آخر تحديث :السبت-22 نوفمبر 2025-12:52ص

مستقبل الطلاب اليمنيين في مصر وغياب التنسيق الرسمي

الخميس - 28 أغسطس 2025 - الساعة 01:36 م
عارف ناجي علي

بقلم: عارف ناجي علي
- ارشيف الكاتب


تشهد قضية المدارس اليمنية في جمهورية مصر العربية منعطفاً خطيراً قد يهدد مستقبل أكثر من ٧٠٠٠ طالب وطالبة موزعين على مختلف المراحل الدراسية من الأساسي وحتى الثانوية العامة. فهذه المدارس، التي تأسست لتلبية احتياجات أبناء الجالية اليمنية، تواجه اليوم تحديات وجودية بسبب تضارب القرارات وغياب التنسيق الجاد بين الجهات الرسمية اليمنية والمصرية.


خلفية المدارس اليمنية في مصر


تعمل نحو ١٥ مدرسة يمنية في أحياء مختلفة مثل مدينة نصر، الدقي، المهندسين، فيصل، والهرم. هذه المدارس تدرّس المنهج اليمني فقط، وتخضع لإشراف مباشر من وزارة التربية والتعليم اليمنية في عدن، بما في ذلك الامتحانات الوزارية لمرحلة الثانوية العامة، أسوة بالمدارس اليمنية في بلدان أخرى مثل ماليزيا وتركيا وجيبوتي.


منذ العام ٢٠١٨ وضعت هذه المدارس تحت مظلة السفارة اليمنية في القاهرة، وتولت الملحقية الثقافية ملف الإشراف عليها. غير أنّ المدارس لم تُمنح تراخيص رسمية من وزارة التربية والتعليم المصرية، ما جعلها عرضة للمتابعة والرقابة في أي وقت.


بداية الأزمة


في عام ٢٠٢٤ شكّلت وزارة التربية والتعليم المصرية لجاناً للنزول إلى المدارس اليمنية بغرض تقنين أوضاعها وفق الشروط والضوابط المعمول بها في مصر. وبالفعل أُغلقت بعض المدارس بشكل مؤقت، ثم سمح لها باستكمال العام الدراسي (٢٠٢٤–٢٠٢٥) بعد تدخلات من الملحقية الثقافية ورئاسة الجالية اليمنية.


خلال فترة الإجازة الصيفية عمل ملاك المدارس على استيفاء الشروط المصرية، حتى أن بعضهم استأجر مدارس مصرية مؤهلة لاستمرار العملية التعليمية. وقد أبدى الجانب المصري مرونة مشروطة بضرورة تقديم خطابات رسمية من وزارتي التربية والخارجية اليمنيتين إلى نظيراتهما المصريتين، لتجديد التراخيص وفتح المدارس.


لكن المفاجأة كان هناك رائي اخر للسفير خالد بحاح وذلك وهو اغلاق المدارس اليمنية كلياً بحجة أن القرار صادر من الجانب المصري، مقابل نفي وزارة التربية المصرية وجود أي توجيه رسمي بهذا الشأن، وهو ما كشفه الصحفي والبرلماني المصري مصطفى بكري بعد لقائه رئيس الجالية اليمنية.


هذا التخبط سيؤدي الى تداعيات خطيرة على الطلاب بترك أولياء الأمور في حالة قلق شديد، خاصة طلاب الثانوية العامة الذين يعتمد نظامهم على التراكم لثلاث سنوات دراسية. التحاقهم بالمدارس المصرية يعني:


مواجهة اختلاف المناهج وصعوبة التأقلم مع الثقافة التعليمية الجديدة.


ارتفاع معدلات القبول للوافدين في الجامعات المصرية، بخلاف الطلاب اليمنيين الحاصلين على شهادة الثانوية اليمنية.


حرمان بعضهم من فرص التعليم الجامعي في الأزهر الشريف، إذ لا تقبل الشهادة المصرية ضمن المكرمات المجانية الممنوحة لليمنيين.


أعباء مالية إضافية تتعلق بالإقامة ورسوم التسجيل والغرامات، وهو ما يزيد معاناة الأسر اليمنية المقيمة في مصر.


اذا ماهو دور المختصين بوزارة التربية والتعليم اليمنية من كل ما يحدث؟


لماذا غياب التنسيق الرسمي مع وزارة الخارجية اليمنية للتواصل المباشر مع السلطات المصرية؟


وهل من المنطقي أن يُترك مصير آلاف الطلاب رهينة قرارات فردية أو صراع صلاحيات داخل السفارة والملحقية؟


لذلك نقترح


1. تدخل عاجل من وزارة التربية والتعليم اليمنية والخارجية للتنسيق مع نظيراتهما في مصر لتجديد تراخيص المدارس اليمنية المؤهلة.


2. السماح باستمرار عمل المدارس اليمنية التي استوفت الشروط المصرية، مع بقاء الإشراف المشترك (يمني–مصري).


3. الحفاظ على الهوية التعليمية اليمنية عبر الاستمرار في تدريس المنهج اليمني لأبناء الجالية، بما يضمن ارتباطهم بالثقافة والهوية الوطنية.


4. إعادة النظر بملف الإشراف التعليمي داخل السفارة، وتكليف كوادر مؤهلة قادرة على إدارة الملف التعليمي بمهنية بعيداً عن المصالح الشخصية.


بالختام إن قضية المدارس اليمنية في مصر ليست شأناً إدارياً بحتاً، بل هي معركة وجودية لمستقبل جيل كامل. الصمت والتقاعس عن التحرك سيؤديان إلى ضياع سنوات دراسية من حياة الطلاب، وحرمانهم من فرص التعليم الجامعي، ما يعد جريمة في حقهم وفي حق الوطن. المسؤولية هنا تقع أولاً وأخيراً على عاتق الدولة اليمنية ووزارتها المختصة، وعليها التحرك الفوري قبل أن يُفرض على الطلاب وأسرهم واقع مأساوي لا رجعة فيه.