آخر تحديث :الخميس-14 أغسطس 2025-01:13م
رياضة

حراس المرمى يغيّرون قواعد اللعبة.. كيف أصبحت ركلات الترجيح علما لا حظا؟

الخميس - 14 أغسطس 2025 - 09:23 ص بتوقيت عدن
حراس المرمى يغيّرون قواعد اللعبة.. كيف أصبحت ركلات الترجيح علما لا حظا؟
(عدن الغد): متابعات خاصة


في غضون 4 أيام فقط، خطف حارسان الأضواء في اثنين من أكبر نهائيات كرة القدم الأوروبية، مؤكديْن أن ركلات الترجيح لم تعد لعبة حظ بحتة، بل أصبحت علما قائما على التحضير الذهني والتحليل الدقيق.


في ويمبلي، وقف دين هندرسون حارس كريستال بالاس بصلابة أمام ليفربول في نهائي الدرع الخيرية، متسلحا بـ"cheat sheet" أي ورقة غش ألصقها على قارورة ماء وغطاها بالمنشفة تضم اتجاهات تسديد نجوم الخصم، فتصدى لركلتي جزاء حاسمتين وقاد فريقه لأول لقب في تاريخه، قبل أن يحتفل مع الجماهير بأسلوب إنساني لافت.


وبعدها بـ3 أيام، كان الموعد في وارسو مع نهائي السوبر الأوروبي، حيث تحوّل الحارس الشاب لوكاس شيفالييه إلى بطل باريس سان جيرمان، بعدما فاجأ المدرب لويس إنريكي الجميع بإشراكه بدلا من دوناروما، ليرد الشاب الجميل بتصديات بطولية في ركلات الترجيح أمام توتنهام، مؤكدا أن الجرأة التكتيكية قد تغيّر مسار البطولات.


هذه المشاهد ليست استثناء، بل جزءا من تحوّل أوسع في كرة القدم الحديثة، حيث صار الحارس يدخل ركلات الترجيح ومعه خطة مدروسة، وأدوات تحليلية، ومهارات نفسية تمكّنه من قلب موازين النهائيات. فكيف يبني الحراس إستراتيجياتهم؟ وما تفاصيل اللعبة الذهنية خلف اللحظة التي يتوقف فيها الزمن قبل انطلاق الكرة؟


التحضير يبدأ قبل المباراة

لم تعد ركلات الترجيح مفاجئة، فالأندية الكبرى تخصص محللين يجمعون بيانات دقيقة عن كل لاعب منافس، تشمل:


النسبة المئوية لتسديداته في كل زاوية.

أسلوب الركلة (قوة – وضعية الجسد – التمهل).

محاولاته السابقة في مواقف الضغط.

دين هندرسون جسّد هذا النهج حرفيا عندما استخدم ورقة ملاحظات مثبتة على قارورة الماء ليقرأ اتجاهات لاعبي ليفربول، بينما أظهر شيفالييه أنه حتى الحارس البديل يمكنه الفوز بالمباراة إذا كان مجهزا ذهنيا وبدنيا.


الضغط النفسي على المسدد

الحارس الذكي لا يكتفي بالوقوف على الخط، بل يستخدم حركات جسدية ونظرات حادة لإرباك اللاعب كما يلي:


التقدم خطوة قبل التنفيذ لإجباره على تعديل مساره.

الانتظار حتى اللحظة الأخيرة للتحرك.

الإيماءات والتحدث أحيانا لزيادة التوتر.

هذه الأساليب تعكس جانبا نفسيا بالغ التأثير، حيث تشير الدراسات إلى أن نسبة النجاح تقل بنسبة تصل إلى 15% إذا كان الحارس نشطا ومزعجا بصريا للمسدّد.


التكنولوجيا كعنصر حاسم

الآن، تستخدم الفرق الوسائل التالية لمساعدة حراسها:


الفيديو التحليلي: لعرض لقطات متكررة للحراس واللاعبين.

أجهزة الواقع الافتراضي: لمحاكاة مواقف ركلات الترجيح.

الذكاء الاصطناعي: للتنبؤ بأكثر الخيارات ترجيحا لكل لاعب.

باريس سان جيرمان طبق هذه الفلسفة، حيث حصل شيفالييه على ملف رقمي مسبق عن تسديدات لاعبي توتنهام، وهو ما ساعده على اختيار الزاوية الصحيحة في اللحظات الحاسمة.


التحكم في الأعصاب

مهما بلغت جودة التحليل، فإن أعصاب الحارس تبقى الفيصل. هنا يظهر الفرق بين حارس ينهار تحت الضغط وآخر يحوّله إلى طاقة إيجابية.


هندرسون وشيفالييه قدّما مثالين رائعين على رباطة الجأش، حيث حافظ كل منهما على تركيزه حتى الركلة الأخيرة، دون أن ينجرف وراء استفزاز أو ضغط الجماهير.


ركلات الترجيح لم تعد مجرد مواجهة بين مسدد وحارس، بل صارت مواجهة بين فريق التحليل وفريق الأعصاب. من ويمبلي إلى وارسو، أثبت هندرسون وشيفالييه أن الحارس لم يعد "ضحية" في هذه اللحظات، بل قد يكون بطل الرواية الذي يحسم اللقب، ويكتب التاريخ بيديه… وأحيانا بورقة صغيرة على قارورة ماء.