تتوالى التحذيرات الدولية بشأن تدهور الوضع الصحي في اليمن، في ظل تصاعد حدة انتشار الأمراض المعدية والقاتلة مثل الملاريا، والحصبة، والدفتيريا، ما يكشف حجم التحديات التي يواجهها النظام الصحي الهش في البلاد، والذي بات عاجزًا عن احتواء الأزمات المتتالية التي تتفاقم يومًا بعد آخر.
منظمة الصحة العالمية كشفت مؤخرًا عن أرقام مقلقة لحالات الإصابة بهذه الأمراض، مشيرةً إلى أن تفشيها لا يهدد فقط الأطفال والنساء الحوامل – وهم الفئات الأكثر ضعفًا – بل يشمل جميع شرائح المجتمع في مختلف المناطق، لا سيما في الساحل الغربي، حيث تفتقر المنشآت الصحية إلى الإمكانات الأساسية لمجابهة مثل هذه الأوبئة.
ويُعزى هذا التدهور إلى عدة أسباب، في مقدمتها الحرب المستمرة منذ سنوات، والتي دمرت البنية التحتية الصحية، وأضعفت قدرة المؤسسات الطبية على الاستجابة للطوارئ، فضلاً عن نقص التمويل والدعم اللوجستي، وتوقف برامج التحصين في العديد من المناطق نتيجة النزاع وانعدام الأمن.
أطباء ومراقبون في الميدان يؤكدون أن المرضى يُضطرون أحيانًا إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مركز طبي، فقط ليكتشفوا أنه يفتقر للأدوية والمستلزمات الأساسية، بينما يواجه الأطفال خطر الوفاة جراء أمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات التي لم تعد متوفرة بشكل كافٍ.
من جهة أخرى، طالبت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها الدوليون بضرورة تقديم دعم عاجل وواسع النطاق لتعزيز قدرات النظام الصحي اليمني، وتحسين خدمات الرعاية الصحية، وتنفيذ حملات تطعيم فورية، في محاولة للحد من انتشار الأوبئة وإنقاذ الأرواح.
ويبدو أن اليمن، الذي بات في قلب أزمة إنسانية مركّبة، لا يواجه فقط خطر الفقر والجوع والنزوح، بل يقف اليوم أمام تهديد صحي واسع النطاق قد يخلف كارثة لا تُحمد عقباها ما لم يتم التدخل العاجل من قبل المجتمع الدولي.