آخر تحديث :السبت-18 أكتوبر 2025-01:26م

إنهم قلة..

الإثنين - 11 أغسطس 2025 - الساعة 08:51 ص
صفوان القاضي

بقلم: صفوان القاضي
- ارشيف الكاتب


ما أصعب العثورَ عن حفنةٍ محفوفةٍ بالوعي، في آفاقِ المعرفة. حفنةٌ أو جماعةٌ أو حتى بضعُ أشخاصٍ يُنسب إليهم الوعيُ والثقافة، وتقبُّلُ الرأيِ الآخر بأسلوبِ الحوارِ والسلاسةِ في تبادلِ الأفكار وتصحيحِ الأخطاء.

ما أودُّ رفقتَهم والعيشَ في أوساطِهم هم نوادرُ وقِلَّةٌ يفتقرُهم المحيطُ من حولك، ومبهمون أيضًا أولئك ذاتُ الفكرِ الناضجِ والآراءِ السليمة، السليمون من الخدوشِ والهشاشةِ الضحلةِ في تقييمِ الفكرةِ وانتقادِ الخطأ.

هؤلاء الصنفُ القلائلُ يعجزُ المجتمعُ عن إنتاجِهم بالكمِّ المراد، في ظلِّ ركودِ الثقافةِ عن صناعةِ الإنسانِ وإعادةِ تشكيلِه بالوعيِ والمعرفة.

ما أرنو لتحقيقِه شخصيًّا هو علاقةُ اتصالٍ وتواصلٍ تربطني بصحبةِ هذا الكنزِ الثمين، والجوهرِ النادر، والثريِّ بروحِ الإيجابيةِ والعفويَّةِ والنقاءِ الداخلي.

في المربَّعِ المحيطِ المقيمِ فيه، مسقطِ رأسي، بل وقريتي أيضًا التي نشأتُ وترعرعتُ فيها منذ الصغر، في الريف، في المربَّعِ المحيط تحديدًا، يُحظى بمجتمعٍ انطوائيون ومصابون بانفصاماتٍ شخصيةٍ وهوسِ العزلة، ربما. بما يجعلني أعاني كثيرًا من إيجادِ الشخصِ المناسب في المكانِ المناسب والوقتِ المناسب لطرحِ الآراءِ وخوضِ النقاشات وتلاشي العثرات، وكلِّ ما يجول في مخيِّلةِ الإنسان.

إنني في هذا الحلمِ مكبَّل، وعاجزٌ أيضًا عن تكوينِ روابطَ متينةٍ توصلني بالغايةِ المرادِ تحقيقها؛ فهنا تُخاضُ حواراتٌ باردة، وأشياءُ تافهةٌ بلا قيمةٍ ودون جدوى، لا يُنجبُها العقلُ ربما، ولا يتقبَّلها المنطق، بينما يتعثَّر آخِذُها في الوحل، ولا جديرَ بالإنسان إلا السموُّ والرؤى السديدة.

وفي إطارِ هذا السرد، فأنا أصفُ شفافيةً مقيتة، وظاهرةً مجرَّدةً من سماتِ الرقي، ولا يُدركها مدى بعدُهم بأنَّها سطحيةٌ، وفي معزلٍ عن أيديولوجيةِ الصواب، ومجاراةِ الزمن، ومواكبةِ تفوُّقه في سباقِ المستحيل.