بقلم حسين البهام
يتسابق من يدعون السياسة باسم "الوطنية" اليوم إلى تمزيق الممزق في وطن تنخره العمالة، تحت مسميات اتخذت من الشرعية غطاءً للتقسيم. فبين مليشيات تدعي "حق الولاية" في الشمال، وأخرى تنادي بـ "استعادة الجنوب"، وجماعات تتلحف بـ "الشرعية"، ومكونات ترفع شعار "التحرر"؛ تذوب مصلحة الوطن وتبرز المشاريع الصغيرة التي تهدف جميعها إلى تفتيت ما تبقى.
الحقيقة المرة أن الكل مرتهن للخارج، يعملون بالوكالة لجهات تبحث لنفسها عن نفوذ فوق أشلاء اليمن. لقد كان ما سمي بـ "الربيع العبري" أحد ركائز هذا التمزق الجغرافي، إذ اتخذت منه القوى الدولية ذريعة للتدخل تحت لافتات حقوق الإنسان وضمان الحريات.
واليوم، نجد أن كل من اتخذ موقفاً وطنياً حقيقياً قد صُنّف تحت مظلة الإرهاب، أو أُقصي بالقوة العسكرية في معارك دعمتها قوى خارجية، أو أُزيح من منصبه. لم يبقَ في المشهد سوى دمى تحركها أصابع من خارج الحدود.
إن الوطنية ليست شعاراً يُرفع للمزايدة، بل هي الحفاظ على سيادة الوطن ووحدته، وانتزاع قراره السياسي من براثن الارتهان. لن يصلح الحال، ولن تعيد "شرعية الفنادق" ما فرطت فيه بالأمس؛ فالأوطان لا تُستعاد من بعيد.
إن اليمن اليوم في أمسّ الحاجة إلى تكتل وطني جماهيري عريض، يستعيد مكانته السياسية التي انتُزعت منه بسبب شهوة السلطة لدى ساسةٍ غلبوا مصالحهم الضيقة على مصير شعب وأمة.