تداعيات الحرب على الضمير والقيم تتجاوز آثار الحروب المادية والبشرية لتغور في نسيج المجتمع وقيمه. فما نراه اليوم هو تصادم قاسٍ تفرض فيه طفيليات منطق الغلبة، وتصادر كل شيء بلا هوادة.
لقد خلفت الحرب في نفوس الأفراد، وخاصة الضعفاء، ندوبًا عميقة، وجعلت من منطق القوة والسيطرة سلوكًا اعتياديًا. وفي هذا الواقع المرير، يتساقط الأفراد الذين لا سند لهم أمام موجات الزيف وتفشي الشر. وتبرز في المقابل فئة تجيد فن التزلّف والانتهازية، وتستغل أي فرصة لتحقيق مكاسب شخصية، حتى وإن كان ذلك على حساب وحدة المجتمع وتماسكه.
إن التحذير من انتهاك خصوصية الآخرين واستقلالية عملهم لم يعد له معنى لدى الكثيرين. كان الأجدر بهم تقديم النصح والتوجيه، لكن فقر الأخلاق قادهم إلى تسلق هرم الذات المنسحق تحت وطأة الرغبات.
إن مجتمعنا يعاني اليوم من تشظٍ ناجم عن أزمة ضمير متصاعدة وغياب أخلاقي، وهذه هي أخطر نتائج الحروب التي تترك جرحًا لا يندمل.