الكادر العسكري والامني

المثقفون والأكاديميون

السياسيون و اصحاب الفكر والاعلام

رجال المال والاقتصاد


هذا التنوع ليس عائقًا، بل هو ثروة إذا تم استيعابه وتوظيفه بشكل سليم.


--- ثالثًا: منطق التوافق لا الإلغاء


لا يدعو هذا الطرح إلى تجاوز الموروث، ولا إلى نفي الزعامة القبلية، بل إلى توسيع الفضاء الذي تعمل فيه هذه الزعامة، لتكون أكثر شراكة مع القوى الجديدة، وأكثر انسجامًا مع متطلبات العصر.


فالشرعية اليوم أصبحت تقوم على:


الكفاءة والإنجاز.


القدرة على خدمة الناس.


القبول المجتمعي العابر للقبيلة.


التجربة الواقعية في الميدان.


--- رابعًا: المرونة في فهم المتغيرات


كثير من الإشكالات التي وقعت فيها مشاريع سابقة، كانت نتيجة التمسك الصارم بنماذج تقليدية لم تعد تجد لها بيئة حاضنة. وواقع يخدمها

وهذا لا يعني أنها خاطئة، بل أنها لم تعد مناسبة بالشكل الذي كانت عليه.

ومن هنا، فإن المرونة الفكرية والتنظيمية هي مفتاح النجاح في أي حلف جديد.


--- خامسًا: الكفاءة لا تُلغِي الأصل.. بل تكمله


الزعامة الوراثية والقبلية حين تتكامل مع الكفاءة والمهنية، تنتج نموذجًا متقدمًا.

ولذا فإن الحلف يجب أن يستوعب الجميع، لا على أساس الماضي فقط، ولا على أساس الحداثة فقط، بل على أساس التكامل بين الجذور والأدوار الجديدة.


--- سادسًا: البناء على الواقع لا ضده


من المهم أن نقرّ أن كثيرًا من التحولات التي نعيشها اليوم – جامعات، مراكز اقتصادية، بنوك، مؤسسات مجتمع مدني – صحف ومراكز فكر وإعلام لم تكن جزءًا من الثقافة القبلية التقليدية، لكنها اليوم واقع فعلي يؤثر ويشارك في صناعة القرار.

وعليه، فإن حلف القبائل لا بد أن يتشكل وفق معطيات اليوم، لا فقط وفق ذاكرة الأمس.


--- خاتمة: نحو شراكة واعية ومسؤولة


إن تأسيس حلف قبائل أبين ليس مجرد استدعاء لرمزية، ولا التفافًا حول زعامة، بل هو:


صيغة توافقية مرنة.


منصة جامعة للخبرات والأصوات المختلفة.


تحالف يحترم الموروث، ويواكب الواقع، ويصنع المستقبل.


ولذا، فإن النجاح مرهون بقدرتنا على أن نكون وسطاء بين زمنين: نحمل وفاءً للأول، ونبني وعيًا بالثاني.