اليوم كنت في عقبة ثرّة، ذلك الجبل الذي يختزن بين ثناياه تاريخًا من المعاناة، وواقعًا من التحدي، ومستقبلاً من الأمل. التقيت هناك بقائد المنطقة، وهو أحد طلابي القدامى، القائد محمد مزاحم، قائد المقاومة في لودر. الذي كان يتحلى بالمرونة والشجاعة والحزم في اتخاذ القرار والذي نتمني من قيادات المنطقة ان يحتذوا بحذوه وجلسنا معه نتحدث عن فتح العقبة، وعن أهميتها التي يدركها كل أبناء المنطقة، ثم ترجل من سيارته وأمر بإحضار الشيول لفتح العوائق في الطريق، وتعهد أن يتم العمل ابتداءً من هذا اليوم.
لم يكن اللقاء رسميًا فقط، بل كان لقاءً إنسانيًا أيضًا. عزمنا على الغداء والقات وسط العقبة، وكأن الجبل نفسه كان يحتفل معنا. حضر حشد كبير من أبناء المنطقة، وكان الحماس والفرحة مرسومة على وجوه الجميع، كأنهم يشهدون ميلاد حياة جديدة بعد طول انتظار.
لماذا عقبة ثرّة مهمة؟
طريق ثرة ليست مجرد عقبة جبلية، بل هي شريان استراتيجي يربط محافظة أبين بمحافظة البيضاء، ويختصر المسافات، ويخفف عناء السفر، ويفتح أفقًا للتواصل التجاري والاجتماعي بين القرى والمدن.
لطالما كانت هذه العقبة رمزًا للمعاناة، فالطرق الوعرة والعوائق الصخرية حرمت الأهالي من سهولة التنقل، وأجبرت الكثيرين على سلوك طرق أطول وأخطر. فتح ثرّة يعني فتح باب الأمل أمام المزارعين، والتجار، والطلاب، وحتى المرضى الذين كانوا يتكبدون المشقة للوصول إلى أقرب مستشفى.
البعد الوطني
أكثر من مرة، كانت ثرّة مسرحًا للمواجهات ومعبراً استراتيجيًا للقوى المتصارعة. واليوم، حين يلتف أبناء المنطقة حول مشروع فتح الطريق، فإنهم لا يفتحون مسارًا ترابيًا فقط، بل يؤوسسون لفعل وطني جامع، عنوانه: أن التنمية والبناء أهم من الحرب والدمار.
كلمة أخيرة
ما شهدته اليوم في عقبة ثرّة لم يكن حدثًا عابرًا، بل كان لوحة إنسانية وسياسية في آن واحد. أبناء لودر والبيضاء وكل أبين، حين يجتمعون على مصلحة عامة، يصنعون تاريخًا جديدًا لأجيالهم.
عقبة ثرّة لم تعد عائقًا، بل صارت رمزًا للأمل.