آخر تحديث :الأحد-16 نوفمبر 2025-11:38م

من لا يشكر الناس لا يشكر الله… كلمة وفاء لرجلٍ يستحق أن يُذكر بكل نغم

السبت - 15 نوفمبر 2025 - الساعة 04:07 م
نجيب الكمالي

بقلم: نجيب الكمالي
- ارشيف الكاتب


هناك أسماء لا تعبر حياتنا عبورًا عادياً، بل تمرّ بنا كنسمةٍ تحمل رائحة المعرفة، وكضوءٍ يفتح نوافذ الوعي، وكخطوة أولى على طريقٍ طويل سيُصبح فيما بعد شكل مستقبلنا.

تلك الأسماء تبقى… تظل محفورة في الذاكرة، منقوشة في القلب، لأن أثرها لا يُمحى، وصوتها يبقى نغمًا يتردد في أعماقنا كلما تذكرنا البدايات.


ومن بين تلك القامات التي تستحق أن تُذكر بكل حب واحترام، يأتي الأستاذ التربوي والإعلامي المخضرم عبد الفتاح العودي؛ الرجل الذي لم يكن معلّمًا فحسب، بل كان لحنًا من الحكمة، وإيقاعًا من الأخلاق، ومدرسةً كاملة في الالتزام والصدق الصحفي.

في كلية الآداب – قسم الصحافة والإعلام – جامعة عدن، تعلّمنا مبادئ المهنة، لكن بداية المشوار الحقيقي لم تنطلق إلا حين التقينا به.

كان هو الجسر، المعبر، اليد التي أخذت بيدينا نحو عالم الصحافة كما ينبغي أن يكون: عالم الحقيقة، والبحث، والتعمّق، والمسؤولية.

علّمنا كيف نصوغ الكلمة بأمانة، وكيف نكتب بعقلٍ وقلبٍ معًا، وكيف نبحث عن المعلومة قبل أن نبحث عن العنوان.

علّمنا أن الصحافة ليست مهنة تمرّ بها، بل موقفٌ تعيشه.

وأن الكلمة ليست حبرًا، بل روحٌ تُكتب بضمير حيّ.

كان يوجّهنا بلطف، ويشدّ على أخطائنا بحزم، ويعيد ترتيب أدواتنا المهنية كما يعيد الموسيقي ضبط أوتار آلة تحتاج إلى نغمة صافية.

فإذا كتبنا، سأل: لماذا؟

وإذا نقلنا خبراً، سأل: هل تحققت؟

وإذا تحمّسنا، قال: كن مهنيًا قبل أن تكون متحمسًا.

لقد كان — وما يزال — مدرسة لها جدران من الحكمة، وبابها مفتوح لكل طالب معرفة، وساحتها مليئة بثمر التجربة والخبرة.

ومهما كتبنا من كلمات، ستظل قليلةً أمام فضل رجلٍ شكّل جزءًا من وعينا واحترافنا وبداياتنا الصحفية.

ولكننا نقولها بما يليق به، وبصدق لا تشوبه زيف المجاملات:

شكرًا للأستاذ عبد الفتاح العودي…

شكرًا لعطائه، لصبره، لعلمه، ولروحه المهنية التي حفرت فينا أثرًا لا يُنسى.

فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله…

ولك منا كل الامتنان يا أستاذنا الكريم، فقد كنت النقطة الأولى في السطر الأول من رحلتنا في عالم الصحافة.