اليمن... أولاً..
مقدمة
في ظل ما يمر به اليمن من انقسامات سياسية واجتماعية حادة، وتراجع في مؤسسات الدولة، وغياب الرؤية الوطنية الجامعة، أصبح البحث عن نقطة بداية حقيقية لإعادة بناء الوطن أمراً ملحاً.
وقد أجمع عدد من السياسيين والمفكرين الوطنيين أن طريق إحياء مفهوم الدولة الوطنية ومفهوم اليمن يمر عبر وحدة محافظة أبين، وأنه قبل أن نرفع شعار "اليمن أولاً"، يجب أن نرفع عن وعي وإدراك شعار "أبين أولاً".
---
لماذا أبين؟
الحديث عن أبين ليس نابعاً من انحياز مناطقي، بل من قراءة علمية ومنطقية لواقع اليمن:
الموقع الجغرافي الوسط
أبين تقع في قلب التوازن اليمني، فهي حلقة وصل بين الشمال والجنوب، وملتقى بين الشرق والغرب، تطل على البحر العربي، وتجاور عدن غرباً، وشبوة شرقاً، والبيضاء شمالاً.
هذا الموقع منحها عبر التاريخ قدرة على لعب دور شَوْكة الميزان بين القوى المتباعدة، وجعلها معبراً استراتيجياً لكل اليمنيين.
. غياب التناقض المذهبي الحاد
على عكس بعض مناطق الشمال التي تمزقها الانقسامات المذهبية، أبين – شأنها شأن أغلب الجنوب – لا تعرف هذه الصراعات الحادة، مما يجعلها بيئة طبيعية لبناء توافقات وطنية.... وان كان لأبين ميزة بارزة عن بقيه المحافظات والمناطق في الجنوب ايضا فهي
الجسر بين المتناقضات
اليمن اليوم مقسم بين:
مناطق قبلية مذهبية محافظة في الشمال.
مناطق متأثرة بالمدنية والاستعمار البريطاني في الجنوب.
مناطق بقيت منعزلة عن الطرفين.
أبين تمثل الوسط الذهبي بين هذه الأطراف؛ فهي لم تنغمس كلياً في المدنية على حساب الأعراف، ولم تتجمد في القبلية على حساب التحديث.
.
. الثقافة الجامعة
أبناء أبين عاشوا في الشمال والجنوب، وشربوا من ثقافة الطرفين، ما جعلهم يمتلكون وعياً مزدوجاً يجمع بين الهوية الوطنية والانفتاح على التعدد، ويؤهلهم للعب دور الوسيط الجامع.
---
البعد الديني والنبوي
ورد في الحديث الشريف: "يخرج من عدن أبين أثنا عشر ألفا، ينصرون الله ورسوله، هم خير ما بيني وبينهم"، وهذا يعطي دلالة رمزية وروحية على أن هذه الأرض وأهلها يمكن أن يكون لهم دور في نصرة الحق وجمع الكلمة.
---
أبين… البوابة الطبيعية لإنقاذ اليمن
السياسيون الذين يدفعون نحو توحيد أبين يدركون أن البيت الذي لا يتماسك داخلياً لا يستطيع أن يسهم في بناء البيت الأكبر.
توحيد أبين هو نموذج مصغر لما يمكن أن يكون عليه اليمن الموحد:
وسطية جغرافية.
وسطية ثقافية بين الريف والحضر.
غياب الانقسام المذهبي.
إرث نضالي ووطني مشترك.
الخلاصة
شعار "أبين أولاً قبل اليمن أولاً" ليس تعبيراً عاطفياً، بل رؤية استراتيجية تستند إلى حقائق الجغرافيا، ووقائع التاريخ، وطبيعة المجتمع.
أبين هي القلب الذي يمكن أن يضخ الدماء في جسد اليمن الممزق، والعقل الذي يمكن أن يجمع المتناقضات على كلمة سواء.
من هنا، فإن أي مشروع لإنقاذ اليمن، وإعادة بناء وحدته الوطنية، يجب أن يبدأ من أبين، لأنها النواة الوسطية القادرة على حمل مشروع الوحدة الشاملة.