آخر تحديث :الأحد-16 نوفمبر 2025-11:38م

عمران الخطيب… ذاكرة الوعي الفلسطيني ونبض الكلمة الحرة

الثلاثاء - 11 نوفمبر 2025 - الساعة 03:58 م
نجيب الكمالي

بقلم: نجيب الكمالي
- ارشيف الكاتب


في زمنٍ تتداخل فيه الحقائق وتضيع فيه البوصلة بين ضجيج الشعارات وتزاحم الأصوات، يبقى المفكر والكاتب والمناضل الفلسطيني صديقي عمران الخطيب علامةً فارقة في المشهد الوطني، وصوتًا من أصوات الوعي النقي التي حافظت على جوهر الفكرة الفلسطينية ووهج الانتماء. إنه أحد أولئك القلائل الذين جعلوا من الكلمة موقفًا، ومن الفكر مقاومة، ومن التحليل طريقًا نحو الحقيقة.


على مدى عقودٍ من النضال والعمل السياسي والفكري، ظلّ الصديق عمران الخطيب حاضرًا في المشهد الفلسطيني والعربي بقلمه الحر، ومواقفه الواضحة، ورؤيته المتوازنة التي تجمع بين صدق الانتماء وعمق التحليل. فهو لا يكتب من خلف المكاتب أو من موقع المتفرّج، بل من صميم التجربة الوطنية التي عاشها بكل ما فيها من أوجاعٍ وآمالٍ وصبرٍ وتحدٍّ.


وبصفته عضوًا في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضوًا في المكتب السياسي للجبهة العربية الفلسطينية، لم يتخلّ الخطيب يومًا عن دوره في الدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني، رافضًا أن تُختزل فلسطين في حدود فصائل أو مصالح. فقد ظلّ ثابتًا على قناعته بأن الوحدة الوطنية هي الطريق الوحيد للنصر، وأنّ فلسطين أكبر من الجميع.


ما يميز عمران الخطيب أنه مفكر يرى بعينٍ تتجاوز اللحظة، تحلل وتقرأ وتربط، فتضع الحدث في سياقه التاريخي والإنساني والسياسي. ففي تحليلاته الأخيرة عقب الحرب على غزة، قدّم نموذجًا للفكر السياسي الفلسطيني الناضج، حين قرأ الموقف الأمريكي بوعيٍ استراتيجيٍّ عميق، رافضًا الانخداع بشعارات "الإنسانية" الزائفة التي تتستر خلفها المصالح الإسرائيلية. لقد أوضح أن ما يجري هو إدارةٌ للصراع لا حله، وتكريسٌ للهيمنة لا إنهاؤها.


لكنّ الخطيب لا يكتفي بالنقد أو الرصد، بل يقدّم رؤيةً وطنيةً متكاملة تؤمن بأن الكلمة الصادقة فعل مقاومةٍ لا يقل شأنًا عن النضال في الميدان. فخطابه دائمًا مشبع بالأمل، متوازن بين الواقعية والحلم، بين الوعي والغضب، ليبقى صوته جسرًا بين الفكر والعمل، وبين الوطنية والعقلانية.


إنّ هذا التوازن بين الفكرة والموقف، بين العاطفة والتحليل، هو ما يجعل عمران الخطيب مدرسة فكرية فلسطينية أصيلة تستحق التقدير. إنه مفكر لم تغيره المواسم السياسية، ولم يبدّل مواقفه تحت ضغط اللحظة، بل ظلّ وفيًا لنهجٍ وطنيٍّ نزيه يرى في الحرية والكرامة هدفًا لا يمكن التنازل عنه.


ولعلّ من المهم الإشارة إلى أن منبر "صحفيون من أجل فلسطين" لا يرى في المفكر عمران الخطيب مجرد صوت وطني حر، بل يعتبره أحد ركائز هذا المنبر وأعمدته الفكرية. إنه العمود الفقري في جسد المنبر، بل ربما يكون العقل الذي يمدّ هذا المنبر بالحكمة والرؤية والاتزان. فحضوره في خطاب المنبر يشكّل ضمانةً لثبات الاتجاه، ونقاء الموقف، وصفاء الكلمة.


إنّ منبر صحفيون من أجل فلسطين وهو يعبّر عن اعتزازه الكبير بالمفكر الوطني عمران الخطيب، يرى فيه رمزًا للفكر المقاوم، وصوتًا من ضمير الوطن الذي لا يكلّ ولا يلين، وركيزةً أساسية في الحفاظ على الوعي الفلسطيني في وجه محاولات التزييف والتطبيع.


ففي زمنٍ تغيب فيه الأصوات الحرة وتكثر الأقنعة، يظلّ عمران الخطيب شاهدًا على صدق الكلمة، وذاكرةً حيّة للفكر الوطني، وصوتًا يُعيد إلينا الثقة بأن فلسطين ما زالت تنجب العقول التي تحفظ للقضية معناها وكرامتها.


تحية تقديرٍ ووفاءٍ لهذا القلم الحر،

ولصوتٍ لا يكتب عن فلسطين فحسب، بل يكتب منها وإليها وباسمها.

إنّ منبر "صحفيون من أجل فلسطين" يؤكد أن تكريم المفكرين الأحرار من طراز عمران الخطيب هو تكريم للوعي الفلسطيني ذاته، لأن الكلمة المخلصة هي خط الدفاع الأول في معركة التحرر، ولأن الوعي هو السلاح الأسمى في مواجهة الاحتلال ومحاولات التزييف.



بقلم: نجيب الكمالي

رئيس اللجنة التحضيرية لمنبر صحفيون من أجل فلسطين