وجه الله تعالى في القرآن الكريم خطاباً مباشراً إلى من مكنهم في الأرض، موضحاً لهم مقتضيات التمكين وسبل الحفاظ عليه.
ففي سورة الحج، يقول الله تعالى: "الذين إن مكّنّهم في الأرض أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور" (الحج 42).
هذه الآية الكريمة تلخص بشكل واضح أن التمكين الحقيقي لا يتحقق إلا بالالتزام بمبادئ الدين، من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
فهي شروط أساسية لدوام النعمة، وبدونها، فإن سلب التمكين حتمي، كما جاء في الآية: "الذين إن مكّنّهم في الأرض أقاموا الصلاة..."، أي أن التمكين مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتمسك بالقيم والمبادئ والأخلاق الإسلامية.
وفي سياق آخر، يوضح الله في سورة النور قال: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" (النور 55).
هذه الآية تتحدث عن وعد إلهي واضح، بأن الله سيمنح الأمة التمكين إذا التزمت بدينها، وعبّرت عن إيمانها، وابتعدت عن الشرك والمعاصي.
فهي بمثابة وعد إلهي، يربط بين الالتزام بالدين وتحقيق الأمن والتمكين على الأرض.
وفي ظل هذا الواقع الذي تعيشه الأمة اليوم، من ذل وهوان، تتجلى الحاجة الماسة إلى استعادة المبادئ التي وضعها الله، والتمسك بها، لتحقيق التمكين الحقيقي.
فالأمة بحاجة إلى مراجعة ذاتية، وإعادة ترتيب أولوياتها، والعودة إلى القيم التي تضمن لها عزتها وكرامتها، بدلاً من الاعتماد على الحلول السطحية أو التبريرات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
إنها دعوة صادقة لكل من يحمل مسؤولية، أن يتذكر أن التمكين الحقيقي لا يأتي إلا بالتمسك بالدين، والعمل على تطبيق تعاليمه، وأن الله وعد من التزم بذلك أن يبدل خوفه أمناً، ويحقق له المجد والكرامة والتمكين في الارض.
فهل نعي دروس القرآن ونتعظ، لننهض بأمتنا من جديد، ونحقق وعد الله الذي لا يخلف وعده.؟!