آخر تحديث :السبت-18 أكتوبر 2025-12:07ص

اسوار التعصب

الأحد - 10 أغسطس 2025 - الساعة 04:45 م
حسين سالم العولقي

بقلم: حسين سالم العولقي
- ارشيف الكاتب


نقنع أنفسنا دائماً بأن الغد سيكون أكثر ملاءمة، وبأننا سنبدأ حياة

مختلفة في الجنوب، دون أن ندرك أن هذه العبارات ليست سوى

أقنعة يختبئ خلفها التعصب الأعمى والعنصرية.

لا يمكننا المضي قدمًا ونحن عالقون في ظلال الماضي

معظم القادة وليس كلهم مصابون بداء الغرور والعظمة، وقد

وصلوا إلى السلطة عبر استثارة العصبيات لا بالكفاءة ولا

بالمشاريع الوطنية. اتخذوا التفرقة دستورًا خفيًا، لتقسيم

الولاءات، ثم اعادوا رسم الخرائط على مقاس سلطتهم. بعضهم

يتعامل مع الوطن وكأنه إقطاعيات متفرقة من العصور الوسطى.

لا أعلم من أخبرهم أننا نعيش في رفاهية سويسرا، بينما

المجاورون يقتاتون على رماد الجحيم!

يا عزيزي، القوانين واضحة في كل دول العالم : إذا فقدت جواز

سفرك، يمكنك التوجه إلى أقرب قسم شرطة للإبلاغ، بغض النظر

عن انتمائك أو قبيلتك، أو حتى إن كنت من كوكب المريخ!

الامر لايتعلق بورقة رسمية فقدت طريقها، انما عقول أضاعت

بوصلتها في رياح التعصب، عقلية تسيء لا للشخص المستهدف

فحسب، بل لسمعة المدينة بأكملها. نحن بلد واحد على الأقل على

الورق ومن حق أي مواطن أن يحصل على وثائقه أينما كان.

يخبرنا التاريخ أن التعصب لا ينتج إلا الخراب والدمار، وأن كل

الأنظمة التي وضعت الولاء للطائفة فوق الولاء للوطن، انتهت إلى

الانقسام أو السقوط.

في العالم المتحضر، اختفت هذه الحكايات منذ زمن.

في الولايات المتحدة، حيث يعيش الملايين من مختلف الأديان

والأعراق، تجد الكنيسة بجوار المسجد، والمعبد اليهودي بجانب

المركز البوذي، والجميع يُعامل كمواطن له حقوق.

وفي أوروبا، بعد حرب عالمية أكلت الأخضر واليابس، ودمرت

مدنًا بالكامل، وحصدت أكثر من خمسين مليون إنسان، عادوا

للبناء والتسامح، فتحوا الحدود، وألغوا فكرة أن الوثائق مرتبطة

بالانتماءات السياسية أو الحزبية. أصبح الفرنسي يعمل في ألمانيا،

والألماني يشتري بيتًا في إيطاليا، دون أن يقف أحد امامة ويخبرة

: “عدالى بلدك؟”. يمكنك أن تشرب قهوتك في هولندا وقدميك في

بلجيكا!

لكن على النقيض، يوغسلافيا كانت دولة موحدة، انهارت في

التسعينيات بسبب النزعات القومية والمناطقية، فانقسمت إلى سبع

دول غارقة في الحروب الأهلية.

ولبنان عانى حربًا أهلية استمرت 15 عامًا، لأن كل طائفة

ومجموعة قررت أن ولاءها لهويتها الصغيرة أهم من ولائها

للوطن الكبير.

حتى “الفوهرر” أدولف هتلر، زعيم النازية، سقط سقوطًا مدويًا

لأنه أراد أن يحكم العالم بعصبية عمياء، معتقدًا أن التفوق العرقي

سيبقيه خالدًا،

التاريخ لايرحم احد..اما ان نصنع غداً نفاخر بة ونتجاوز اسوار

التعصب او نسقط بالحفرة التي ابتلعت غيرنا و نترك الأجيال

القادمة تكتب قصة سقوطنا ..