لِـحَـاظُكِ حِـيـنَ لِـحَـاظِي تُـعَاتِبْ
تُـدَغْدِغُ وَجْـدِي كَـلَسْعِ الْـعَقَارِبْ
-
كَــأَنَّ الـدُّمُوعَ انْـسَكَبْنَ اشْـتِيَاقًا
كَشَلَّالِ مَاسٍ عَلَى الْخَدِّ سَاكِبْ
-
إِذَا مَـــا نَــظَـرْتُ لِـعَـيْـنَيْكِ حَـــالًا
تَـتِـيهُ الْـخَـيَالَاتُ بَـيْـنَ الْـغَـيَاهِبْ
-
فَـمِـنْ نَـظْرَةٍ مِـنْكِ تَـنْثَالُ رُوحِـي
وَتَـنْـزَاحُ مِـنْـهَا جَـمِـيعُ الـرَّوَاسِبْ
-
أُعَـانِـقُ فِـيـكِ اشْـتِـعَالَ الْـوُجُـودِ
فَفِيكِ مِنَ السِّحْرِ أَقْوَى الْعَجَائِبْ
-
أُحِـبُّـكِ... حَـتَّى احْـتِرَاقِ الْـخَيَالِ
وَيَـهْرُبُ مِـنِّي الْـكَلَامُ الْـمُنَاسِبْ
-
وَأَمْـضِـي لِـحَـدِّ انْـكِـسَارِ الْأَنِـيـنِ
فـأُصْـغِي إلـيـه إِذَا مَــا يُـخَـاطِبْ
-
أُخَــبِّـئُ فِـيـكِ ارْتِـجَـافَ الـدُّهُـورِ
وَأُشْـعِلُ فِـيكِ احْـتِرَاقَ الْـمَوَاكِبْ
-
وَإِنْ قُــلْـتُ: إِنِّـــي أُحِــبُّـكِ جِــدًّا
تَـهَـدَّجَ صَـوْتِيَ كَـصَوْتِ الْـمُحَارِبْ
-
أَمُــرُّ عَـلَى صَـهْوَةِ الـلَّيْلِ وَحْـدِي
وَرُوحِــي لِـطَـيْفِكِ دَوْمًــا تُـدَاعِبْ
-
يُــرَفْـرِفُ قَـلْـبِـي كَـطِـفْـلٍ غَـرِيـرٍ
يُـرِيـدُ الـنُّـجُومَ وَبَـعْـضَ الْـكَوَاكِبْ
-
وَفِــي الْـحُلْمِ، وَجْـهُكِ بَـدْرٌ بَـعِيدٌ
يُـشَعْشِعُ صَـمْتِي، كَبَرْقٍ يُخَالِبْ
-
فَـمَـا بَـيْـنَ حُـلْـمٍ وَصَـحْوٍ خَـجُولٍ
كِـيَـانِي تَـهَـاوَى بِـكُـلِّ الْـجَـوَانِبْ
-
إِذَا مَــا افْـتَـرَقْنَا، يَــذُوبُ الـصَّـبَاحُ
وَيَـطْغَى الْـمَسَاءُ بِـلَيْلِ الـرَّغَائِبْ
-
وَأَبْـكِي عَـلَى شَـفَةٍ مِـنْ عَقِيقٍ
أَخَــافُ انْـقِـطَاعَ خُـيُوطِ الْـعَنَاكِبْ
-
وَكَــيْـفَ أُطَـفِّـئُ بُـرْكَـانَ وَجْــدِي
وَأَنْــتِ كَـنَهْرٍ مِـنَ الـشَّمْعِ ذَائِـبْ
-
فَـلَا تَـعْجَبِي إِنْ تَـمَادَى جُـنُونِي
وَلَا تَسْكُبِي فَوْقَ ناري الْمَصَائِبْ
-
أَنَـا ابْـنُ الْـفُرَاتِ، الْـجَرِيحُ الْحَزِينُ
تَعَوَّدْتُ فِي الْحُبِّ أَلْقَى الْمَتَاعِبْ
-
وَلَـكِـنْ بِـرَغْـمِ الْأَسَــى وَالْـجِرَاحِ
إِذَا مَـا عَـشِقْتُ نَـسِيتُ الْعَوَاقِبْ
-
فَمَا عُدْتُ أَخْشَى الْمَدَى وَالرِّيَاحَ
إِذَا كَـانَ وَعْـدُكِ خَـلْفَ الْسَّحَائِبْ
-
سَـأَعْـبُرُ رَغْــمَ اضْـطِـرَابِ الْـبُحُورِ
وَأُحْــرِقُ خَـلْفِي جَـمِيعَ الْـقَوَارِبْ
-
تُـهَـدْهِدُنِي غُـرْبَـةٌ فِــي الْـعِظَامِ
وَخَــوْفٌ يُـعَـسْكِرُ فَـوْقَ الْـمَنَاكِبْ
-
فَــلَا تَـسْأَلِينِي: لِـمَاذَا الـنُّحِيبُ؟
وَهَـمُّ الْـخَلَائِقِ فِـي الـصَّدْرِ لَازِبْ
-
سَـأَلْتُ الْـحَنِينَ: أَمَـا مِـنْ طَرِيقٍ
نَـعُـودُ بُـعَـيدَ احْـتِـرَاقِ الْـمَرَاكِبْ؟
-
فَـقَـالَ: الـطَّـرِيقُ ضَـبَـابٌ كَـثِـيفٌ
يُـخَـبِّئُ وَجْــهَ الْـحَبِيبِ الْـمُرَاقِبْ
-
فَـعُدْتُ إِلَـى الْـحُزْنِ أَمْـشِي إِلَيْهِ
كَــأَنَّ الـرُّجُـوعَ طَــوَافُ الـرَّواهِـبْ
-
فَـتَـغْـمُرُنِي ضَــجَّـةٌ مِــنْ نُــدُوبٍ
وَأَفْـنَيْتُ عُـمْرِي كَطِفْلٍ مُشَاغِبْ
-
فــمَـا الْـحُـبُّ إِلَّا كَـمِـلْحِ الْـحَـيَاةِ
مُـحَـالٌ سَـتَحْلُو بِـغَيْرِ الْـمَصَاعِبْ
---
من/ عـبـدالـناصر عـلـيـوي الـعـبـيدي