آخر تحديث :الأربعاء-17 سبتمبر 2025-01:04م

غزة بين حصار الموت وصمت الأمة.. صمود يكتب التاريخ

الجمعة - 15 أغسطس 2025 - الساعة 06:18 م
شهاب سنان

بقلم: شهاب سنان
- ارشيف الكاتب


672 يومًا من الجحيم، منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى الأول من أغسطس 2025، تقف غزة وحيدة في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية. سنة وتسعة أشهر وتسعة وعشرون يومًا من المجازر والدمار والحصار، لم تُبقِ حجرًا على حجر، ولم تُبقِ شيخًا أو طفلًا أو امرأة إلا وكانوا هدفًا لصواريخ الاحتلال.

هذا العالم المنافق صامت.

العرب والمسلمون صامتون.

لا يسمع الغزيون إلا بيانات شجب باهتة لا تتجاوز الميكروفونات، ولا يرون إلا تهديدات جوفاء تُطلق عبر شاشات التلفاز. أما على الأرض، يموت الناس جوعًا بعد أن أفلتوا من الموت تحت القصف، ويُقتل الأحياء بالحصار كما قُتل الشهداء بالنار.

ومع هذا الخراب، غزة لم تنكسر في أزقتها المهدّمة، يقف رجال الله، يقاتلون بقلوب صلبة وعزائم من حديد. جيش صغير بإمكانات متواضعة، لكنه يملك ما لا تملكه جيوش بأكملها: عقيدة راسخة بأن الأرض حق، وأن الدم فداء، وأن الموت في سبيل الله حياة.

لكن أين الأمة؟ أين الذين يرفعون شعارات الكرامة؟ أين أولئك الذين يتحدثون عن نصرة المستضعفين؟ لقد غرق العرب في خلافاتهم، واستسلم كثير من قادتهم لمعادلات العار السياسي، حتى صدق فينا حديث رسول الله ﷺ:

> "يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.

فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟

قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل،

ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم،

وليقذفن في قلوبكم الوهن.

قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟

قال: حب الدنيا وكراهية الموت."

غزة اليوم تقاتل نيابة عن أمة كاملة، تدافع عن كرامتها وعن مقدساتها، بينما انهارت القوانين الدولية، ودُفنت حقوق الإنسان تحت ركام غزة، وأثبتت المحاكم الدولية أنها مجرد ديكور يخدم الأقوياء.

إنها بقعة صغيرة على الخريطة، لكن الله اصطفى أهلها لحمل أمانة الدفاع عن دينه وأمته.

وبوصفي صحفيًا مسلمًا عربيًا يمنيًا، لا أملك سوى أن أنحني إجلالًا لهؤلاء الأبطال، وأقبّل جباه كل مقاتل صامد فوق تراب غزة.

غزة ليست معركتها فقط؛ إنها معركة كل عربي ومسلم. وإن خذلها البشر، فلن يخلف الله وعده بالنصر. اللهم انصر غزة وأهلها نصرًا عزيزًا مؤزرًا، فإن قوتك فوق كل قوة، وعدلك فوق كل عدل.