في تعز، لا يمر يوم دون أن تعكس المؤسسات الأمنية واقعًا مؤلمًا، حيث تتحول بعض الإدارات، وعلى رأسها دائرة البحث الجنائي، إلى ساحات للعبث بالبشر خارج القانون. المواطن هنا لا حقوق له، بل ضحية للبلطجة وسوء الإدارة، ويُستنزف وقته وماله وكرامته على أيدي عناصر يفتقر كثير منهم للكفاءة والوعي القانوني، ويستغلون ضعف التأهيل لتحقيق مكاسب شخصية، بينما المسؤولون يغلقون أعينهم عن التجاوزات اليومية.
أحد الأسباب الرئيسة لهذا الواقع هو غياب الكوادر المؤهلة والمتخصصة. التدريب والخبرة القانونية أصبحا نادرين، ما يتيح للعشوائية والانتهاكات السيطرة على المشهد الأمني، ويحوّل المؤسسات من صمام أمان إلى آلة للضغط والتسلط. المواطن يعيش يومه بين المواعيد الطويلة، الإجراءات التعسفية، والابتزاز المستتر، ويخرج منه محطمًا الثقة في الدولة، خصوصًا في ظل استغلال بعض الجنود الذين يفتقرون للتأهيل والخبرة.
لكن وسط هذا الواقع المأساوي، تظهر نماذج مشرقة تبرهن أن الإصلاح ممكن. المحقق عبد الباقي سعيد خالد الكمالي يمثل هذا الأمل: كاريزما عالية، أخلاق رفيعة، أمانة نادرة، وتواضع يجعله قدوة داخل المؤسسة وخارجها. حضوره المهني وسلوكه الأخلاقي يثبت أن الكفاءة والنية الصادقة قادرة على استعادة هيبة المؤسسات الأمنية وإعادة ثقة المواطن.
إن استمرار الانتهاكات وغياب الرقابة الفعالة لن يضر المواطنين فحسب، بل يهدد استقرار المجتمع بأسره. لذلك، هناك حاجة ملحة لتدخل القيادة الأمنية في تعز لتطبيق العدالة، محاسبة المتجاوزين، تعزيز التدريب، واختيار كوادر مؤهلة، مع الاحتفاء بالنماذج المشرفة التي تمثل الأمل في إصلاح حقيقي.
فالإصلاح ليس رفاهية، بل ضرورة حياة أو موت. المؤسسات الأمنية يجب أن تعود صمام أمان، لا أداة قمع. والمحقق عبد الباقي يثبت أن الأمل بالإصلاح موجود، لكنه بحاجة إلى دعم القيادة، لتكون هذه المؤسسات في خدمة المواطن لا ضده.