استفاقت مدينة تعز صباح الخميس 18 سبتمبر 2025 على جريمة مروّعة هزّت وجدانها، بعد أن اغتيلت ابتهال المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين، برصاص الغدر والبلطجة.
لم تكن هذه الحادثة مجرد اغتيال عابر، بل صدمة عميقة أشعلت غضبًا شعبيًا واسعًا، وجدلاً سياسيًا محتدمًا حول مصير المدينة وأمنها ومستقبل مؤسساتها.
ومع اتساع رقعة الغضب، حاول البعض استغلال الجريمة لإلصاقها بمناطق بعينها، متهمين أبناء شرعب والمخلاف بالعنف والبلطجة. غير أن هذا الخطاب قوبل برفض واسع من مثقفين ووجهاء ونشطاء، أكدوا أن الجريمة لا تحمل هوية جغرافية، وأن المجرمين لا يمثلون إلا أنفسهم.
فبين أبناء شرعب والمخلاف مثقفون وقيادات اجتماعية في الصفوف الأولى لمواجهة مليشيا الحوثي ورفض الفوضى، وهم أكثر المتضررين من محاولات شيطنة مناطقهم. وكما لخّص البعض الموقف بالقول: ليس كل شرعبي قاتلًا، ولا كل جندي مجرمًا، ومن الخطأ أن يتحمّل الأبرياء وزر غيرهم.
إن العصابات الإجرامية لا تمثل منطقة ولا قبيلة ولا مدينة كاملة. وما يروّج له بعض النشطاء والمواقع من خطاب عنصري لا يخدم سوى جهات حاقدة على تعز وأبنائها، ويهدد السلم الاجتماعي في لحظة حرجة من تاريخ المدينة.
ويرى مراقبون أن اغتيال المشهري يعكس بوضوح حجم الانفلات الأمني الذي تعيشه تعز منذ سنوات، ويكشف أن السلاح ما يزال يتجول خارج سلطة القانون. كما يوجّه رسالة خطيرة مفادها أن المؤسسات المدنية والعاملين فيها باتوا في مرمى الخطر، وأن هيبة الدولة مهددة أكثر من أي وقت مضى.
من رحم هذه الفاجعة، ارتفعت أصوات أبناء تعز مطالبة بالعدالة، داعية إلى سرعة القبض على الجناة ومحاسبة كل من يحميهم أو يتستر عليهم. كما شددت تلك الأصوات على ضرورة وقف خطاب الكراهية والعنصرية، وترسيخ هيبة الدولة والقانون باعتبارهما الضمان الوحيد لأمن المواطنين وحماية النسيج الاجتماعي.
إن اغتيال ابتهال المشهري لم يكن مجرد حادثة فردية، بل جرحًا غائرًا في جسد مدينة أنهكتها الحرب والحصار والفوضى. وهو اختبار صعب للسلطات الأمنية: فإما أن تثبت قدرتها على حماية المدنيين وإعادة الثقة، أو تترك الباب مفتوحًا أمام المزيد من الدماء والانفلات.
ويبقى السؤال معلقًا في أذهان أبناء المدينة:
هل ستنتصر العدالة هذه المرة، أم أن دماء المشهري ستضاف إلى سجل طويل من الجرائم التي ما زال مرتكبوها أحرارًا؟