آخر تحديث :الأحد-03 أغسطس 2025-12:57م
حوارات
رغم تحسن العملة المحلية في المناطق المحررة..

المواطنون لعدن الغد: نسمع جعجعة ولانرى طحينا

الأحد - 03 أغسطس 2025 - 11:37 ص بتوقيت عدن
المواطنون لعدن الغد:  نسمع جعجعة ولانرى طحينا
(عدن الغد) خاص:

تقرير/د. الخضر عبدالله:


رغم التحسن الملحوظ الذي شهدته العملة المحلية في الأسابيع الأخيرة، لا تزال الأسعار في الأسواق المحلية عند مستويات مرتفعة، ما خلق حالة من الغضب والاستياء في أوساط المواطنين، وأثار العديد من التساؤلات حول أسباب تجاهل التجار لهذا التحسن، وغياب الرقابة الفعالة من الجهات الرسمية.


تحسن العملة المحلية: واقع ملموس


منذ بداية يوليو الماضي، بدأت العملة المحلية (الريال اليمني) في تسجيل تحسن تدريجي أمام العملات الأجنبية، خصوصًا الدولار الأمريكي والريال السعودي، حيث تجاوز التحسن نسبة 20٪ مقارنة بالأشهر السابقة، وفقًا لبيانات مكاتب الصرافة ومتابعات السوق اليومية.


وأرجع اقتصاديون هذا التحسن إلى عدد من العوامل، أبرزها الإجراءات الحكومية في ضبط المضاربة، وزيادة التدفقات النقدية من الحوالات الخارجية، إلى جانب دعم خارجي محدود ساعد في تقوية الاحتياطي النقدي، فضلًا عن حالة الاستقرار النسبي في بعض المناطق التي ساهمت في تقليل الطلب على العملات الأجنبية.


المواطنون: الأسعار كما هي.. ولا أثر للتحسن


في جولة ميدانية على عدد من الأسواق في عدن وأبين، لاحظنا استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية، دون أي تغيير يتناسب مع تحسن قيمة الريال اليمني.

تقول أم صلاح، وهي ربة منزل تقطن في حي الشيخ عثمان:"نسمع في الأخبار أن العملة تعافت، لكن على أرض الواقع لا نشعر بأي فرق. أسعار الأرز والسكر والزيت كما هي، في المحلات التجارية ."

ويضيف المواطن مختار حسين أحد الموظفين الحكوميين:"كنا نأمل أن يؤدي تحسن العملة إلى انخفاض الأسعار، لكن التجار لا يريدون التنازل عن أرباحهم الكبيرة، والجهات الرسمية لا تحرك ساكنًا."


التجار: التخوف من عدم الاستقرار


في المقابل، يبرر بعض التجار استمرار الأسعار المرتفعة بعدم استقرار الوضع الاقتصادي العام، وتخوفهم من انتكاسات جديدة للعملة. ويؤكد التاجر جميل غالب ، صاحب محل جملة في سوق البريقة:"نحن نشتري بضائعنا بالدولار من الموردين، وإن كانت العملة تحسنت الآن، فليس هناك ما يضمن أنها لن تنهار مجددًا. نحتاج إلى ثبات طويل الأمد قبل أن نعيد تسعير المنتجات."

هذا التبرير، رغم أنه منطقي من وجهة نظر أصحاب رؤوس الأموال، إلا أنه لا يبرر تجاهل التغيرات الإيجابية وتثبيت الأسعار، خصوصًا في ظل معاناة آلاف الأسر تحت وطأة الغلاء.


الجهات الرسمية: دعوات ومناشدات بلا نتائج


السلطات الحكومية، من جهتها، اكتفت بإصدار بيانات وتصريحات إعلامية تطالب فيها التجار بمراعاة الوضع المعيشي، وربط الأسعار بالتحسن المستمر للعملة، لكنها لم تقم بخطوات رقابية فعلية، مثل فرض تسعيرات محددة، أو مراقبة الأسواق من خلال فرق ميدانية، أو تطبيق عقوبات على من يثبت تلاعبهم بالأسعار.

ويقول مراقبون: " إن أ وزارة الصناعة والتجارة في عدن تواجه صعوبات في تنفيذ الرقابة، نظرًا لضعف الإمكانيات وقلة الكوادر، مطالبين بتعاون مجتمعي أكبر، وتفعيل دور اللجان المحلية والرقابة الشعبية.


خبراء اقتصاد: لا بد من ربط الأسعار بسعر الصرف


ويرى عدد من خبراء الاقتصاد المحلي أن أحد أهم الحلول لتجاوز هذه الفجوة بين تحسن العملة وثبات الأسعار، هو اعتماد آلية واضحة تربط سعر السلع بسعر الصرف اليومي، إلى جانب تفعيل دور حماية المستهلك، ومنع الاحتكار.


ويحذر الخبير الاقتصادي د. نبيل الدبعي من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار الثقة الشعبية بأي إصلاح اقتصادي قادم، مشيرًا إلى أن "تحسن العملة بدون أثر مباشر على حياة الناس، سيظل أمرًا ناقصًا لا يحقق أي فائدة حقيقية."


ختامًا: آمال معلقة.. ومطالب عاجلة


وسط هذه المفارقة المؤلمة بين الأرقام المتفائلة في سوق الصرف، والأرقام المتوحشة في الأسواق التجارية، يبقى المواطن البسيط هو الضحية الأولى والأخيرة.

ويتطلع الشارع المحلي إلى إجراءات حقيقية من السلطات لضبط الأسعار، وإلزام التجار بالتفاعل مع الواقع الاقتصادي الجديد، حتى يلمس المواطن فرقًا حقيقيًا يشعره بأن التعافي ليس مجرد خبر في الإعلام، بل واقع في جيبه ومائدته اليومية.