تُعدّ التفاعلات التحسسية من المشكلات السريرية المهمة لدى مرضى السرطان، نظرًا لتداخلها مع مسار المرض، وتأثيرها المباشر على استمرارية العلاج ونوعية الحياة. تنشأ الحساسية لدى هؤلاء المرضى نتيجة خلل في الجهاز المناعي المرتبط بالسرطان نفسه أو بالعلاجات المضادة له، مثل العلاج الكيميائي، العلاج المناعي، العلاج الإشعاعي، ونقل الدم. يهدف هذا المقال إلى استعراض الآليات المناعية للحساسية عند مرضى السرطان، وأنواع التفاعلات التحسسية الشائعة، والتحديات التشخيصية، إضافة إلى استراتيجيات التدبير العلاجي والوقائي.
💥 يشهد الجهاز المناعي لدى مرضى السرطان اضطرابات معقدة ناجمة عن الورم الخبيث وتأثيراته الجهازية، إضافة إلى العلاجات المضادة للسرطان. هذه الاضطرابات قد تؤدي إلى زيادة القابلية لحدوث التفاعلات التحسسية أو تغيير نمطها السريري مقارنةً بالأشخاص الأصحاء. وتمثل الحساسية في هذا السياق تحديًا سريريًا، إذ قد تؤدي إلى إيقاف العلاج أو تعديله، مما ينعكس سلبًا على نتائج العلاج والبقاء على قيد الحياة.
🌟 الأساس المناعي للحساسية لدى مرضى السرطان
1. التغيرات المناعية المرتبطة بالسرطان
اختلال توازن الخلايا التائية (T-cells) والخلايا البائية (B-cells).
إفراز السيتوكينات الالتهابية مثل IL-6 وTNF-α.
تثبيط المناعة الخلوية وزيادة الاستجابات غير النوعية.
2. تأثير العلاجات المضادة للسرطان على الحساسية
العلاج الكيميائي: قد يؤدي إلى تحرر الهيستامين أو إحداث تفاعلات فرط تحسس فورية أو متأخرة.
العلاج المناعي (Immune Checkpoint Inhibitors): قد يسبب تفاعلات تحسسية ذاتية المنشأ نتيجة فرط تنشيط الجهاز المناعي.
العلاج الإشعاعي: قد يُحدث تفاعلات جلدية تحسسية موضعية أو معممة.
🌟 أنواع التفاعلات التحسسية الشائعة عند مرضى السرطان
1. الحساسية الدوائية
تُعدّ أكثر أنواع الحساسية شيوعًا، خاصة مع:
البلاتينات (Cisplatin, Carboplatin)
التاكسانات (Paclitaxel)
المضادات الحيوية
العوامل البيولوجية والأجسام المضادة وحيدة النسيلة
2. التفاعلات التحسسية المرتبطة بنقل الدم
تشمل:
تفاعلات تحسسية خفيفة (طفح جلدي، حكة)
تفاعلات شديدة مثل التأق (Anaphylaxis)
3. الحساسية الغذائية
رغم أنها أقل شيوعًا، إلا أنها قد تظهر نتيجة ضعف المناعة أو تغير نفاذية الجهاز الهضمي بسبب العلاج الكيميائي.
4. التفاعلات الجلدية التحسسية
مثل:
الطفح الجلدي
الشرى (Urticaria)
متلازمة ستيفنز–جونسون (نادرة ولكن خطيرة)
🌟 المظاهر السريرية
تتراوح الأعراض من خفيفة إلى مهددة للحياة، وتشمل:
أعراض جلدية: حكة، احمرار، طفح
أعراض تنفسية: صفير، ضيق تنفس
أعراض جهازية: هبوط ضغط الدم، صدمة تحسسية
أعراض هضمية: غثيان، قيء، إسهال
🌟 التحديات التشخيصية
تشابه أعراض الحساسية مع التأثيرات الجانبية للعلاج الكيميائي.
صعوبة استخدام اختبارات الجلد في المرضى المثبطين مناعيًا.
محدودية الاعتماد على قياس IgE في بعض الحالات.
الأدوات التشخيصية:
التاريخ المرضي الدقيق
التقييم الزمني لظهور الأعراض
الفحوص المخبرية (Tryptase، IgE)
اختبارات التحسس المتخصصة عند الإمكان.
🌟 التدبير العلاجي
1. العلاج الحاد
إيقاف العامل المسبب فورًا
مضادات الهيستامين
الكورتيكوستيرويدات
الأدرينالين في حالات التأق
2. تعديل الخطة العلاجية للسرطان
تغيير الدواء المسبب
تطبيق بروتوكولات إزالة التحسس (Desensitization)
إعطاء أدوية وقائية قبل العلاج (Premedication)
🌟 الوقاية والمتابعة
التقييم المسبق لعوامل الخطورة التحسسية
التثقيف الصحي للمريض
المراقبة الدقيقة أثناء إعطاء العلاج
التعاون بين أطباء الأورام وأخصائيي الحساسية والمناعة
🌟 الأثر على جودة الحياة
تلعب التفاعلات التحسسية دورًا مهمًا في:
زيادة القلق لدى المرضى
تقليل الالتزام بالعلاج
إطالة فترات الاستشفاء، مما يستدعي اعتماد نهج علاجي شامل يراعي الجوانب الجسدية والنفسية.
💧 الخلاصة
تمثل الحساسية عند مرضى السرطان ظاهرة سريرية متعددة العوامل تتطلب فهمًا عميقًا للآليات المناعية والتداخلات العلاجية. ويُعدّ التشخيص المبكر والتدبير السليم عاملين أساسيين لضمان استمرارية العلاج وتحسين النتائج السريرية وجودة الحياة.
دمتم أعزائي بصحة وعافية.
#العلاج_الإشعاعي مطلب كل مريض سرطان في عدن
بقلم د. أماني صالح هادي سعيد
أخصائي علاج الأورام والعلاج بالإشعاع
المركز الوطني لعلاج الأورام – عدن
برج الأطباء – حي عبدالعزيز
مديرة مركز الطب النووي – عدن – مستشفى الصداقة
مستشارة وحدة السياسات والدعم الفني بوزارة الصحة والسكان
مديرة الإدارة البيئية والاجتماعية بوزارة الصحة والسكان (سابقًا)
رئيسة وحدة التوعية الصحية في اليمن للمجلس العربي للأكاديميين والكفاءات
عضو عامل في اتحاد الجامعات الأفروآسيوية
