آخر تحديث :الخميس-18 سبتمبر 2025-03:43ص

الحضارم والقات خطوات الضياع1

الأربعاء - 17 سبتمبر 2025 - الساعة 04:34 م
محمد أحمد بالفخر

بقلم: محمد أحمد بالفخر
- ارشيف الكاتب


عرفت حضرموت زراعة بعض الأشياء الضارّة مثل التبغ (التمباك) وكان يطلق عليه الحُمّي نسبة إلى وادي حمم في أرياف المكلا حيث يُزرع وكذلك تمّت زراعته في غيل باوزير،


ويباع في السوق المحلي ويتم تصديره أيضاً إلى عدن وشمال اليمن لكثرة استخدامه من قبل مخزني القات ليزداد الكيف في مجالسهم،


فيهيمون في التفكير والتخطيط لبناء المستقبل المنشود وهم ينثرون أعمدة الدخان المتطايرة من بين شفاههم مع كلّ شفطه عميقة من (المداعة) التي تحتل الصدارة في دواوينهم العجيبة،


وكذلك يتم تصديره إلى بعض الدول العربية وبكميات محدودة جداً،


أيضاً عرفت حضرموت طامّة أخرى جلبها إلى حضرموت العسكر الهنود الذين أحضرهم السلطان القعيطي ألا وهي نبتة التنبول وتمت زراعتها في منطقة المعدي القريبة من مدينة الشحر وبعض المناطق التي تتوفر فيها غيول الماء،


وكان يتناولها الكثير في المكلا وعدن على وجه التحديد وحيث تواجد الجالية الهندية لكن بعد ذلك تعاطاها الكثير من غيرهم وتشكّل منظر غير حضاري عندما تشاهد من يتعاطاها رغم أنها ورقة خضراء واحدة يتم دهنها بأصباغ حمراء وبيضاء يضاف لها مسحوق هندي يسمى (الفوفل) ويضعها المتعاطي في فمه ويكثر البصق في الشارع لدرجة أن الأرصفة صارت بقع حمراء من كثرة ما يبصقون عليها،


حقيقة منظر مقزز بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتقريباً تكاد تكون انتهت تماماً في حضرموت بعد دخول القات للسوق الحضرمية بعد العام 1990م،


إلاّ إذا كان هناك نزرٌ يسير من ذوي الأصول الهندية،


وأمّا القات فلم تعرفه حضرموت في الأزمنة القديمة وحتى في العصر الحديث لأسباب كثيرة منها:


بُعد المسافة بين حضرموت ومواقع زراعته سواءً في الضالع أو يافع فيما كان يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو حتى مواقع زراعته في المناطق الشمالية فيما كان يسمى الجمهورية العربية اليمنية،


كذلك عدم توفر وسائل النقل في ذلك الوقت فأقرب نقطة مسافة بين عدن والمكلا كانت السيارة تحتاج ستة أيام للوصول الى عدن والعكس كذلك،


وكذلك عدم وجود حركة تنقل للمواطنين بين حضرموت ومناطق الشمال إلاّ فيما ندر،


وإن حصلت هجرة لعدد لا باس به من الحضارم الى عدن تحديداً فغالباً لم يعرف عنهم في تلك الأزمنة أنهم تعاطوا القات إلاّ النادر والنادر لا حكم له كما تقول القاعدة الفقهية،


وكذلك هجرة الحضارم الى الساحل الاريتري وبلاد الحبشة وكينيا وتنزانيا وزنجبار وهي مواطن للقات هي الأخرى فالغالب على من ذهب هناك من الحضارم الاستقرار في تلك البلدان وإن من أحدٍ منهم عاد الى حضرموت فمؤكد أنه لم يأتي ومعه القات من تلك البلاد البعيدة إن كان قد تعاطاه في مهجره،


وإلى ما قبل قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في نوفمبر1967م كان معظم أفراد الشرطة للسلطنة القعيطية من أبناء يافع فإن حصل من بعضهم تعاطي للقات فهو بشكل محدود وفيما بينهم فقط ولا يكاد يذكر وغالبا ما يكون مجفف ومطحون وبالتالي لا يصل متعاطيه لدرجة الكيف كما لو كان أخضراً طازجاً،


وبهذه الحالة لا يصل الى مستوى البيع او التداول،


وبالتالي لم نسمع عن انتشاره أو تعاطيه من قبل بعض الحضارمة،


وقد كان لذلك أسباب كثيرة حالت دون تمكنه من الانتشار في حضرموت مثل بعد المسافات مع المصدر كما أسلفت وعدم توفر طرق تسهل وصوله في أيام معدودات وعدم توفر وسائل التخزين حينها مثل البرادات أو ما شابهها وكذلك حركة الطيران محدودة جداً بين عدن وحضرموت ومن باب أولى مناطق الشمال، وكذلك ضيق ذات اليد عند الكثير وعدم توفر السيولة النقدية وسمة المجتمع (محافظون)


وهي النقطة الرئيسية في كل هذا الموضوع،


بعد إسقاط سلطنة حضرموت في 17سبتمبر 1967م بأيدي رفاق الجبهة القومية وإعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في 30 نوفمبر 1967م وحينها أصبحت حضرموت محافظة من محافظات الجمهورية الوليدة وبدأ الترابط يزداد مع العاصمة عدن من خلال حركة الناس والمسؤولين والتنقلات للعسكر وغيرهم،


ومع استكمال أول طريق مسفلت عام 1977 والذي أقامته جمهورية الصين الشعبية تكريماً للرئيس سالمين لعلاقته الوطيدة معهم ومن نتاج زيارته التاريخية للصين،


هنا سأتوقف نظراً لضيق مساحة العمود ونكمل الأسبوع القادم بإذن الله.