آخر تحديث :السبت-18 أكتوبر 2025-01:26م

لا أحد يدرك خبايا الإنسان مهما حاول التمعن في ذاته

السبت - 11 أكتوبر 2025 - الساعة 09:40 م
صفوان القاضي

بقلم: صفوان القاضي
- ارشيف الكاتب



الإنسان بكينونته يبدو متناقضًا، ومتقلب الأفكار والمزاج والأهواء، ما بين الحين والآخر. وهذا ما يجعله غير مفهومًا، أو على ما يبدو – متعدد الآراء والغايات والمقاصد. مما يفقده صوابه، وهدف توجهه، وإذا به أيضًا، يصل إلى فقدان التوازن، وعدم التمييز بين الأشياء أحيانًا -سلبية كانت أو إيجابية- وذلك نتاج التراكمات واختزالها كأهداف مستقبلية، تأبى بالفشل.


وذلك لحجم الكم في تكديسها، دون وجود مصدر داعم لإنجازها، وتجسيدها، في ظل طموح عاجز عن التنفيذ الواقعي. بينما الشخص الحالم بتحقيقها، قد يكون استهلك معظم وقته، ونفدت كامل طاقته في تبنيها. وإذا به يتوقف عند فكرة مُعلَّقة في خلايا الذاكرة، بعد أن كرَّس أقصى جهده في إنتاجها واستخلاصها، كفكرة "روحًا تخلو من الجسد"، أو هكذا فكرة، تعثَّرت باصطدام عقيم، عن نسلها من رحم المعاناة.


ليصاب بعد ذلك بإخفاق صاحبها، مما يجعله يلجأ حينها لمأزق سلبي، وتأزم في معزلهُ تكمن المأساة، ويتجلى الشتات، والتشبث بالتيه، وفقدان الأمل. دون القدرة على ترميم الذات الداخلي للنهوض، بعد ذلك السقوط المدوي، والارتطام في الهلاك. إذ لم يحاول التلاشي، في أشد لحظات الوهن. فيتحول حينها إلى كومة عُقد، وشخص يرثي بؤسه وواقعه المرير، بتلك النكسة، التي كانت سببًا بفقدان ماهيتهُ في درب الصواب، قبل التهور والتحليق في فضاء الخيال، والحلم والتمني بكثب جموح بالغ.


ولذا تصادف اختلاف العوالم، بمختلف المقاسات والآراء والتوجهات، ذات السياقات العدة، بجوهرها المختلف في النظرية والأيدولوجيا، السطحية منها والغامضة العويصة أحيانًا. وهذا ما يجعل كل فئة تُسيء إلى فئة أخرى غالبًا، أو كل صنف ينحاز عن الآخر كثيرًا، لعدم توافق الأفكار وتقارب الهدف، مما يُولِّد الكره والبغضاء، كلٌّ منا للآخر، بالطعن والوخز في نهج الآخرين، بما لا يُطاق.


ولا غرابة حين يصبح الرأي عبئًا، على لسان قائله في الطرح، من كم المعارضة وما يواجههُ من نقد استفزازي، يكاد الفجور بالخصومة علنًا، وتوليد العداوة والرفض القطعي لمجرد الاختلاف بالرأي، بينما ثمَّة مثالًا يقول: "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"، إلا أننا، كموسوعة بشرية، لا نطيق هذا التعايش، ومع ذلك نرفض السلام، ونجد بالفرد إرادتنا، لا في الجماعة نجاحنا، وحسب. نفضل الانطوائية على الاجتماعية، ولا نصبو لمثالية الصواب بتاتًا.


فما الذي يجعلنا نخوض كل هذا الهُراء؟


صفوان القاضي