في ظل الأحداث التي تمر بها العديد من الدول العربية والإسلامية، يبرز سؤال مهم حول دور الأمة في مواجهة التحديات والمحن. هل نحن أمام أزمة قيادات، أم أزمة أمة بأكملها؟
سؤال يثير الكثير من النقاشات والجدل بين المفكرين والسياسيين، ويحتاج إلى تأمل عميق في دروس التاريخ والواقع.
*عبرة من التاريخ.*
يحكى أن ابنة هولاكو، زعيم التتار، كانت تتجول في بغداد، حيث رأت تجمع من الناس من يلتفون حول رجل من علماء المسلمين. فامرت باحضاره ، فأتوا به بين يديها، وسألته: "ألستم تؤمنون بالله؟" فأجابها: "بلى". فقالت: "ألا تزعمون أن الله يؤيد المؤمنين بنصره؟" فرد عليها: "بلى". فقالت: "ألم ينصرنا الله عليكم؟" قال: "بلى". فاستفسرت: "فهل يعني ذلك أن الله يحبنا أكثر منكم؟" فرد عليها: "لا". فسألت: "ولماذا؟" أجابها: "هل تعرفين راعي غنم؟" قالت: "نعم". قال: "هل معه بعض الكلاب؟" فردت: "نعم". قال: "ماذا يفعل الراعي إذا، شردت بعض أغنامه وخرجت عن سلطانه؟" قالت: "يُرسل عليها كلابه لتعيدها إلى سلطانه". قال: "كم تستمر الكلاب في مطاردة الخراف؟" فردت: "مادامت شاردة". فاختتم الحديث قائلاً: "فأنتم أيها التتار، كلاب في أرض الله، وطالما بقينا نحن المسلمون شاردين عن منهج الله وطاعته، فستبقون تطاردونا حتى نعود إلى منهج الله عز وجل".
هذه القصة تحمل في طياتها درسًا عميقًا، يذكرنا بأن الله يسلط على عباده من يراه مناسبًا، ليعيدهم إلى الطريق الصحيح، إذا ما ابتعدوا عن منهجه. فكما أن الكلاب تُطارد الخراف الشاردة، فإن الله يرسل من يطاردنا عندما نبتعد عن طاعته، ليعيدنا إلى جادة الحق.
واليوم، كما كنا بالأمس، نعيش في زمن تتكرر فيه الدروس، حيث يسلط الله علينا من يطاردنا، ليوقظ فينا روح العودة إلى منهج الله، ويذكرنا أن التوحد والرجوع إلى الله هو السبيل الوحيد لاستعادة قوتنا، وكرامتنا، وتمكيننا في الأرض.
وما نراه اليوم من تحديات في العديد من الدول العربية والإسلامية، من نزاعات، وتدخلات خارجية، وتفكك، هو بمثابة رسائل إلهية تهدف إلى تصحيح المسار.
الدرس الأهم هو أن العودة إلى الله هي الحل الوحيد لمواجهة هذه التحديات.
هذا هو السبيل الوحيد لاستعادة القوة والوحدة والتمكين في الأرض.
فلنعتبر من دروس التاريخ، ولنعود إلى طريق الحق، قبل أن تشتد علينا الكلاب، وتطاردنا إلى الأبد، فالله هو الحاكم، وهو القادر على أن يغير الأحوال، إذا عدنا إليه تائبين صادقين..