آخر تحديث :الخميس-18 سبتمبر 2025-03:43ص

هل تعلمون..

الخميس - 18 سبتمبر 2025 - الساعة 12:16 ص
فؤاد مرشد

بقلم: فؤاد مرشد
- ارشيف الكاتب


ما الذي يجري في اغلب المدارس منذ كسر الاضراب حتى اليوم؟

إنه ليس تعليما بالمعنى الذي نعرفه.

شبح الاضراب وغياب الراتب ما زال يخيم على الأجواء، إحباط ثقيل وعدم رضا ينهش المعلمين فاصبحت العملية التعليمية معتلة، تمشي متعثرة كجسد بلا نبض.

أضيفوا إلى ذلك ما يعيشه التلاميذ والمعلمين في الشعب الدراسية من رطوبة شديدة وحر لا يرحم فالتيار الكهربائي ينقطع عشر ساعات أو يزيد، والحلول البديلة كالواح الشمس تتعثر حين تغيب الشمس أو الطاقة مهترئة.

لذا كيف تبقى روح التعليم حية في فصول تختنق من الحر؟

ثم تاتي الكثافة الطلابية كصفعة أخرى.

أستحضر العام قبل الماضي، حين صرخ التلاميذ من شدة الحر، وأصدر حينها محافظ عدن قرارا بوقف الدراسة أسبوعين حتى يتحسن الجو، لكن اليوم لا أحد يسمع الصرخة لان الجسد منهك والانين لا يسمع .

ولا أريد فتح جرح الكتاب المدرسي الغائب فذلك وجع آخر.

لذلك لمن يظن أن العملية التربوية قد عادت طبيعية بعد الهجمة الشرسة على المعلمين وكسر إضرابهم ، نقول لهم هذا وهم.

زوروا اقرب مدرسة لكم وقفوا عند باب فصل مزدحم وجربوا المكوث دقائق في حرارة كتلك، ثم أخبروني، كم من الوقت تستطيعون البقاء في بيئة صفية خانقة كهذه؟

احدى المشرفات الاجتماعيات صباح اليوم في احدى الثانويات تقول بمعدل خمس طالبات تقريبا كل يوم يسقطوا بسبب الهبوط من شدة الحر في الفصول وبسبب سوء التغذية!!!

عموما هي حلقة مفرغة تدور، ما لم يعط المعلم حقه وما لم يصرف راتبه بانتظام نهاية كل شهر لن تجدوا الا معلم مكسور لا يجد ما يسد به جوعه وجوع اسرته، وبيئة مدرسية لا احد يهتم بها اضافة الى غياب الكتاب المدرسي، فلن يكون التعليم سوى ظلّ لما كان.

اما انتم يا من تهاجمون المعلم حين يطالب بأبسط حقوقه (راتبه الهزيل) كفوا عن تبريراتكم السخيفة حينما تقولون ليس المعلم وحده من يعاني!

هل المطلوب إذا أن يموت صامتا؟ سحقا لتبرير أجوف، او حينما

تذكروننا بان في المناطق الشمالية هناك من يعيش بنصف راتب أو بلا راتب، وكأن الجوع يعالج بجوع آخر هذا ان كنتم صادقين.

إلى كل من يتشدق أنانية، أو يطبل لمصلحة ما، نقول له المعلم لا يطلب سوى حقه، راتبه الهزيل (لقمة عيشه) فما بالكم بحقوقه المصادرة.

هل سمعتم هذا الحق ليس منًة من أحد بل حياة.

ويا من تجلسون في المكاتب المكيفة انزلوا يوما واحدا فقط إلى الفصول المختنقة بالحرارة، اجلسوا بين ثمانين جسدا صغيرا يتصبب عرقا وجربوا ان تشرحوا درسا واحدا بلا راتب ولا كتاب ولا كهرباء ولا فطور ولا أمل، ولا دولة!

ولتعلموا بعد ذلك ان التعليم بلا كرامة المعلم، وهم،

وبلا راتب قبر مفتوح للاجيال القادمة.

لذا اعطوا المعلم حقه قبل ان تفقدوا آخر ما تبقى من ضوء في هذه البلاد.

فؤاد مرشد