مع عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، تصاعدت الخطوات الأمريكية للضغط الاقتصادي على روسيا وإيران، مركزين بشكل خاص على قطاع النفط الذي يعد شريان حياة اقتصادات هاتين الدولتين، خصوصًا في تمويل الحرب الروسية على أوكرانيا ودعم إيران لأذرعها الإقليمية.
يمثل النفط نحو 30% من عائدات روسيا، بينما تعتمد إيران عليه بشكل كبير للتغلب على العقوبات، لا سيما عبر اتفاق استراتيجي مع الصين يشمل استثمارات ضخمة مقابل إمدادات نفطية بأسعار مخفضة ومستقرة.
في السادس من أغسطس 2025، فرضت واشنطن تعرفة جمركية إضافية على واردات النفط الهندية من روسيا، لتصل إلى 50%، مع إعفاءات مؤقتة حتى منتصف سبتمبر، في محاولة لتقليل اعتماد نيودلهي على النفط الروسي.
لكن الهند لم تستسلم، واعتبرت القرار ظالمًا، مؤكدة أن أي توقف مفاجئ لواردات النفط الروسية سيزيد من فاتورة الطاقة لديها بمليارات الدولارات سنويًا.
أما الصين، فأعلنت رفضها قطع وارداتها النفطية من روسيا وإيران، معتبرة أن أمن الطاقة من القضايا السيادية، وتعتمد بشكل كبير على طرق غير رسمية لاستيراد النفط الإيراني، تشمل “المصافي العائمة” وأساطيل التهريب البحرية.
تحليلات الخبراء تشير إلى أن خفض واردات النفط الروسي والإيراني عن هاتين القوتين اقتصادياً قد يوجه ضربة قاسية لميزانية روسيا، لكنه يبقى تحديًا معقدًا بسبب الاعتماد العميق لهما على هذه الموارد، وعدم توفر بدائل ملائمة بسهولة.
الاتفاق الاستراتيجي الإيراني-الصيني يمنح طهران استثمارات تقدر بمئات المليارات على مدى 25 عامًا، مقابل إمدادات نفطية بأسعار مخفضة، بينما تستورد الهند نحو 40% من حاجتها النفطية من روسيا، مستفيدة من الأسعار المنافسة.
في ظل العقوبات، تتزايد محاولات الالتفاف على القيود عبر تغيير أعلام السفن والبيع عبر وسطاء، ما يقلل من فعالية الإجراءات الدولية.
على الصعيد الإقليمي، تستمر إيران في تهريب النفط إلى الحوثيين في اليمن عبر موانئ البحر الأحمر، مما يعزز من قدرات الميليشيات على التمويل والتمدد، رغم محاولات الضربات الجوية الأمريكية والإسرائيلية لإغلاق هذه الطرق.
وصنفت الولايات المتحدة الحوثيين كجماعة إرهابية أجنبية، وزادت من الضغط على شبكات التمويل والتهريب، إلا أن تعقيدات التضييق اللوجستي والسياسي حالت دون إيقاف كامل لهذه العمليات.
في المجمل، تشير التوقعات إلى أن وقف كامل لتدفق النفط الروسي والإيراني للصين والهند قد يكون بعيد المنال على المدى القريب، لكن تقليص الاعتماد عبر تحالفات دولية وتوفير بدائل طاقة جذابة يمكن أن يحقق نتائج إيجابية تدريجياً.
السيناريوهات المستقبلية تتراوح بين نجاح نسبي بتخفيض واردات النفط بنسبة تصل إلى ربع الاحتياجات خلال السنوات المقبلة، أو مواجهة تصعيد تجاري وعقوبات إضافية تؤدي إلى توترات مع الصين والهند.