آخر تحديث :الخميس-11 سبتمبر 2025-11:21م
أخبار وتقارير

هيومن رايتس ووتش: اليمن: الصحفيون في دائرة الاستهداف

الخميس - 11 سبتمبر 2025 - 09:54 م بتوقيت عدن
هيومن رايتس ووتش: اليمن: الصحفيون في دائرة الاستهداف
هويمن رايتس ووتش:


منذ بدء النزاع في اليمن في العام 2014، ارتكب كل من الحوثيين والسلطات الأخرى في اليمن، ولا سيما "المجلس الانتقالي الجنوبي" والحكومة اليمنية، انتهاكات حقوقية جسيمة ضد الصحفيين. في العام 2015، عبّر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي عن الموقف العدائي من الأطراف المتحاربة تجاه الصحفيين عندما أعلن في خطاب متلفز أن "المرتزقة والعملاء من فئة... فئة الإعلاميين أكثر خطرا على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين [التابعين للحكومة اليمنية]".


وتشمل الانتهاكات التي ارتكبتها أطراف النزاع الاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، والمعاملة اللاإنسانية، والقتل بحق الصحفيين. كما ارتكبت السلطات من أطراف النزاع جميعها انتهاكات أوسع ضد حرية التعبير والصحافة، بما يشمل الاستيلاء على المؤسسات الإعلامية والترهيب والمضايقة ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية وعرقلة حركة الصحفيين وعملهم.


وأدى استهداف الأطراف المتحاربة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية إلى انتهاك حرية التعبير في اليمن، ويشمل ذلك الحصول على المعلومات. وقد فر العديد من الصحفيين من البلاد بسبب الانتهاكات التي تعرضوا لها، أو خوفهم من التعرض لانتهاكات من قبل الأطراف المتحاربة. أما أولئك الذين بقوا، فقد اضطروا في كثير من الأحيان إلى وضع قيود على كتاباتهم لتجنب استهدافهم من قبل السلطات.


مباشرة بعد سيطرتهم على صنعاء في العام 2014، بدأ الحوثيون حملة اعتقالات واسعة بحق الصحفيين والإعلاميين على أساس عملهم. ما يزال بعضهم مسجونا، ومنهم نبيل السداوي، الصحفي في وكالة الأنباء "سبأ" الذي اعتقله الحوثيون في سبتمبر/أيلول 2015. وقد احتُجز آخرون، مثل عبد الخالق عمران وتوفيق المنصوري وحارث حامد وأكرم الوليدي، تعسفا لمدة ثماني سنوات، حيث تعرضوا للتعذيب وحُكم عليهم بالإعدام قبل أن يُفرج عنهم في عملية تبادل أسرى العام 2023.


وقد ارتكبت أطراف أخرى متحاربة انتهاكات مماثلة. وفقا لـ "لجنة حماية الصحفيين"، في 18 فبراير/شباط 2021، اعتقلت قوات الأمن في محافظة حضرموت، التي تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، صحفيين عدة خلال الاحتجاجات، منهم هالة فؤاد باضاوي لمدة عام بتهمة وصفتها المنظمة بأنها "تهمة إرهاب ملفقة".


كما اعتقل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، وهو جماعة مدعومة من الإمارات وتسيطر على محافظات عدة في اليمن، بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن، صحفيين وإعلاميين طوال فترة النزاع، وواصل قمع المساحة المدنية في الأراضي الخاضعة لسيطرته.


وثّقت هيومن رايتس ووتش 14 حالة انتهاك ضد صحفيين يناقشها هذا التقرير، وتسلط الضوء في هذا التقرير على خمس حالات لصحفيين احتُجزوا تعسفا أو ما يزالون محتجزين من قبل الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023: ثلاث حالات من قبل الحوثيين، وحالتان من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي.


تحدث أربعة صحفيين سبق احتجازهم من قبل الأطراف المتحاربة وأُفرج عنهم لاحقا إلى هيومن رايتس ووتش عن تعرضهم لتعذيب شديد في السجن، بالإضافة إلى أشكال أخرى من سوء المعاملة. قالوا إنهم يعتقدون أن السلطات عاملتهم في السجن معاملة أكثر وحشية من معاملة المعتقلين الآخرين لتخويفهم، وتخويف الآخرين، من التغطية المستقلة لانتهاكاتها وسوء إدارتها وفسادها.


الصحفي من تعز محمد الصلاحي اعتقلته قوات الأمن الحوثية في الحديدة في 2018 ولم يطلق سراحه حتى 2023، بعد عامين من صدور أمر المحكمة بالإفراج. وقال لـ هيومن رايتس ووتش: "ضربوني [عناصر الأمن في السجون] بالكابلات، وصفعوني، وخنقوني، وعلّقوني لفترات طويلة، وحرموني من النوم والذهاب إلى المرحاض، ووجهوا مسدسا إلى رأسي ورقبتي، وهددوني بإعدام زملائي الصحفيين. تسبب ذلك في آثار صحية ما زلت أعاني منها".


في بعض الحالات، احتجزت السلطات أفراد أسر الصحفيين إما بالإضافة إليهم أو بدلا منهم، غالبا لإجبار الصحفيين على "الاعتراف" بتهم ملفقة ضدهم، و/أو كوسيلة لمنعهم من القيام بعملهم.


مياس ماهر، شقيق أحمد ماهر، الصحفي الذي احتجزه المجلس الانتقالي الجنوبي في 2022، اعتُقل مع أحمد وظل محتجزا لعدة أشهر. صرح مياس أن السلطات احتجزته وعذبته للضغط على أحمد للاعتراف بكل ما تريده.


بالإضافة إلى مضايقة الصحفيين والإعلاميين واحتجازهم وإخفائهم، قُتل العديد من الصحفيين على مدار السنوات العشر الماضية في اليمن، وشمل ذلك اغتيالات محتملة على يد الأطراف المتحاربة. ومع ذلك، لم تجر تحقيقات كافية لتحديد الجناة في معظم الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش.


وفقا لـ "المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين" (صدى)، قُتل 63 صحفيا وإعلاميا في اليمن بين يناير/كانون الثاني 2015 وديسمبر/كانون الأول 2023. وثّقت لجنة حماية الصحفيين مقتل 26 صحفيا منذ بدء النزاع في سبتمبر/أيلول 2014، منهم صحفيان أكدت المنظمة قتلهما. قُتل صحفيون آخرون نتيجة تبادل إطلاق النار أو قيامهم بـ "مهمة خطرة"، أو كانت أسباب وفاتهم مجهولة. ويشمل ذلك ستة صحفيين على الأقل قُتلوا في غارات جوية شنها التحالف بقيادة السعودية والإمارات في بداية الحرب.


كما استولى الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي على عدة مؤسسات إعلامية كبرى في مختلف أنحاء البلاد وأغلقوها منذ بداية النزاع كوسيلة للحد من حرية التعبير. يوثق هذا التقرير أربعا من الحالات الأحدث في السنوات الأربع الماضية، حيث استولى الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي على مؤسسات إعلامية أو أغلقوها، ومنها "يمن لايف" للإنتاج الإعلامي والبث الفضائي و"يمن ديجيتال ميديا"؛ و"صوت اليمن"؛ ووكالة الأنباء سبأ؛ ونقابة الصحفيين اليمنيين.


في الشمال، بدأ الحوثيون بالاستيلاء على المؤسسات الإعلامية فور سيطرتهم على صنعاء. بين 2014 و2024، داهموا المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة جميعها تقريبا واستولوا عليها، ومنها صحيفة "الثورة"، ووكالة سبأ، ومكتب "قناة الجزيرة" في صنعاء، ومكتب صحيفة "المصدر". وفي كثير من الحالات، صادر الحوثيون معدات المؤسسات الإعلامية ومقراتها، واحتجزوا موظفيها وأخفوهم قسرا، واستبدلوا الموظفين بصحفيين وموظفين موالين للحوثيين. وفي بعض الحالات، واصل الحوثيون إدارة المؤسسات الرسمية منذ استيلائهم عليها، مثل وكالة سبأ وصحيفة "الثورة"، واستخدموها كوسائل إعلامية رسمية لهم.


في الجنوب، تقلصت حرية التعبير بشكل مطرد على مدى السنوات الأربع الماضية، لا سيما أن المجلس الانتقالي الجنوبي استولى أيضا على المؤسسات الإعلامية اليمنية واستبدلها بمؤسسات "جنوبية" حديثة الإنشاء، كما استبدل الموظفين السابقين بأشخاص تابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي و/أو مؤيدين له.


قال محمود ثابت، رئيس نقابة الصحفيين اليمنيين في عدن – وهي مؤسسة استولى المجلس الانتقالي الجنوبي على مكتبها في عدن – لـ هيومن رايتس ووتش إن النقابة تقوم الآن بعملها "بسرية، لأننا خائفون من الانتهاكات التي قد ترتكب ضد أعضائنا".


بالإضافة إلى التعرض للاعتقالات التعسفية والاعتداءات، وصف الصحفيون استخدام السلطات التهديد بالاعتقال بأساليب تشمل أوامر قضائية لا أساس لها، كإحدى الطرق العديدة التي سعت بها السلطات إلى إسكاتهم. قال رئيس صدى يوسف حازب إن المنظمة وثّقت أكثر من 24 حالة في العامين الماضيين حيث تضمنت لوائح الاتهام الرسمية بشكل صريح الصحافة أساسا للتهم. ومن هؤلاء الصحفيين مقدمة البرامج التلفزيونية منى المجيدي، التي تلقت استدعاء قانونيا من سلطات المجلس الانتقالي الجنوبي في 2023 بعد أن انتقدت أحد مسؤولي المجلس في عدن، وفقا لنقابة الصحفيين اليمنيين.


وأفاد "مرصد الحريات الإعلامية (مرصدك)" في تقريره عن حرية الإعلام للعام 2024 أن 15 صحفيا اعتقلوا بسبب عملهم الإعلامي خلال العام، وما يزال بعضهم قيد الاحتجاز. ومن بين هؤلاء، اعتقل سبعة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وثمانية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.


وأضاف عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأُسَيدي أن "مساحة الحرية [الصحفية] تتقلص". وقال إن السلطات تراقب الصحفيين، وإن الصحفيين قد يتم اعتقالهم في أي لحظة لأسباب تافهة مثل منشور على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد سلطة ما.


وروى الصحفيون أيضا كيف تقيّد حريتهم في التنقل بسبب خوفهم من الاعتقال من قبل السلطات عند نقاط التفتيش وفي المطارات. وأفاد العديد منهم أيضا أن أفراد أسرهم يتعرضون للتهديدات.


قال العديد من الصحفيين الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش إن أحد أكبر التحديات التي يواجهونها في اليمن هو السفر – خاصة بين المحافظات، وكذلك إلى الخارج – بسبب خطر تعرضهم للتوقيف عند نقاط التفتيش أو من قبل مسؤولي المطارات والمضايقة أو الاعتقال أو الإخفاء بسبب عملهم كصحفيين. ووصف العديد منهم أنهم يعملون تحت أسماء مستعارة، أو يغيرون جوانب من طريقة عملهم، خوفا من اعتقالهم أو قتلهم من قبل السلطات. وقال آخرون إنهم انتقلوا إلى الخارج بسبب تهديدات بالاعتقال تلقوها من السلطات في اليمن.


قالت الصحفية المستقلة في عدن لبنى صادق (اسم مستعار) إنها حاولت إخفاء هويتها كصحفية عند المرور عبر نقاط التفتيش خوفا من رد فعل العناصر إذا اكتشفوا أنها صحفية. وقالت: "حتى في جواز سفري، نصحني زملائي بكتابة مهنتي على أنها 'طالبة' لتجنب الوقوع في مشاكل عند نقاط التفتيش".


كما عرقلت السلطات في جميع أنحاء البلاد عمل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية من خلال فرض لوائح تعسفية ومرهقة، غالبا ما تميز ضد أولئك الذين ينتمون إلى مناطق تسيطر عليها أطراف متحاربة أخرى أو ضد أولئك الذين لا ينشطون في دعم السلطة المسؤولة. أفاد الصحفيون بأنهم يخضعون للمراقبة من قبل السلطات، ويُلزَمون بتقديم طلبات للحصول على أذونات وتصاريح أمنية لمجموعة واسعة من الأنشطة، ويُمنَعون تعسفا من حضور أحداث معينة أو تغطيتها.


تقع على عاتق السلطات في اليمن، بما فيها الحكومة اليمنية والحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي، التزامات بموجب القوانين الدولية والمحلية لحماية حرية التعبير، بما في ذلك الصحافة. وبموجب القانونين الدولي والوطني، لا يجوز لها أيضا احتجاز الأشخاص تعسفا أو إخفاؤهم قسرا أو تعذيبهم أو قتلهم.


Two women mourning in front of a covered bodyClick to expand Image

صحفية تنعي زميليها وائل العبسي وتقي الدين الحذيفي، اللذين قُتلا بحسب تقارير جراء سقوط قذيفة أثناء تغطية الأحداث في تعز. © 2025 أحمد الباشا

لمزيد من المحتوى

11 سبتمبر/أيلول 2025 بيان صحفي

اليمن: الصحفيون في دائرة الاستهداف

انتهاكات الأطراف المتحاربة المنهجية ضد حرية الإعلام


A journalist running down a city street

التوصيات

إلى السلطات جميعها في اليمن

· ضمان حماية حقوق المقيمين جميعهم في اليمن في حرية التعبير.


· ضمان السماح للمؤسسات الإعلامية والإعلاميين بالعمل بشكل مستقل، ووقف مصادرة المؤسسات الإعلامية والاستيلاء عليها.


· المبادرة فورا إلى رفع جميع الإجراءات البيروقراطية التي تعرقل عمل المؤسسات الإعلامية والإعلاميين بشكل منتهِك، ووقف مضايقتهم، بما يشمل المضايقات عند نقاط التفتيش ومن خلال الأوامر التعسفية من المحاكم.


· رفع جميع القيود عن مواقع الأخبار الإلكترونية.


· ضمان الحماية الكاملة والحق في الحصول على المعلومات، على النحو المنصوص عليه في القانون اليمني رقم (13) لسنة 2012، وإنفاذه.


· اتخاذ خطوات فورية لإنهاء جميع حالات الاختفاء القسري، بما فيها حالات الاحتجاز غير المعترف بها لأي فترة كانت من الزمن.


· الكشف فورا عن مصير جميع المفقودين ومكانهم، أو التوصل إلى ذلك على وجه السرعة.


· إنهاء جميع ممارسات الاحتجاز التعسفي، واحتجاز الأفراد خارج أماكن الاحتجاز المخصصة رسميا، والاحتجاز السري.


· التحقيق في جميع الادعاءات الموثوقة بالاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري من قبل الأجهزة الخاضعة لسيطرتها؛ وتحديد ومقاضاة جميع الضالعين في مثل هذه الممارسات، بمن فيهم المسؤولون الأمنيون والعسكريون الذين يتغاضون عن هذه الممارسات أو يتواطؤون فيها، وفقا للمعايير الدولية للإنصاف.


· المبادرة فورا إلى إنهاء استخدام التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة بحق المحتجزين.


· إجراء تحقيقات سريعة وشاملة ونزيهة في جميع الادعاءات الموثقة التي تشمل التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، والإعلان عن نتائج تلك التحقيقات، وتقديم جميع المسؤولين عن الانتهاكات ضد المعتقلين إلى العدالة من خلال إجراءات عادلة.


· إما توجيه تهمة إلى أي فرد محتجز بارتكاب جريمة معترف بها دوليا، وفي هذه الحالة منحه حق الحصول الفوري على محامين من اختياره وإبلاغ أسرته بذلك، أو الإفراج عنه فورا.


· اعتماد سياسة عدم التسامح مع أي شكل من التعذيب في جميع جوانب نظام العدالة الجنائية، وتنفيذها بفعالية وفورا.


· ضمان مثول جميع المحتجزين لأي سبب كان على وجه السرعة وحضوريا أمام قاضٍ أو سلطة قضائية يمكنها البت في شرعية احتجازهم وضرورته.


· في جميع جلسات الاستماع الخاصة بالحبس الاحتياطي والإجراءات القضائية الأخرى، عندما يتم إحضار المحتجزين أمام القاضي، ضمان أن ينتبه أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة والمسؤولون الحكوميون إلى المؤشرات والادعاءات التي تشير إلى تعرض السجناء للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة؛ وإذا لوحظت علامات على سوء المعاملة أو أثبتت هذه الادعاءات بأدلة موثوقة أخرى، الأمر بإجراء تحقيقات فورية وشاملة ونزيهة.


· ضمان أن يكون جميع المشاركين في العمليات العسكرية وعمليات إنفاذ القانون على دراية كاملة بأحكام القانون الوطني والدولي المطبقة على أفعالهم ومسؤوليتهم الشخصية والقيادية المحتملة عن أي انتهاكات لهذه الأحكام.


· التعاون الكامل مع آليات الإجراءات الأممية الخاصة ذات الصلة، ولا سيما المقرر الخاص المعني بالتعذيب، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي؛ والسماح لآليات الإجراءات الخاصة هذه بزيارة اليمن، بما يشمل الأراضي التي تسيطر عليها سلطات مختلفة؛ توجيه دعوات إلى أصحاب ولايات الإجراءات الخاصة لزيارة البلاد، وتوفير إمكانية الوصول إلى أماكن الاحتجاز الرسمية والأماكن الأخرى التي يُزعم احتجاز أفراد فيها بشكل غير رسمي.


· تحسين الظروف في مراكز الاحتجاز بشكل عاجل لتلبية المعايير الدولية، بما في ذلك ضمان معاملة المحتجزين بطريقة إنسانية وكريمة، مع توفير ما يكفي من المساحة، والغذاء، والمياه، والعلاج الطبي، والمرافق الصحية.


· إجراء تحقيقات شاملة في أي ادعاءات بشأن ارتكاب انتهاكات من قبل المسؤولين ومحاسبة الجناة.


· تقديم تعويضات كاملة ومناسبة إلى الصحفيين والإعلاميين الذين انتُهكت حقوقهم.


إلى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا

· المصادقة على "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري".


إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير، وفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، وفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاختفاء القسري أو غير الطوعي

· طلب زيارة اليمن لرصد حالة حقوق الإنسان وتوثيق الانتهاكات التي ترتكب ضد المدنيين، بمن فيهم الصحفيون، مثل الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، والإبلاغ عنها.


إلى الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

· استغلال جميع الفرص للتدخل الشفوي في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك الدورة الـ 60 المقبلة (التي تبدأ في 8 سبتمبر/أيلول 2025) لإثارة مخاوف جدية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، بما في ذلك إدانة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري بحق الصحفيين والإعلاميين الآخرين، والدعوة إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفا.


· الدعوة إلى رصد الوضع وإبلاغ مجلس حقوق الإنسان من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان والضغط من أجل أن يتضمن القرار القادم للمجلس بشأن البند 10 والمتعلق باليمن طلبا للرصد والإبلاغ من قبل المفوض السامي.


· الدعوة إلى مبادرات في مجلس حقوق الإنسان واقتراحها لإنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة، وفقا لدعوات المجتمع المدني اليمني والمنظمات غير الحكومية الدولية المعنية بحقوق الإنسان.


إلى الدول الداعمة للحوثيين والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي

· الضغط على جميع الأطراف لإنهاء انتهاكاتها بحق الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، وضمان حماية حرية التعبير للعاملين في وسائل الإعلام وجميع الأشخاص الذين يعيشون في اليمن.


· دعوة جميع الأطراف إلى الإفراج الفوري عن الصحفيين المحتجزين، وإعادة المؤسسات الإعلامية المصادَرة، وضمان المساءلة عن الانتهاكات المرتكبة ضدهم.


· الضغط على الأطراف لتقديم تعويضات كاملة ومناسبة للصحفيين والإعلاميين والمؤسسات التي تعرضت لانتهاكات طوال فترة النزاع.


المنهجية

يستند هذا التقرير إلى 27 مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش بين أكتوبر/تشرين الأول 2024 ومايو/أيار 2025، شملت 16 صحفيا (أربعة منهم كانوا محتجزين سابقا)، وإعلاميين، وأعضاء في المجتمع المدني اليمني، وأفرادا من عائلات الصحفيين المحتجزين والمخفيين، ومحاميا. أجريت المقابلات باللغة العربية.


أجريت المقابلات عن بعد ووجها لوجه. أبلغت هيومن رايتس ووتش جميع المشاركين في المقابلات بطبيعة بحثنا والغرض منه ونيتنا نشر تقرير بالمعلومات التي جمعناها. أبلغنا كل مشارك محتمل في المقابلة أنه ليس ملزما بالتحدث إلينا، وأن هيومن رايتس ووتش لا تقدم مساعدة قانونية أو غيرها، وأنه يمكنه التوقف عن التحدث إلينا أو رفض الإجابة على أي سؤال دون أي عواقب سلبية. حصلنا على موافقة شفهية لكل مقابلة. لم يتلقَّ الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أي تعويض مادي مقابل التحدث مع هيومن رايتس ووتش.


كما راجعت هيومن رايتس ووتش وحللت الصور والوثائق المتعلقة بالقضايا التي تم التحقيق فيها، بما في ذلك الوثائق الرسمية ولوائح الاتهام الصادرة عن المحاكم، من بين أمور أخرى.


في 13 أغسطس/آب 2025، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى السلطات الحوثية والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي لتلخيص نتائجنا وطرح سلسلة من الأسئلة وطلب التعليق. في حين لم يرد المجلس الانتقالي الجنوبي، كتب ممثلو نقابة الصحفيين والإعلاميين والجنوبيين إلى هيومن رايتس ووتش للرد على بعض الأسئلة المطروحة على المجلس الانتقالي الجنوبي، وتحديدا فيما يتعلق باستيلاء المجموعة على مكتب نقابة الصحفيين اليمنيين في عدن العام 2023. أفادت نقابة الصحفيين والإعلاميين والجنوبيين أن نقابة الصحفيين اليمنيين لم تكن مسجلة قانونيا، وأن نقابة الجنوب هي "النقابة القانونية والشرعية الوحيدة في الجمهورية اليمنية". سلطات المجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولة عن تجديد المنظمات وتسجيلها، ما يعني أن سلطة المجلس هي التي تحدد النقابات المسجلة قانونيا وتلك غير المسجلة.


لم تتلقَّ هيومن رايتس ووتش أي رد من الحوثيين أو الحكومة اليمنية في وقت استكمال هذا التقرير.


تم تغيير بعض الأسماء الواردة في التقرير إلى أسماء مستعارة لحماية هويات الأفراد الذين يخشون انتقام السلطات منهم أو من أفراد أسرهم بسبب حديثهم مع هيومن رايتس ووتش.


الخلفية

في سبتمبر/أيلول 2014، استولى الحوثيون – وهم جماعة مسلحة في اليمن تسيطر على العاصمة صنعاء ومعظم شمال اليمن – على صنعاء، ما دفع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى الفرار إلى المناطق الجنوبية من البلاد وأدى إلى اندلاع نزاع مسلح غير دولي. في مارس/آذار 2015، بدأ تحالف دولي بقيادة السعودية والإمارات عمليات عسكرية ضد الحوثيين، ما أدى إلى تصعيد النزاع بشكل كبير.[1]


كانت الحرب مدمرة للمدنيين في اليمن. منذ العام 2014، قتلت الأطراف المتحاربة وجرحت آلاف المدنيين وألحقت أضرارا بالبنية التحتية المدنية الحيوية ودمرتها. وفقا لـ "تقرير الوضع الإنساني" في اليمن للعام 2025، الصادر عن الأمم المتحدة، تسبب النزاع في حاجة ما يقدر بنحو 19.5 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية.[2] حوالي نصف السكان لا يحصلون على ما يكفيهم من الغذاء والمياه.[3]


في أبريل/نيسان 2022، اتفقت الأطراف المتحاربة في اليمن على هدنة لمدة شهرين تم تجديدها مرتين.[4] منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، عندما انتهت الهدنة رسميا، ظلت الأعمال العدائية محدودة، ولم يستأنف التحالف بقيادة السعودية والإمارات حملته الجوية. تواصل السعودية والحوثيون، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، إجراء مفاوضات لإضفاء الطابع الرسمي على إنهاء النزاع بين الطرفين. غالبا ما استثنت هذه المفاوضات الأطراف المتحاربة الأخرى، بما فيها الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي،[5] ناهيك عن أصحاب المصلحة، بمن فيهم مجموعات حقوق الضحايا.


c4f13ebb-b93a-4bbf-b369-38423cfefbceClick to expand Image

المصدر: مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية.ملاحظة: "المجلس الانتقالي الجنوبي" و"قوات النخبة الحضرمية" و"قوات المقاومة الوطنية" تحظى جميعها بدعم الإمارات. وتخضع هذه المجموعات الثلاث، إلى جانب الحكومة اليمنية، لسلطة "مجلس القيادة الرئاسي". الرسم البياني © 2025 هيومن رايتس ووتش

على الرغم من أن الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي كانا خصمين طوال النزاع، إلا أن كلاهما جزء من "مجلس القيادة الرئاسي" الذي حل محل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي في العام 2022.[6] وعلى الرغم من وجود المجلس في هذا الائتلاف الحكومي، هناك محافظات عدة يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي فعليا، بما فيها عدن.


طوال النزاع، بالإضافة إلى الانتهاكات المرتبطة بالنزاع، ارتكبت الأطراف المتحاربة، بما فيها الحوثيون والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، مجموعة واسعة من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، منها انتهاكات تتعلق بحرية التعبير والصحافة.[7]


في سبتمبر/أيلول 2017، أنشأ "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" فريق الخبراء البارزين المعني باليمن ،وهو هيئة قامت بالتحقيق والإبلاغ عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي في اليمن.[8] جدد مجلس حقوق الإنسان لاحقا ولاية الفريق سنويا لمدة أربع سنوات، ولكن في العام 2021، بعد أن مارست السعودية ضغوطا قوية على أعضاء المجلس لإنهاء ولاية فريق الخبراء، صوّت المجلس ضد القرار الذي يسعى إلى تجديد ولايته.[9] منذئذ، لم تعد هناك آلية دولية مستقلة لرصد الوضع الحقوقي في اليمن والإبلاغ عنه.




الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري بحق الصحفيين

طوال فترة النزاع، قامت الأطراف المتحاربة بممارسة الاعتقال والإخفاء القسري بحق عشرات الصحفيين. وثّقت هيومن رايتس ووتش 14 حالة انتهاك ضد صحفيين تمت مناقشتها في هذا التقرير، وتسلط الضوء على خمس حالات لصحفيين تعرضوا أو يتعرضون حاليا للاعتقال التعسفي من قبل الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023: ثلاث حالات من قبل الحوثيين، وحالتان من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي.


فور سيطرتها على صنعاء في 2014، بدأ الحوثيون حملة واسعة لاعتقال الصحفيين والإعلاميين. بعضهم، بمن فيهم نبيل السداوي، الصحفي في وكالة أنباء سبأ الرسمية الذي اعتقله الحوثييون في سبتمبر/أيلول 2015، ما يزالون في السجن.[10] آخرون، مثل عبد الخالق عمران وتوفيق المنصوري وحارث حامد وأكرم الوليدي، احتُجزوا تعسفا ثماني سنوات، تعرضوا خلالها لتعذيب شديد وحُكم عليهم بالإعدام بتهمة تجسس لا أساس لها، قبل أن يُفرج عنهم في عملية تبادل أسرى في العام 2023.[11] بعد الإفراج عنهم، واصل الحوثيون فرض عقوبة الإعدام عليهم، ما أجبرهم جميعا على الفرار من اليمن.[12]


في العام 2024 وحده، اعتقل الحوثيون تعسفا ما لا يقل عن ثلاثة صحفيين، وترد تفاصيل قضاياهم أدناه: محمد المياحي، ومحمد النابهي، وفهد يحيى الأرحبي. كما اعتقل الحوثيون العشرات، إن لم يكن المئات، الآخرين لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير،[13] بمن فيهم نشطاء مثل سحر الخولاني وعبد الرحمن نويرة، اللذين اعتقلا في العام 2024 بعد انتقادهما انتهاكات الحوثيين على صفحاتهما على مواقع التواصل الاجتماعي.[14] أُفرج عنهما بعد خمسة أشهر وشهرين في الاحتجاز على التوالي.[15]


في مايو/أيار 2025، شن الحوثيون حملة اعتقال استهدفت الصحفيين ونشطاء وسائل الإعلام في الحديدة، حيث اعتقلوا واحتجزوا تعسفا ما لا يقل عن ستة صحفيين، وفقا لنقابة الصحفيين اليمنيين، التي دعت إلى الإفراج الفوري عنهم.[16]


كما اعتقلت أطرافٌ متحاربة أخرى صحفيين. في 18 فبراير/شباط 2021، اعتقلت قوات الأمن في محافظة حضرموت، التي تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية، صحفيين عدة خلال الاحتجاجات، منهم هالة فؤاد باضاوي لمدة عام بتهمة "ملفقة" تتعلق بالإرهاب، وفقا لـ "مراسلون بلا حدود".[17] وفقا لـ "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، كان اثنان من الصحفيين يغطيان الاحتجاجات واعتقلتهم قوات الأمن قبل بدء المظاهرة دون تقديم أي تفسير لاعتقالهما.[18] في العام 2022، أفادت "منظمة العفو الدولية" أيضا عن مقاضاة الحكومة اليمنية ثلاثة صحفيين بسبب محتوى ينتقد الحكومة.[19]


وفقا لمرصد الحريات الإعلامية وصحفيين آخرين، اعتقلت قوات الأمن في مأرب، وهي محافظة أخرى خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، العديد من الصحفيين والنشطاء الإعلاميين.[20]


كما اعتقلت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الصحفيين والإعلاميين طوال فترة النزاع. في 2020، اعتقلت قوات الأمن التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الصحفي عادل الحسني تعسفا وأخفته، وكان الحسني قد عمل مباشرة مع مراسلي شبكة "سي إن إن" الذين كشفوا في العام 2019 أن السعودية والإمارات نقلتا أسلحة اشترتاها من الولايات المتحدة إلى قوات مرتبطة بـ "تنظيم القاعدة"، وقوات سلفية، وجماعات مسلحة أخرى في اليمن، في انتهاك للاتفاقات التي أبرمتها السعودية والإمارات مع الولايات المتحدة.[21] وقال مصدر مقرب من الحسني إن قوات الأمن التابعة لـ المجلس الانتقالي الجنوبي قيدته بالسلاسل وهددته وضربته ليعترف باستغلال عمله كصحفي للتجسس لصالح دول أجنبية.[22]


في 2022 و2023، اعتقلت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الصحفيَّيْن أحمد ماهر وناصح شاكر، على التوالي، في عدن. كان ماهر يغطي انتهاكات قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، بينما كان شاكر يغطي انتهاكات الأطراف المتحاربة الأخرى.


كما اعتقل المجلس العديد من غير الصحفيين لممارسة حرية التعبير، بما في ذلك الاحتجاج والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، حسبما قال العديد من الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش على مدى العامين الماضيين. كما قمعت قوات المجلس الفضاء المدني في المناطق الخاضعة لسيطرتها.[23]


بين مارس/آذار 2015 وأغسطس/آب 2020، وثق مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان 357 حالة خرق وانتهاك حقوقي ضد الصحفيين، منها 28 حالة قتل، واختفاء قسري في حالتين، واختطاف في حالة واحدة، و45 اعتداء جسدي، و184 اعتقالا واحتجازا تعسفيا، و16 تهديدا بالقتل أو العنف الجسدي ضد الصحفيين، و24 حالة مصادرة لمؤسسات إعلامية، و26 حالة إغلاق لقنوات تلفزيونية وشركات صحفية، و27 حالة اعتداء على مؤسسات إعلامية ومنازل صحفيين، وأربعة أحكام بالإعدام صدرت بحق صحفيين في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان.[24]


في أغسطس/آب 2020، قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة آنذاك ميشيل باشليه: "الصحفيون [في اليمن] مهاجمون من كل الاتجاهات".[25] وأضافت أنهم "يُقتلون ويُضربون ويُخفون ويتعرضون للمضايقة والتهديد ويُسجنون ويحكم عليهم بالإعدام لمجرد محاولة تسليط الضوء على وحشية هذه الأزمة".[26]


في تقريرها لعام 2021، أفادت مجموعة الخبراء البارزين التابعة للأمم المتحدة أن الأطراف المتحاربة تمارس الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب بحق الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأقليات الدينية لإسكات معارضتهم المتصوَّرة أو لمعاقبتهم على معتقداتهم الدينية، ولإضفاء الشرعية على سلطتهم من خلال نشر الخوف.[27]


وفي الآونة الأخيرة، وثقت نقابة الصحفيين اليمنيين 82 انتهاكا ضد الصحفيين في العام 2024 وحده، بما في ذلك حالات الاحتجاز التعسفي، ومحاكمات واستدعاءات قضائية تنطوي على انتهاكات، ومضايقات.[28]


وصف نجم الدين قاسم، وهو صحفي استقصائي وصديق لصحفي محتجز، المخاطر التي يواجهها الصحفيون في اليمن. وقال: "يعلم جميع الصحفيين اليمنيين أنهم سيكونون هدفا في مرحلة ما، لكنهم يواصلون عملهم [كصحفيين]، لأنهم لا يملكون خيارا آخر".[29] وأضاف أنه لا يهم ما إذا كان الصحفيون يُنظر إليهم على أنهم حلفاء أو أعداء من قبل أحد أطراف النزاع – فهو يشعر أن السلطات ستستهدفهم في النهاية بغض النظر عن ذلك.[30]


قالت الصحفية المستقلة لبنى صادق (اسم مستعار) لـ هيومن رايتس ووتش إن الانتهاكات والمخاطر التي تواجهها الصحفيات غالبا ما تكون أسوأ من تلك التي يواجهها الصحفيون الذكور.[31] وأوضحت أن النساء المعتقلات يواجهن العار والوصمة من مجتمعاتهن والتي تدوم إلى الأبد".[32] وأضافت أن بعض العائلات والمجتمعات قد ترفض السماح للصحفيات (وغيرهن من النساء) اللواتي تم اعتقالهن بالعودة إلى عائلاتهن بعد الإفراج عنهن، وأن "بعض العائلات تعتقد أن من الأفضل [للمرأة] أن تموت بدلا من أن تخرج من السجن".[33]


التعذيب

تحدث أربعة صحفيين اعتقلتهم الأطراف المتحاربة وأفرج عنهم لاحقا إلى هيومن رايتس ووتش عن تعرضهم لتعذيب شديد في السجن، بالإضافة إلى أشكال أخرى من سوء المعاملة.[34] قالوا إن السلطات أخضعتهم لمعاملة وحشية بشكل خاص في السجن لتخويفهم هم وغيرهم وردعهم عن التغطية المستقلة لانتهاكاتها.[35]


عبد الخالق عمران، وهو صحفي من صنعاء احتجزه الحوثيون في 2015 وحكموا عليه بالإعدام لاحقا، أُفرج عنه في 2023 في عملية تبادل أسرى ضمن الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة. ووصف تعرضه لتعذيب نفسي وجسدي شديد من قبل سلطات الحوثيين، بما في ذلك الضرب بقضبان معدنية وخشبية، والصعق بالكهرباء، والخنق، والعزل لفترة ﻄويلة، الامر الذي تسبب له بمشاكل صحية. وقال إن القاضي الذي حكم عليه وعلى ثلاثة صحفيين آخرين بالإعدام صرّح أن "الصحفيين أعداء الله والأمة"، وإن المحقق قال إن "الطريقة الوحيدة لإسكات الصحفيين هي الموت". وقال أيضا إن مدير أحد السجون التي احتُجز فيها قال ”نتقرب إلى الله بتعذيب الصحفيين".[36]


محمد الصلاحي، وهو صحفي من تعز، اعتقلته قوات الأمن الحوثية في الحديدة في 2018 ولم يُفرج عنه حتى 2023، بعد عامين من صدور أمر المحكمة بالإفراج عنه.[37] قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه تعرض "للتعذيب النفسي والجسدي واللفظي" طوال احتجازه. "ضربوني [عناصر الأمن في السجون] بالكابلات، وصفعوني، وخنقوني، وعلّقوني لفترات طويلة، وحرموني من النوم والذهاب إلى المرحاض، ووجهوا مسدسا إلى رأسي ورقبتي، وهددوني بإعدام زملائي الصحفيين. تسبب ذلك في آثار صحية ما زلت أعاني منها".[38]


قال عبد الرحمن خالد (اسم مستعار)، وهو صحفي احتجزه الحوثيون من 2014 إلى 2016 بسبب انتقادهم قبل 2014، إنه "لم يتعرض للتعذيب بقدر الصحفيين الآخرين".[39] إلا أنه روى أنه تعرض للتعليق من إحدى قدميه والضرب: "[الحوثيون] كانوا يعلمون أنني أعاني من مشكلة في إحدى ساقي منذ أن كنت ألعب كرة القدم. كانوا يعلقونني من [تلك الساق] ويضربونها مرارا وتكرارا، حتى تأثر عمودي الفقري".[40] قال إنه بعد الإفراج عنه من الاحتجاز، اضطر إلى قضاء شهرين في الخارج لتلقي العلاج الطبي قبل العودة إلى اليمن.[41]


سبق أن وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات منهجية في سجون الحوثيين.[42] في تقرير صدر العام 2023، وجد فريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنه "يعرض السجناء المحتجزون لدى الحوثيين يتعرضون للتعذيب النفسي والجسدي المنهجي، بما في ذلك الحرمان من التدخل الطبي لعلاج الإصابات الناجمة عن التعذيب الذي يتعرضون له، والذي أدى إلى إصابة بعض السجناء بحالات عجز دائم وحالات وفاة".[43]


احتجاز أفراد الأسرة وتهديدهم

في بعض الحالات، احتجزت السلطات أفراد أسر الصحفيين إما بالإضافة إلى الصحفيين أو بدلا منهم.


مياس ماهر، شقيق أحمد ماهر، الصحفي الذي احتجزه المجلس الانتقالي الجنوبي في 2022، احتُجز مع أحمد وظل محتجزا لعدة أشهر. قال مياس لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات احتجزته وعذبته كوسيلة للضغط على أحمد للاعتراف بتهم تعسفية".[44] قال: "كانوا يقيدون أيدينا وأرجلنا ويعلقوننا لمدة نصف ساعة إلى ساعة".[45] قال إنه تم اعتقال والدهما لفترة وجيزة، لكن وفقا لمياس، "قال أحمد إنه سيفعل ما تريده [السلطات] إذا أطلقت سراح والدنا".[46] أُطلق سراح والدهما بعد عدة ساعات.[47]


قال عبد الرحمن خالد لـ هيومن رايتس ووتش إن الحوثيين احتجزوا شقيقه ثلاثة أيام في 2019 "للضغط عليّ للعودة إلى مناطق سيطرتهم بعد أن هربت إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية".[48] قال إنه كان يكتب عن الفساد داخل إحدى وزارات الحوثيين، وردا على ذلك، "هدد الحوثيون [عائلته] باقتحام [منزلهم]، وبأنهم سيغتالونه إذا لم يتوقف".[49] وقال أيضا إن السلطات هددت باعتقال أخته الصغرى و"تزويجها لأحد قادة الحوثيين".[50]


قال الصحفي الاستقصائي علي سلمان (اسم مستعار): "على الرغم من أننا نحب أن نرى أسماءنا على تقاريرنا... فإننا نختار استخدام أسماء مستعارة لأنه من الضروري حماية أنفسنا وأقاربنا الذين قد يتعرضون للاستهداف بسببنا".[51]


أفاد فريق الخبراء البارزين المعني باليمن التابع للأمم المتحدة في العام 2021 أن صحفيا يمنيا كان محتجزا في السابق من قبل أحد أطراف النزاع نقل عن أحد المحققين قوله: "نعرف كل أفراد عائلتك، وإذا عبثت معنا، فأنت تعرف ما يمكننا أن نفعله".[52]


خمس حالات احتجاز واختفاء صحفيين منذ العام 2022

محمد المياحي، اعتقلته قوات الحوثيين وأخفته في 20 سبتمبر/أيلول 2024

اعتقلت قوات الحوثيين محمد المياحي وأخفته يوم الجمعة 20 سبتمبر/أيلول 2024 من منزله في صنعاء. وفقا لأحد أقاربه، وصلت شرطة الحوثيين التي ترتدي الزي الأزرق إلى منزل المياحي في الصباح وأخذته بسرعة دون مذكرة توقيف ودون إخبار عائلته عن سبب اعتقاله أو إلى أين يأخذونه".[53]


لاحقا ذلك اليوم، عادت قوات الحوثيين إلى المنزل وداهمته، وأخذت أجهزة المياحي الإلكترونية، بما فيها لابتوبات وهواتف وقرصا صلبا.[54] أخذوا العديد من المتعلقات الشخصية من أفراد عائلته، وفقا لأحد أقاربه. أخبر الجيران نفس القريب أنهم شاهدوا أيضا مركبات عسكرية خارج المنزل وقت الاعتقال.[55]


أخبر صديق للمياحي هيومن رايتس ووتش أن المياحي نشر في اليوم السابق للاعتقال انتقادات لأيديولوجية الحوثيين و"حملات غسيل الدماغ" على صفحته على "فيسبوك"، وشدد على أهمية ثورة 26 سبتمبر/أيلول، التي تصادف ذكرى تأسيس الجمهورية العربية اليمنية في 1962.[56]


لسنوات عدة، نفذ الحوثيون اعتقالات واسعة في الفترة القريبة من 26 سبتمبر/أيلول، لأنهم يعتقدون أن يوم 21 سبتمبر/أيلول، وهو اليوم الذي استولوا فيه على صنعاء، هو الذي يجب الاحتفال به بدلا من ذلك.[57] كان المياحي واحدا من عشرات الأشخاص الذين اعتقلوا في العام 2024 في الأيام القريبة من ذكرى الثورة.[58]


لم تكشف قوات الأمن عن مكان المياحي لعائلته أو محاميه، على الرغم من شكاوى عدة قدمها محاميه إلى النيابة العامة الجزائية.[59] نشر محاميه لاحقا على صفحته على فيسبوك أنه على الرغم من محاولته كل شيء للحصول على معلومات عن مكان المياحي وزيارته، إلا أنه لم يتمكن من ذلك. [60]كتب: "صديقك المحامي يا محمد لم يتمكن من إنقاذك، لم يتمكن حتى من تطمين زوجتك وأمك، محاميك الذي وثقت به يعترف بأنه خذلك ولم يتمكن من الوصول إليك بعد ثلاثين يوما من اختطافك".[61]


قال أحد أقارب المياحي لـ هيومن رايتس ووتش إن المياحي تمكن من الاتصال بأسرته لأول مرة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وزاروه في السجن بعد ثلاثة أيام، في 6 نوفمبر/تشرين الثاني.[62]


كتبت "منظمة سام لحقوق الإنسان والحريات"، وهي منظمة من المجتمع المدني اليمني، في يناير/كانون الثاني 2025 أن المياحي ظل في الحبس الانفرادي لمدة شهر من احتجازه، وحُرم من ضوء الشمس، و"لم يُسمح له برؤية زوجته إلا من خلال حاجز زجاجي، دون أن يتمكن من سماع صوتها".[63] كما أفادت منظمة سام أن سجناء آخرين وصفوا المكان حيث كان يُحبس المياحي انفراديا بأنه "جحيم، حيث يُحرم السجناء من الضوء والهواء الكافيين، ولا يحصلون سوى على قطعة صغيرة من الخبز يوميا".[64]


في يناير/كانون الثاني 2025، بعد أشهر عدة من الاحتجاز دون محاكمة أو تهمة، أُحضر المياحي بشكل غير متوقع إلى المحكمة الجزائية المتخصصة حيث مثل أمام القضاة بتهم تتعلق بـ "الإخلال بالأمن العام والإضرار بنظام الحكم".[65] رفع محاموه طلب لنقل قضيته إلى النيابة العامة للصحافة والمطبوعات، هي هيئة منفصلة لها اختصاص في القضايا المتعلقة بالصحفيين ووسائل الإعلام، لكن هذا الطلب قوبل بالرفض.[66] في 24 مايو/أيار 2025، أدانته المحكمة الجنائية المتخصصة بتهمة تعمّد نشر أخبار ومعلومات كاذبة ومضللة بهدف الإخلال بالأمن العام والسلم، والإضرار بالمصلحة العامة، ونشر تصريحات ومقالات تحرض ضد الدولة ونظامها السياسي؛ وحكمت عليه بالحبس سنة ونصف، وأمرته بدفع كفالة قدرها 5 ملايين ريال يمني (حوالي 20,800 دولار أمريكي)، بالإضافة إلى توقيع تعهد مكتوب، وفقا لنقابة الصحفيين اليمنيين.[67]


محمد النابهي، اعتقلته قوات الحوثيين وأخفته في 23 أبريل/نيسان 2024

محمد النابهي، رئيس "المؤسسة الإعلامية للشفافية ومكافحة الفساد"، وهي منظمة إعلامية تركز على مكافحة فساد السلطات، اختُطف في 23 أبريل/نيسان 2024 من قبل قوات الحوثيين. حتى أبريل/نيسان 2025، كان ما يزال محتجزا دون تهمة، ولم تكن قد أحيلت قضيته إلى المحاكمة.[68]


وفقا لإحدى أفراد أسرته، في مساء يوم 23 أبريل/نيسان 2024، قبل يومين فقط من زفافه، غادر النابهي منزله لقضاء حاجة سريعة ولم يعد.[69] وقالت: "لم ندرك أنه اختفى حتى اليوم التالي عندما أبلغنا الجيران أن سيارة مدنية كانت متوقفة أمام منزل محمد أخذته". وأفاد الجيران أن النابهي كان يصرخ طلبا للنجدة، وحث الجيران على إبلاغ عائلته بما يحدث ومتابعته. على مدى الأسابيع القليلة التالية، اتصلت عائلة النابهي مرارا وتكرارا بجهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين في محاولة للحصول على معلومات عن مكانه، لكن السلطات نفت أن تكون لديها أي معلومات.[70]


في 11 مايو/أيار 2024، حوالي الساعة 8:00 صباحا، وصل أربعة جنود يرتدون الزي الرسمي في حافلة مدنية، برفقة النابهي الذي كان مقيد اليدين ومعصوب العينين.[71] داهم الجنود منزل النابهي، ويبدو أنهم كانوا يبحثون عن هاتفه الشخصي، بينما كانوا يصورون. استمروا في تفتيش المنزل 15 دقيقة قبل أن يغادروا، وفقا لإحدى أقاربه.[72]


في 17 مايو/أيار 2024، بعد أن اتصلت القريبة نفسها بالسلطات وأصرت على أن السلطات تعلم أن جهاز الأمن والمخابرات احتجز النابهي، تمكنت عائلته أخيرا من التحدث معه.[73] أبلغهم النابهي أن السلطات لم تخبره بسبب احتجازه.


وبعد يومين، سمحت السلطات لأسرته بزيارته للمرة الأولى. ومنذ ذلك الحين، يُسمح بالزيارات كل أسبوعين. ووفقا لأحد أفراد أسرته، لم توجه إلى النابهي أي تهمة رسمية، لكنهم يعتقدون أنه اعتقل بسبب عمله في كشف الفساد في استيراد المبيدات الحشرية. ولا تعلم أسرته ما إذا كان قد تمكن من الاتصال بمحامٍ أثناء احتجازه.


يعاني النابهي من مشاكل في القولون والعين. أفادت قريبته بأنه حُرم من الرعاية الطبية الكافية، وأن حالته الصحية تدهورت أثناء الاحتجاز.[74]


فهد يحيى الأرحبي، اعتقلته قوات الحوثيين في 21 أغسطس/آب 2024

في 21 أغسطس/آب 2024، اعتقلت قوات من جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين في محافظة عمران الصحفي فهد الأرحبي. أُفرج عنه لاحقا في 18 فبراير/شباط 2025.[75]


قال محامي الأرحبي، عبد المجيد صبره، لـ هيومن رايتس ووتش إن الأرحبي اعتُقل بسبب عمله كصحفي.[76] وقالت نقابة الصحفيين اليمنيين في بيان إنها تلقت معلومات من عائلة الأرحبي بأن اعتقاله جاء بسبب عمله الصحفي في تغطية استيلاء الحوثيين على أراضي مملوكة لمصنع عمران للإسمنت.[77] وقال يوسف حازب، رئيس المنظمة الوطنية للصحفيين اليمنيين (صدى)، إن التهم الموجهة إليه "مفبركة... تهم سياسية".[78]


وأعرب كل من نقابة الصحفيين اليمنيين وصبره عن قلقهما بشأن الحالة الصحية للأرحبي أثناء احتجازه، مشيرين إلى أنه يعاني من " يعاني من من التهابات حاده في الصدر، التهابات في الدم والامعاء والمفاصل، إضافة إلى قرحة في المعده والاثنى عشر والقولون ويعاني من البروستات وتضخم عضلة القلب".[79] وأفرج عن الأرحبي في 19 فبراير/شباط 2025، وفقا للنقابة.[80]


هذه ليست المرة الأولى التي يعتقل فيها الحوثيون الأرحبي. وفقا لـ "الاتحاد الدولي للصحفيين"، اعتقله الحوثيون في يوليو/تموز2021 بعد أن نشر انتقادا لهجوم الحوثيين في عمران على صفحته على فيسبوك.[81]


أحمد ماهر، اعتقلته قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وأخفته في 6 أغسطس/آب 2022

في 6 أغسطس/آب 2022، اعتُقل الصحفي المقيم في عدن أحمد ماهر، مع شقيقه مياس ماهر، واقتيدا إلى مركز شرطة دار سعد في عدن الذي يسيطر عليه المجلس الانتقالي الجنوبي. أُطلق سراح مياس بعد أربعة أشهر، لكن أحمد لم يُفرج عنه حتى 18 يناير/كانون الثاني 2025.


تحدثت هيومن رايتس ووتش مع مياس وأحمد عن اعتقالهما واحتجازهما بعد ذلك.


صرح الأخوان بأنهما لم يُعرض عليهما أمر اعتقال عند اعتقالهما، وأنه تم إخفاؤهما، إذ لم يتمكنا من الاتصال بعائلتهما لإعلامها بمكانهما.[82] صرح أحمد أنه لم تخبره السلطات إلا لاحقا، بعد وصولهما إلى مركز الشرطة، بأنه اعتُقل بناءً على "أوامر رسمية من المجلس الانتقالي الجنوبي" لأنه "تحدث بشكل سيئ عن المجلس الانتقالي الجنوبي وأهالي الضالع" (مسقط رأس رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي).[83] احتُجز أحمد ومياس بعد ذلك في مركز الشرطة لأكثر من شهر، وقالا إنه خلال تلك الفترة تعرضا لتعذيب شديد وحُرما من زيارات الأسرة أو الاتصال بمحام.[84]


وفقا لأحمد، عرّضته السلطات للضرب والإيهام بالغرق والصعق بالكهرباء، وهددت أفراد أسرته، بما في ذلك زوجته وابنته الرضيعة، حتى "اعترف".[85] قال شقيقه مياس: "بعد شهر [من الاحتجاز]، تمكنت من رؤية أحمد، ورأيت آثار التعذيب على جسده وأخبرني بما فعلوه به".[86] قال مياس إن أحمد كان يتمنى الموت بسبب التعذيب الذي تعرض له.[87]


نتيجة التعذيب المستمر والتهديدات ضد عائلته، بحسب ما قال أحمد لـ هيومن رايتس ووتش، وافق على الظهور في فيديو يعترف فيه بتزوير وثائق هوية لأشخاص آخرين زنشر مقالات للتستر على جرائم مزعومة ارتكبها قائد عسكري في قوات الحكومة اليمنية، نُشرت على قناة "المشهد العربي" على "يوتيوب"، وهو موقع إخباري محلي، في 2 سبتمبر/أيلول 2022.[88] عندما قابلته هيومن رايتس ووتش بعد إطلاق سراحه من السجن، قال أحمد للمنظمة إنه أُجبر على الاعتراف من قبل مدير مركز شرطة دار سعد.[89]


نُقل أحمد لاحقا إلى سجن بير أحمد في عدن، حيث قال إنه لم يُسمح له بعد بالاتصال بمحام، ولم يُسمح له بالتحدث مع عائلته عبر الهاتف سوى مرة واحدة شهريا لمدة 10 دقائق.[90] كما حُرم من حق حضور جلسات الاستماع الخاصة بقضيته في مناسبات عدة.[91] طوال فترة احتجازه، حُرم أيضا من الرعاية الطبية، على الرغم من مشاكل صحية عدة أصيب بها نتيجة التعذيب.[92]


كما اعتُقل لاحقا المحامي الذي عينته عائلته للدفاع عنه، سامي ياسين، وداهمت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي مكتبه في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.[93] وصادرت القوات وثائق وملفات من مكتبه، منها وثائق وأدلة تتعلق بقضية أحمد، وفقا لبيان أدلت به عائلة ياسين في 21 مايو/أيار 2024.[94] وقالت العائلة أيضا في البيان إن قائدا في قوات الحزام الأمني عمد إلى "التدخل في شؤون العدالة والتأثير على مسار الإجراءات".[95]


في 28 مايو/أيار 2024، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في عدن على أحمد بالسَّجن أربع سنوات بتهمة نشر معلومات كاذبة وأخبار مضللة وتزوير وثائق هوية.[96] في 25 ديسمبر/كانون الأول 2024، برّأت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة في عدن أحمد وأسقطت التهم الموجهة إليه.[97] ومع ذلك، حتى بعد تبرئته، واصلت السلطات احتجاز أحمد ثلاثة أسابيع إضافية.[98]


ناصح شاكر، اعتقل في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 من قبل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي

في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وصل ناصح شاكر، وهو صحفي مستقل مقيم في صنعاء، إلى عدن قادما من صنعاء في طريقه للسفر إلى الخارج لتلقي تدريب في بيروت مع "مؤسسة سمير قصير".[99] كان آخر اتصال لعائلة شاكر به في ذلك اليوم نفسه، عندما اتصل بهم ليخبرهم أنه وصل بسلام إلى عدن، وفقا لصديق له تحدث إلى هيومن رايتس ووتش.[100]


قال الصديق نفسه لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعتقد أن عمل شاكر كصحفي، ولا سيما تغطيته انتهاكات الأطراف المتحاربة، هو السبب وراء اختفائه.[101] وأضاف أن عائلة شاكر وزملاءه الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان المحلية يحاولون الحصول على معلومات عن مكان شاكر منذ أكثر من عام، لكن المجلس الانتقالي الجنوبي يواصل إنكار أنه اعتقله أو أخفاه.[102]


أخبر أحد موظفي مرصد الحريات الإعلامية (مرصدك)، وهي منظمة حقوقية تركز على الدفاع عن حقوق الإعلاميين، هيومن رايتس ووتش أنهم استعانوا بمحامٍ لمتابعة قضية شاكر، والذي بحث عنه في السجون في جميع أنحاء عدن.[103] إلا أن السلطات المحلية واصلت إنكارها أمام المحامي والأسرة أن شاكر محتجز لديها، بل ونفت وصوله إلى عدن.[104] أضاف الموظف أن أحد أقارب شاكر تلقى في 2 فبراير/شباط 2025 مكالمة من شخص ادعى أنه محتجز مع شاكر في سجن "لواء النصر"، وهو لواء تابع لـ "قوات الحزام الأمني" التابعة للمجلس الإنتقالي الجنوبي في عدن.[105] وأبلغ المتصل قريب شاكر أن الأخير كان يحاكَم أمام النيابة العامة الجزائية المتخصصة في عدن.[106] تمكنت منظمة مرصدك من التحقق من هذه المعلومات ووجدت قضية مفتوحة لشاكر لدى النيابة العامة.[107]


في 6 فبراير/شباط 2025، وبناءً على طلب من المحامي الذي عينته مرصدك، أرسلت النيابة العامة الجزائية المتخصصة في عدن رسالة إلى رئيس قوات الحزام الأمني تأمره بالسماح لمحامٍ بزيارة شاكر.[108] ومع ذلك، وحتى وقت كتابة هذا التقرير، لم يُسمح للمحامي بالتحدث مع شاكر.[109]


الاعتداءات على الصحفيين وقتلهم

بالإضافة إلى مضايقة الصحفيين والإعلاميين واعتقالهم وإخفائهم، قُتل العديد من الصحفيين على مدار السنوات العشر الماضية في اليمن، بما يشمل اغتيالات محتملة على يد الأطراف المتحاربة. إلا أنه لم تجر تحقيقات كافية لتحديد الجناة في معظم الحالات.


نشرت منظمة صدى تقريرا أفاد بأن 63 صحفيا وإعلاميا قتلوا في اليمن بين يناير/كانون الثاني 2015 وديسمبر/كانون الأول 2023، بأساليب شملت إطلاق النار، والمتفجرات (مثل العبوات الناسفة والسيارات المفخخة)، والاشتباكات المسلحة، والطعن، والتعذيب، والاغتيالات المستهدِفة، فضلا عن الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف بقيادة السعودية.[110] واتهم التقرير الحوثيين بارتكاب حوالي نصف عمليات القتل التي وثّقها، وعزا 14 حالة إلى أفعال التحالف بقيادة السعودية.[111]


ووجد الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين اليمنيين أن ما لا يقل عن 45 صحفيا قتلوا في اليمن بين 2014 و2025.[112] وقد حقق فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة المعني باليمن في اثنتين من هذه الحالات.[113]


مؤخرا، في 28 ديسمبر/كانون الأول 2024، أصدر "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" بيانا أعلن فيه أنه أعدم الصحفي محمد قائد المقري بعد فترة وجيزة من إخفائه قسرا في أكتوبر/تشرين الأول 2015.[114]


في 7 مايو/أيار 2024، أفاد الاتحاد الدولي للصحفيين أن "الأمين العام لنقابة الصحفيين اليمنيين والأمين العام المساعد لاتحاد الصحفيين العرب، محمد شبيطة، أُطلق عليه الرصاص أثناء تنقله في سيارة مع أقاربه في العاصمة صنعاء".[115] أفاد التقرير أن "مسلحا أوقف السيارة التي كان يستقلها شبيطة وابن عمه وأحد أقاربه بالقرب من وزارة الإعلام في صنعاء".[116]


في وقت سابق من العام 2024، هاجم الحوثيون الصحفي مجلي الصمدي، مالك ومدير محطة "إذاعة صوت اليمن"، التي أغلقها الحوثيون في العام 2022 (كما هو موضح أدناه)، وذلك بعد يوم واحد من صدور حكم محكمة الاستئناف التي يديرها الحوثيون بالسماح لهم بالاستيلاء على الإذاعة ومصادرة جميع ممتلكاتها.[117] نشر الصمدي على "إكس" في 5 يناير/كانون الثاني 2024، قائلا: "غدا سوف أخضع لجلسة علاج ثالثة لشفط الدم المتجلط تحت الجلد الناتج عن اعتداء جماعة مسلحة علي تابعة للحوثي في الأول من يناير هذا العام أمام منزلي بصنعاء".[118] أرفق بالمنشور أربع صور فحصتها هيومن رايتس ووتش، تظهر كدمات شديدة في ذراعه الأيمن وكدمات في ساقه قال إنها ناتجة عن الهجوم في يناير/كانون الثاني 2024.[119] لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد بشكل مستقل من تاريخ التقاط الصور أو ما إذا كانت الجروح ناتجة عن الهجوم.


بين 2020 و2022، قُتل ثلاثة صحفيين في عدن. في العام 2020، قُتل نبيل حسن القعيطي، وهو صحفي مستقل يعمل مع "وكالة فرانس برس"، برصاص مجموعة رجال يرتدون الزي العسكري بعد خروجه من منزله في حي دار سعد.[120] وفقا لتصريح قدمه منصور صالح، نائب رئيس قسم الإعلام في المجلس الانتقالي الجنوبي آنذاك، إلى لجنة حماية الصحفيين، كان القعيطي يعمل مصورا مرافقا لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي خلال القتال ضد قوات الحكومة اليمنية والقوات المرتبطة بـ "حزب الإصلاح" في أبين قبل وفاته.[121]


في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قُتلت الصحفية رشا الحرازي في انفجار سيارة مفخخة في عدن.[122] كانت حاملا آنذاك، وكانت برفقة زوجها وزميلها الصحفي محمود العتمي، الذي أصيب في الهجوم.[123] صرّحت الأمم المتحدة أن الصحفيات في اليمن على وجه الخصوص يعانين "من مستويات لا تطاق من المضايقات عبر الإنترنت، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعرضهن للهجوم في الحياة العملية".[124]


4 people speaking on a panelClick to expand Image

ندوة حول اغتيال الصحفية رشا الحرازي، التي قُتلت، بحسب تقارير، عندما انفجرت سيارتها في هجوم استهدفها في عدن عام 2021. © 2025 حمزة مصطفى

وبعد أشهر عدة، في يونيو/حزيران 2022، قُتل الصحفي صابر الحيدري، الذي كان يعمل مراسلا مع محطة البث الحكومية اليابانية "إن إتش كي" وأيضا في قسم العلاقات العامة بوزارة الإعلام التابعة للحكومة المعترف بها دوليا، في انفجار سيارة مفخخة، مع شخصين آخرين كانا برفقته في السيارة.[125] قال عضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأسيدي لـ هيومن رايتس ووتش إن هذه الحالات، بالإضافة إلى حالات أخرى، "لم يعاقَب عليها أحد".[126]


في وقت مبكر من النزاع في العام 2016، قُتل الصحفي الاستقصائي محمد عبده العبسي بالتسمم بعد أن حقق في الفساد في قطاع النفط في اليمن، والذي قال إنه يشمل صلات بمسؤولين حوثيين، من بين أطراف أخرى، وفقا لشقيقته قبول العبسي.[127] وصف فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن وفاته في تقريره لعام 2019 بأنها "يُشتبه أنها جريمة قتل"، ودفع المدير العام لـ "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (اليونسكو) إلى إجراء تحقيق مستقل في وفاته.[128] قالت قبول لـ هيومن رايتس ووتش إن الحوثيين كانوا يحاولون تسجيل القضية على أنها ضد "مجهول".[129] أضافت أنه حتى أبريل/نيسان 2025، لم تكن سلطات الحوثيين قد سمحت لعائلتها بالاطلاع على فيديو أو تقرير تشريح جثة العبسي.[130]


في 17 مارس/آذار 2025، نشر "مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية" و"من أجل الحقيقة"، وهما منظمتان يمنيتان من المجتمع المدني، تحقيقا مفصلا عن ملابسات وفاة العبسي، يشمل أدلة تشير إلى احتمال تورط السلطات الحوثية في اغتياله وعرقلة التحقيقات اللاحقة في وفاته.[131]


حتى الآن، لم تجرِ السلطات تحقيقا مستقلا في وفاة العبسي.[132]


الاستيلاء غير القانوني على المؤسسات الإعلامية وإغلاقها من قبل السلطات

استولى الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي على العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى في جميع أنحاء اليمن منذ بداية النزاع لتقييد حرية التعبير بشكل أكبر.


بدأ الحوثيون بالاستيلاء على المؤسسات الإعلامية وإغلاقها فور سيطرتهم على صنعاء. بين 2014 و2024، داهموا واستولوا على جميع المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة تقريبا أو أغلقوها، ومنها صحيفة الثورة،[133] ووكالة الأنباء سبأ،[134] مكتب قناة الجزيرة في صنعاء،[135] وصحيفة المصدر.[136] في كثير من الحالات، صادر الحوثيون معدات المؤسسات الإعلامية ومكاتبها، واحتجزوا موظفيها وأخفوهم قسرا، واستبدلوا الموظفين بصحفيين وموظفين موالين لهم. في بعض الحالات، واصل الحوثيون إدارة بعض وكالات الأنباء التي استولوا عليها، مثل وكالة سبأ وصحيفة الثورة، واستخدموها كقنوات وصحف رسمية لهم. وفي حالات أخرى، أغلق الحوثيون المؤسسات تماما في أراضيهم. استأنفت بعض المؤسسات، مثل صحيفة المصدر، النشر من مواقع أخرى خارج الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.


قال علي الفقيه، نائب رئيس صحيفة المصدر التي استولى عليها الحوثيون في عام 2015: "حشد الحوثيون جميع المؤسسات الإعلامية لعسكرة المجتمعات المحلية". على الرغم من انتقال المصدر إلى الإنترنت بعد الاستيلاء عليها، إلا أن الموقع محجوب في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.[137] وأضاف الفقيه أن المؤسسات الإعلامية التي تم الاستيلاء عليها الآن "تبث خطب عبد الملك [الحوثي] والخطب الدينية المؤيدة للحوثيين والمنتجات التي تحاول إقناع الناس بأيديولوجية الحوثيين... الآن جميع [المؤسسات الإعلامية داخل] أراضي الحوثيين لها لون واحد وصوت واحد – صوت الحوثيين وصوت الحوثيين فقط".[138]


في الجنوب، تقلصت حرية التعبير بشكل مطرد على مدى السنوات الأربع الماضية، لا سيما أن المجلس الانتقالي الجنوبي على ما يبدو يتّبع نمط الحوثيين في الاستيلاء على المؤسسات الإعلامية اليمنية واستبدالها بمؤسسات "جنوبية" حديثة الإنشاء، فضلا عن استبدال الموظفين السابقين بأشخاص مرتبطين بالمجلس جنوب اليمن و/أو يؤيدونه. قال الأسيدي، من نقابة الصحفيين اليمنيين، لـ هيومن رايتس ووتش إن نمط المجلس الانتقالي الجنوبي في الاستيلاء على المؤسسات الإعلامية في الجنوب "عرّض حرية الصحافة في الجنوب للخطر".[139]


Red and blue identification documents written in ArabicClick to expand Image

بطاقات تعريف للصحفيين صادرة عن "الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي": زرقاء للصحفيين الجنوبيين وحمراء للصحفيين غير الجنوبيين. © 2025 الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي

قال الصحفي المقيم في عدن أحمد سيف: "فقد العديد من الصحفيين وظائفهم لأنهم رفضوا العمل لصالح أطراف النزاع أو الانحياز لأجنداتهم".[140]


وفقا لنقابة الصحفيين اليمنيين، حتى مايو/أيار 2023، توقف قرابة نصف وسائل الإعلام التي كانت تعمل في اليمن قبل بدء النزاع عن العمل.[141] خلصت دراسة أجرتها نقابة الصحفيين اليمنيين إلى أن غالبية المواقع الإخبارية اليمنية منعت السلطات الحوثية مشاهدتها داخل اليمن.[142]


وثقت هيومن رايتس ووتش أربع حالات حديثة استولى فيها الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي على مؤسسات إعلامية، بما فيها يمن لايف للإنتاج الإعلامي والبث الفضائي ويمن ديجيتال ميديا، وصوت اليمن، ووكالة الأنباء سبأ، ومقر نقابة الصحفيين اليمنيين. هذه الحالات ليست سوى أمثلة قليلة على نمط أوسع.


يمن لايف للإنتاج الإعلامي والبث الفضائي ويمن ديجيتال ميديا، أُغلِقتا ثم استولت عليهما قوات الحوثيين في 2023

في 18 أبريل/نيسان 2021، اقتحمت قوات مسلحة تتبع الحارس القضائي، التابع بدوره للحوثيين، مكاتب يمن لايف للإنتاج الإعلامي والبث الفضائي ويمن ديجيتال ميديا، وهما شركتان إعلاميتان خاصتان كانتا تقدمان خدمات إعلامية لمختلف القنوات الإعلامية والصحف الوطنية والدولية.[143] قال مالك الشركتين طه المعمري لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات لم تقدم مذكرة تفتيش، وأفاد بأن سبب اقتحام المكتب هو أن لديهم معلومات تفيد بأن الشركتين "تتعاملان مع العدو".[144] بعد ذلك، أغلق الحوثيون مكاتب الشركتين.


وفقا للمعمري، كانت الشركتان تعملان قبل المداهمة تحت إشراف وزارة الإعلام التابعة للحوثيين، وكانتا مسجلتين رسميا في صنعاء وفقا لإرشادات الحوثيين.


في 24 أغسطس/آب 2021، قدم طه المعمري، من خلال محاميه عبد المجيد صبره، استئنافا إلى المحكمة الجزائية المتخصصة ضد مصادرة شركتيه وممتلكاته من قبل السلطات المؤقتة، طالبا من المحكمة إنهاء المصادرة وإعادة أصوله إليه.[145] وفقا للمعمري، فاز في البداية بالقضية، وسُمح لشركتيه بمواصلة العمل، ولكن تحت إشراف الحوثيين. وقال: "[الحوثيون] كانوا يسيطرون على كل شيء... الأشخاص الذين نقابلهم، والبرامج التي نبثها، وحتى أنهم كانوا يتتبعون رسائلنا الإلكترونية".


بعد عامين، في أغسطس/آب 2023، تعرضت الشركتان مجددا لضغوط قانونية جديدة من الحوثيين بعد أن ادعى النائب العام اكتشاف معلومات جديدة تفيد بأنهما كانتا تصوران قواعد عسكرية وتمرران معلومات حساسة إلى جهات معادية، وهي اتهامات يمكن أن تشكل أساسا للحكم بالإعدام بموجب القانون اليمني. بعد رفع هذه القضية الجديدة، عيّن الحوثيون في إدارة الشركتين أفرادا جددا موالين لهم بدلا من المعمري.


بعد ذلك، صرح المعمري بأنه "ليس له أي سيطرة على شركتيه".[146]


وفي الفترة نفسها تقريبا، استولى الحوثيون على منزل المعمري، وأجبروا والدته وأبناءه، الذين كانوا يعيشون هناك، على المغادرة. كما استولوا على الأراضي التي يملكها المعمري.


تلقت هيومن رايتس ووتش وراجعت وثائق عدة تتعلق بالقضية المرفوعة ضد المعمري، منها وثائق رسمية من جهاز الأمن والمخابرات، النيابة الجزائية المتخصصة والمحكمة الجزائية المتخصصة. وطالبت إحدى الوثائق، الصادرة عن "لجنة حصر واستلام ممتلكات الخونة" والموجهة إلى رئيس النيابة العامة الجزائية المتخصصة، النيابة العامة بالحجز احتياطيا على جميع أصول وممتلكات "الخائن" المعمري وادعت اللجنة في الوثيقة أنها تلقت معلومات مؤكدة تفيد بأن الأخير كان يساعد جهات معادية.[147]


في 24 سبتمبر/أيلول 2024، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة للحوثيين على المعمري، الذي يعيش في إسبانيا، بالإعدام رميا بالرصاص، ومصادرة جميع أمواله المنقولة وغير المنقولة داخل اليمن وخارجه.[148]


صوت اليمن، أغلقتها قوات الحوثيين واستولت عليها في 2023

صوت اليمن كانت محطة إذاعية تعمل من صنعاء حتى 25 يناير/كانون الثاني 2022، عندما داهمت سلطات وزارة الإعلام التابعة للحوثيين، برفقة قوات الأمن، مكتب الإذاعة وصادرت ممتلكات تابعة لها.[149] في اليوم نفسه، داهم الحوثيون ما لا يقل عن خمس محطات إذاعية أخرى في صنعاء وأغلقوها "بحجة أنها بحاجة إلى إصدار تراخيص بث جديدة"، وفقا لـ منظمة العفو الدولية.[150] في 28 يونيو/حزيران 2022، رفعت المحطة الإذاعية شكوى أمام محكمة الصحافة والمطبوعات في صنعاء ضد وزارة الإعلام التابعة للحوثيين.[151] في النهاية، استأنفت جميع المحطات الإذاعية الست بثها، بما فيها صوت اليمن، التي استأنفت البث في 6 يوليو/تموز 2022.[152]


في 11 يوليو/تموز 2022، داهمت قوات الأمن التابعة للحوثيين محطة "صوت اليمن" مرة أخرى، وصادرت أجهزة البث وغيرها من المعدات، وفقا لـ منظمة العفو الدولية و مرصد الحريات الإعلامية.[153]


في 24 ديسمبر/كانون الأول 2022، حكمت المحكمة لصالح صوت اليمن ومجلي الصمدي، وفقا لوثائق المحكمة التي راجعتها هيومن رايتس ووتش.[154] ألزم حكم المحكمة وزارة الإعلام التي يديرها الحوثيون بإعادة إصدار ترخيص بث لإذاعة صوت اليمن ورفض جميع الدعاوى التي قدمها محامي الوزارة بسبب كيديتها.[155] كما أمرت المحكمة السلطات الحوثية بإعادة معدات البث المباشر المصادرة، ودفع تعويضات عن الأضرار، ودفع الرواتب والإيجار والمصاريف التشغيلية الأخرى عن الفترة كاملها التي ظلت فيها المحطة مغلقة، حتى تاريخ إعادتها.[156]


إلا أن وزارة الإعلام لم تنفذ الحكم واستأنفت قرار المحكمة، مطالبة بإغلاق الإذاعة. في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، أيدت محكمة الصحافة والمطبوعات المتخصصة التابعة للحوثيين الاستئناف وأمرت وزارة الإعلام بوضع يدها على المحطة ومصادرة جميع ممتلكاتها، وفقا لمنشور على إكس لـ الصمدي، مالك الإذاعة وموقع المصدر الإلكتروني.[157]


وقال لمنظمة العفو الدولية في العام 2022: "[الحوثيون] غاضبون من المحطة الإذاعية لأنها ليست تحت سيطرتهم. المحطة مستقلة 100%، وتبث أغاني وطنية تدعو إلى الوحدة الوطنية. ربما هذا هو أحد تحفظاتهم على المحطة. هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إغلاق المحطة بالقوة. في العام 2015، أغلقتها القوات العسكرية لمدة 13 يوما لأننا سلطنا الضوء في برامجنا على بعض الانتهاكات التي يعاني منها المجتمع [...]. تخيلوا أنه منذ العام 2015، لا يمكننا التحدث عن أي شيء. أوقفت معظم برامج المحطة الإذاعية. لا توجد أي حريات على الإطلاق".[158]


بعد يوم واحد من صدور حكم المحكمة، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، تعرض الصمدي لهجوم من قبل ثلاثة أشخاص في صنعاء، وفقا لبيان نقابة الصحفيين اليمنيين، الذي أدان الهجوم.[159] هرب من اليمن بعد بضعة أيام.[160]


وكالة أنباء سبأ، أغلقتها واستولت عليها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في 2021

وكالة أنباء سبأ، المعروفة أيضا باسم وكالة الأنباء اليمنية، هي وكالة أنباء رسمية تابعة للحكومة اليمنية.[161] قال مسؤول رفيع في الوكالة لـ هيومن رايتس ووتش إن الوكالة، التي تأسست في 1970، كان مقرها الرئيسي في صنعاء إلى أن استولى الحوثيون عليها في يناير/كانون الثاني2025. [162]بعد ذلك، انتقل موظفو الوكالة إلى عدن، حيث اقتحمت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي مكتب الوكالة في 2 يونيو/حزيران 2021 واستولت عليه.[163] قال المسؤول إن "مكتب الوكالة، الذي يتألف من مبنيين كبيرين وحديثين، مجهزين بجميع المعدات والمكاتب وقاعات الاجتماعات اللازمة، اقتحمته قوات عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي". وأضاف أن القوات "لم تكن لديها أي مذكرات قانونية تبرر الاقتحام أو الاستيلاء".[164]


بعد أسبوع من الاستيلاء على المكاتب، غيّر المجلس الانتقالي الجنوبي اسم الوكالة من وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إلى "وكالة أنباء عدن" وعلق لافتة على المقر تحمل الاسم الجديد.[165]


أدانت نقابة الصحفيين اليمنيين اقتحام الوكالة والاستيلاء عليها في بيان صدر حينها، وحمّلت المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات.[166] كما دعت الحكومة اليمنية والسلطات الأمنية في عدن إلى حماية وسائل الإعلام، وكررت دعوتها إلى عدم توريط وسائل الإعلام والصحفيين في النزاعات السياسية.[167] قال المسؤول في وكالة سبأ لـ هيومن رايتس ووتش إن الوكالة "هي مؤسسة حكومية، وعلى الحكومة حل المشكلة مع المجلس الانتقالي الجنوبي لاستعادة مبانينا".[168]


نقابة الصحفيين اليمنيين في عدن، أغلقتها واستولت عليها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في 2023

في 1 مارس/آذار 2023، استولى صحفيون مرتبطون بالمجلس الانتقالي الجنوبي، برفقة مركبات عسكرية، على مقر نقابة الصحفيين اليمنيين في عدن، وفقا لنبيل الأسيدي.[169] وفي اليوم نفسه، أصدرت النقابة بيانا أدانت فيه المداهمة، قائلة: "فوجئنا بقيام قوات مسلحة تتبع الحزام الأمني في محافظة عدن... باقتحام مقر نقابة الصحفيين اليمنيين بمحافظة عدن والإستيلاء عليه وإرهاب الهيئة الإدارية للفرع والعاملين في المقر".[170]


وفقا لـ مراسلون بلا حدود، "بعد السيطرة على المبنى، قام أعضاء نقابة الإعلاميين والصحفيين الجنوبيين بإزالة لافتة نقابة الصحفيين اليمنيين واستبدالها بعلامة تحمل اسم منظمتهم.[171]


قال الأسيدي: "ما زلنا نحاول القيام بعملنا – كتابة البيانات والأنشطة الأخرى – لكن من الصعب استعادة مكتبنا".[172] أضاف أن النقابة قدمت شكوى إلى النائب العام، لكنها لم تتلق أي رد. كما قال لـ هيومن رايتس ووتش إن "المحامين يخشون رفع قضايا كهذه ضد المجلس الانتقالي الجنوبي".[173]


كما طلبت نقابة الصحفيين اليمنيين من الحكومة المعترف بها دوليا التدخل لاستعادة ملكيتها للمبنى، لكن وفقا لعضو مجلس الإدارة، "الحكومة غير قادرة على فعل أي شيء".[174] قال رئيس نقابة الصحفيين اليمنيين في عدن محمود ثابت لـ هيومن رايتس ووتش: "أرسلت نقابة الصحفيين اليمنيين والاتحاد العام للصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحفيين رسائل إلى الحكومة بشأن اقتحام مكتبنا ومصادرته، لكن لم يحدث شيء منذ ذلك الحين".[175]


قال ثابت لـ هيومن رايتس ووتش إن النقابة تقوم الآن بعملها "بسرية، لأننا خائفون من الانتهاكات التي قد ترتكب ضد أعضائنا".[176]


قال صحفي آخر: "تم الاستيلاء على مكاتب نقابة الصحفيين اليمنيين في صنعاء من قبل الحوثيين وفي عدن من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي".[177] أضاف أن "الجماعات المسلحة تستهدف نقابات الصحفيين قبل استهداف الصحفيين أنفسهم، حتى لا يكون لديهم من يدافع عنهم أو يحميهم". وقال إن ذلك يبدو جزءا من استراتيجية مشتركة بين مختلف السلطات الحاكمة لإغلاق وسائل الإعلام المستقلة وإسكات الأصوات المنتقدة.[178]




الترهيب والمضايقات وعرقلة حركة الصحفيين وعملهم

روى الصحفيون لـ هيومن رايتس ووتش بالتفصيل كيف استخدمت السلطات المختلفة التهديد بالاعتقال، بما في ذلك من خلال أوامر قضائية لا أساس لها، كأحد الطرق العديدة التي سعت بها السلطات إلى إسكاتهم. كما وصف الصحفيون تقييد حريتهم في التنقل بسبب خطر اعتقالهم من قبل السلطات عند نقاط التفتيش والمطارات.[179] كما روى العديد منهم تعرض أفراد أسرهم للتهديدات بسبب عملهم.[180] كما وصف الصحفيون التحديات التي تواجه عملهم نتيجة التدابير البيروقراطية المتزايدة والتي تبدو تعسفية، والتي فرضتها السلطات على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.[181]


وصف ثلاثة صحفيين على الأقل أنهم يعملون تحت أسماء مستعارة، أو يغيرون جوانب من طريقة عملهم، خوفا من اعتقالهم أو قتلهم من قبل السلطات.[182] وقال آخرون إنهم انتقلوا إلى الخارج بحثا عن الأمان بسبب التهديدات بالاعتقال التي تلقوها من السلطات.[183]


قال شهاب عفيف، وهو صحفي مستقل من تعز: "أي طرف قد يستهدفك أو يحتجزك أو يؤذيك أو يعتقلك، لذلك اضطررت إلى نشر بعض التقارير تحت اسم مستعار".[184] قال إن عدم تقدير عمله جعله يشعر "بحزن شديد"، بعد الوقت والجهد الذي بذله فيه.[185]


في 2021، أفاد فريق الخبراء البارزين التابع للأمم المتحدة المعني باليمن أن العديد من الصحفيين توقفوا عن العمل "بعد النجاة من الاحتجاز التعسفي والتعذيب. وتوقف آخرون عن العمل بسبب تهديد حريتهم وأمنهم الجسدي أو أمن أسرهم، والخوف من الانتقام. وقد غادر البعض البلاد تماماً".[186]


قال صحفيان إنهما يشعران أن السلطات تشدد قمعها ضد الصحفيين منذ بدء وقف إطلاق النار بين التحالف بقيادة السعودية والحوثيين في أبريل/نيسان 2022.[187]


وقال الصحفي المستقل في عدن أحمد سيف: "الوضع الآن أسوأ بالتأكيد [مما كان عليه قبل الحرب]. نحن نواجه مخاطر كبيرة... نحاول إخفاء هويتنا كصحفيين في حياتنا اليومية، لأننا قد نتعرض لسوء المعاملة من قبل الجنود وعناصر الميليشيات إذا اكتشفوا أننا صحفيون".[188] وأضاف أن إخفاء هويته ينطوي على تحديات، وأنه إذا كان الصحفيون معروفين من الجمهور، "فقد يفقدون حياتهم".[189]


وأضاف الأسيدي "مساحة الحرية [الصحفية] تتقلص".[190] وقال إن السلطات تراقب الصحفيين، وإن الصحفيين قد يتعرضون للاعتقال في أي لحظة لأسباب تافهة مثل كتابة منشور على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقد السلطات.[191]


قالت الصحفية المستقلة لبنى صادق (اسم مستعار) لـ هيومن رايتس ووتش إن الصحفيين "يعيشون في قلق دائم"، ولا يمكنهم إخبار الناس بأنهم صحفيون بسبب المخاطر التي قد يواجهونها.[192]


قال سيف لـ هيومن رايتس ووتش إن الصحفيين أمامهم خياران: "إما أن يقبلوا العمل مع أطراف النزاع ويتغاضوا عن انتهاكاتهم، أو أن يكونوا أعداءهم، ثم يعانوا من العواقب".[193]


قال سيف إن الانتهاكات ضد الصحفيين تفاقمت لأن لا نقابة الصحفيين اليمنيين ولا أي مجموعة قادرة على الدفاع عن الصحفيين وتزويدهم بالدعم اللازم لمكافحة الانتهاكات التي يواجهونها.[194]


أدى ترهيب السلطات الحاكمة بحق الصحفيين إلى قمع المجموعات التي تدافع عن حقوق الصحفيين. أفاد صحفيون عدة أن الانتهاكات ضد الصحفيين تفاقمت بسبب عدم وجود مناصرة فعالة من قبل المنظمات غير الحكومية في اليمن – وهي منظمات تتعرض هي الأخرى للاضطهاد من قبل السلطات.[195] صرح عضو آخر في مجلس إدارة نقابة الصحفيين اليمنيين، التي تشمل ولايتها الدفاع عن عمل الصحفيين في اليمن، أن النقابة لم تتمكن من حماية موظفيها.[196] "نقوم بعملنا الآن سرا لأننا خائفون من أن ترتكب السلطات انتهاكات ضد أعضائنا".[197]


"الحرب القانونية" التي تشنها السلطات ضد الصحفيين في اليمن

قال يوسف حازب، رئيس المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين (صدى)، إن المنظمة وثّقت ما لا يقل عن 24 قضية خلال العامين الماضيين، تضمنت لوائح الاتهام الرسمية فيها بشكل صريح الصحافة كأساس للتهم.[198] وأضاف: "ترفع السلطات قضايا ضد الصحفيين... وتبقيها مفتوحة كوسيلة لابتزاز الصحفيين متى شاءت".[199] ويشمل ذلك صحفيين مثل منى المجيدي، مقدمة البرامج التلفزيونية في عدن، التي تلقت استدعاءً قانونيا من سلطات المجلس الانتقالي الجنوبي العام 2023 بعد أن انتقدت أحد مسؤولي المجلس في عدن.[200]


وصف حازب الطرق التي تستخدمها السلطات في جميع أنحاء البلاد لاستخدام منشورات ومقالات الصحفيين ذريعةً لاعتقالهم.[201] "تفسر السلطات [عن قصد] منشورات الصحفيين بطريقة توفر لها أساسا لاعتقالهم".[202]


وصف العديد من الصحفيين حالات تم فيها احتجازهم أو احتجاز زملائهم لفترات قصيرة بسبب تقاريرهم الصحفية.[203] قال وائل شرحة، الذي اضطر في النهاية إلى الفرار من اليمن بسبب المضايقات التي تعرض لها من قبل مختلف السلطات المتحاربة لكونه صحفيا يركز على القضايا الطبية، إنه احتُجز من قبل الحوثيين في صنعاء العام 2022 لمدة أسبوعين "بتهمة ملفقة" بعد أن نشرت مجلته، "عوافي للإعلام الطبي"، تقريرا عن وفاة تسعة أطفال نتيجة لتداول أدوية مزيفة تم تهريبها إلى البلاد.[204]


قال رئيس مؤسسة إعلامية أخرى لـ هيومن رايتس ووتش إن أحد مراسلي المؤسسة احتُجز في عام 2024 في لحج، وهي محافظة في جنوب اليمن يسيطر عليها مجلس الانتقال الجنوبي، لعدة ساعات لأنه كان يغطي قضايا في المحافظة.[205] قال إن السلطات اتهمت المراسل "بزعزعة الأمن في المحافظة".[206]


قال الصحفي عبد الرحمن الحُميدي لـ هيومن رايتس ووتش إنه احتُجز في 23 مايو/أيار 2025 لعدة ساعات في المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب بسبب منشورات على صفحته على فيسبوك.[207] أفاد أن سلطات الحكومة اليمنية أجبرته على توقيع تعهد بعدم النشر أو الكتابة عن أي قضايا أو حوادث في مأرب دون موافقة مسبقة من السلطات هناك.[208]


في يناير/كانون الثاني 2025، حكمت محكمة في محافظة شبوة، الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، على الصحفي عزيز الأحمدي بالسجن أربعة أشهر (مع وقف التنفيذ) بسبب منشور على وسائل التواصل الاجتماعي شكك فيه في قرارات السلطات المحلية بشأن استخدام الأراضي، وفقا للجنة حماية الصحفيين.[209]


قبل ذلك ببضعة أشهر، في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أفادت "مؤسسة كارنيغي" أن هيئة التحقيق في الأموال العامة التابعة للحكومة اليمنية في تعز استدعت وجدي السالمي، المدير التنفيذي لـ "مركز الإعلام الحر للصحافة الاستقصائية".[210] وصف السالمي الاستدعاء بأنه وسيلة لتخويفه هو وصحفيين آخرين ومنعهم من تغطية بعض القضايا.[211] قال لصحيفة "العربي الجديد" إنه استُدعي بناء على شكوى قدمها شخص أقيل من منصبه عقب قضية فساد كشفها المركز.[212]


القيود على حركة الصحفيين

قال العديد من الصحفيين الذين تحدثوا إلى هيومن رايتس ووتش إن أحد أكبر التحديات التي يواجهونها في اليمن هو السفر – لا سيما بين المحافظات، وكذلك إلى الخارج – بسبب خطر تعرضهم للتوقيف من قبل مسؤولي نقاط التفتيش أو المطارات والمضايقة أو الاحتجاز أو الإخفاء بسبب عملهم كصحفيين.[213] وصف ستة صحفيين من محافظات مختلفة حالات تم فيها توقيفهم أو توقيف أحد زملائهم ومضايقتهم عند نقاط التفتيش بعد أن اكتشف العناصر أنهم صحفيون.[214]


تقول لبنى صادق، وهي صحفية مستقلة في عدن، إنها حاولت إخفاء هويتها كصحفية عند المرور عبر نقاط التفتيش خوفا من رد فعل عناصر نقاط التفتيش إذا اكتشفوا أنها صحفية.[215] قالت: "حتى في جواز سفري، نُصحت بكتابة مهنتي على أنها ’طالبة‘ لتجنب الوقوع في مشاكل عند نقاط التفتيش". [216]


قال الصحفي المستقل علي سلمان لـ هيومن رايتس ووتش إنه وصحفيون آخرون يخفون هوياتهم كصحفيين عند السفر بين المحافظات "حتى لا يتم إيقافنا أو التعرض للاعتداء من قبل الجيش عند نقاط التفتيش".[217]


قال هاني مصطفى (اسم مستعار)، وهو صحفي في صنعاء ومحرر منصة إلكترونية تقدم مقالات متعمقة عن اليمن، إن السفر عبر نقاط التفتيش في البلاد ينطوي على مخاطر للصحفيين، لأن عناصر الأمن "قد يوقفونك ويضايقونك لمجرد أنك صحفي".[218] وقال إن العناصر "سيتهمون [الصحفيين] بالعمل ودعم طرف ضد آخر، وهو ما قد يستخدمونه لابتزازك".[219]


وصف عفيف خوفه من أن يتم إيقافه عند نقاط التفتيش وإجباره على فتح أجهزته، ما قد "يعرض حياة" مصادره للخطر.[220] وقال: "أحيانا نسافر دون أن نأخذ معداتنا معنا".[221]


قال وائل شرحة، الذي يدير مؤسسة إعلامية تركز على الصحة: "إذا أردتُ السفر إلى الخارج، أسافر من مطار عدن لتجنب أن يراقب الحوثيون تحركاتي. وحتى في هذه الحالة، أبقى خائفا من عبور نقاط التفتيش التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي و[الحكومة اليمنية] لأن جواز سفرنا يحمل كلمة ’صحفي‘، التي أصبحت أشبه بالاتهام".[222]


أخبر صحفيان هيومن رايتس ووتش أنهما تعرضا للتوقيف والمضايقة عند نقاط التفتيش في عدن لأن جوازات سفرهما تحمل كلمة "صحفي" كمهنة.[223] خضعت أجهزة كلا الصحفيين – في حادثتين منفصلتين – للتفتيش من قبل عناصر نقاط التفتيش واتُهما بدعم الحوثيين[224]. أخبروا هيومن رايتس ووتش أن عناصر نقاط التفتيش هددوهما بالاحتجاز وطلبوا رشاوى للسماح لهما بمواصلة رحلتيهما.[225]


قال أحد الصحفيين إن الحادثة وقعت في مارس/آذار 2024 عند نقطة تفتيش الرباط في عدن، التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، بعد عودته من رحلة إلى الخارج.[226] عندما اكتشفوا أنني صحفي، قال أحد الضباط إنني صحفي مع الحوثيين. أخبرته أنني لو كنت مع الحوثيين، لكان من الأفضل أن أسافر من صنعاء، وليس من عدن". [227]وقال إن الضابط لم يصدقه وبدأ بتفتيش هاتفه، ثم هدده بالاحتجاز ما لم يدفع رشوة.[228]


اللوائح والقيود التي تعرقل عمل الصحفيين

كما عرقلت السلطات في جميع أنحاء البلاد عمل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية من خلال فرض لوائح تعسفية ومرهقة غالبا ما تميّز ضد أولئك الذين ينتمون إلى مناطق تسيطر عليها أطراف متحاربة أخرى أو ضد أولئك الذين لا يُظهرون دعمهم للسلطة المسيطرة. أفاد الصحفيون بأنهم يخضعون للمراقبة من قبل السلطات، ويُطلب منهم التقدم بطلبات للحصول على أذونات وتصاريح أمنية لمجموعة واسعة من الأنشطة، ويُمنعون تعسفا من حضور فعاليات معينة أو تغطيتها.[229]


وفقا لنجم الدين قاسم، وهو صحفي مستقل يعيش في الخارج، فقد اعتمدت الأطراف المتحاربة لوائح أكثر صرامة فيما يتعلق بالصحفيين والعمل الإعلامي على مدى السنوات القليلة الماضية "كوسيلة للتحكم في عملهم أو على الأقل للتأثير عليهم".[230]


قال سلمان إن "التحدي الأول والأهم الذي يواجه المؤسسات الإعلامية هو الحصول على تصاريح".[231] وقال إن الحصول على تصاريح من السلطات يمثل تحديا كبيرا للمنظمات الإعلامية، وغالبا ما تكون المنظمات التي تتمكن من الحصول عليها على صلة ما بالطرف المحارب الذي يسيطر على تلك المنطقة.[232]


في المناطق التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، أنشأ المجلس سلطة جديدة لمراقبة عمل وسائل الإعلام والصحافة في المناطق الخاضعة لسيطرته والإشراف عليها، بالإضافة إلى وزارة الإعلام الحكومية القائمة، تسمى "الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي".[233]


قال سيف لـ هيومن رايتس ووتش إن الهيئة "تضايق الصحفيين والنشطاء الإعلاميين".[234] وأضاف أن الهيئة "تمنع الصحفيين الذين لا ينتمون إلى [المجلس الانتقالي الجنوبي] من الظهور في وسائل الإعلام والمقابلات التلفزيونية، ولا تسمح إلا للصحفيين الذين تختارهم".[235]


قال سيف، الذي عمل سابقا في المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، إنه "لا يمكن لأحد العمل في الجنوب [في إشارة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي] دون الحصول على تصاريح من الهيئة".[236] قال أحمد إن المجلس الانتقالي الجنوبي يرفض منح تصاريح للمؤسسات الإعلامية والصحفيين من الشمال".[237] وقال إن الهيئة لم تمنحه تصريحا لأنه من منطقة يمنية يسيطر عليها الحوثيون".[238] وقال: "حاولت إقناعهم بأنني لا أشكل أي خطر عليهم وطلبت منهم الاطلاع على أعمالي ليروا مدى مهنيتها، لكن ذلك لم ينجح".[239]


في 20 أغسطس/آب 2023، نشرت نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي خبرا مفاده أن الهيئة الوطنية للإعلام بدأت بطباعة بطاقات تعريفية للصحفيين والإعلاميين تميز بين العاملين "الجنوبيين" و"غير الجنوبيين".[240]


يواجه الصحفيون والمؤسسات الإعلامية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية أيضا عوائق في عملهم. في مأرب، فرضت السلطات المحلية قيودا كبيرة على عمل المؤسسات الإعلامية والصحفيين، بالإضافة إلى مراقبة الصحفيين والنشطاء الإعلاميين.


أفاد يوسف حازب، رئيس صدى، أن المؤسسات الإعلامية والصحفيين لا يمكنهم القيام بعملهم قبل الحصول على موافقات أمنية من السلطات في مأرب.[241] إلا أنه قال إن هذه الموافقات ليس من السهل الحصول عليها وهي مطلوبة لأي نشاط يرغبون في القيام به.[242] لا توجد إجراءات واضحة أو مباشرة للحصول على التصريح الأمني المطلوب قبل [فعالية ما]. لقد أرهقنا ذلك كصحفيين وقيد عملنا".[243]


وأكد صحفيان آخران على الأقل الموافقة الأمنية التي تفرضها السلطات في مأرب.[244] وعلى الرغم من أن حازب قال إن عدة صحفيين أثاروا هذه المسألة مع السلطات على أمل أن تزودهم بإجراءات وإرشادات واضحة حول كيفية الحصول على هذه التصاريح، إلا أن السلطات لم تقدمها حتى الآن.[245]


كما أفاد حازب أن قوات الأمن سارعت إلى محاولة منع الصحفيين من تغطية الأحداث.[246] ووصف حادثة أوقفت فيها قوات الأمن مراسلا في مأرب لأنه كان يسجل تقريرا بجوار البنك المركزي في مأرب حول قضية تتعلق بالأزمة المصرفية.[247]


قال ناصر، وهو صحفي استقصائي يعيش في الخارج، إن "القتال العنيف للسيطرة على مأرب جعل السلطات هناك في حالة من الشك والعداء تجاه الصحفيين".[248]


حظرت السلطات الحوثية أيضا على جميع طواقم التلفزيون أو صانعي المحتوى التلفزيوني التصوير أو إجراء المقابلات دون تصريح رسمي من وزارة الإعلام، وفقا لوثيقة اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش.[249]


المعايير القانونية الدولية والوطنية

تقع على عاتق السلطات في اليمن، بما فيها الحكومة اليمنية باعتبارها الحكومة المعترف بها دوليا، والحوثيون، والمجلس الانتقالي الجنوبي باعتباره السلطة الفعلية، التزامات بموجب القانون الدولي والقانون الوطني لحماية حرية التعبير، بما في ذلك الصحافة. وبموجب القانون الدولي والقانون المحلي اليمني، لا يجوز لها أيضا احتجاز الأشخاص تعسفا أو إخفاؤهم قسرا أو تعذيبهم أو قتلهم.


مع استمرار النزاع في اليمن في عامه العاشر، ينطبق كل من القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان على الانتهاكات التي تحدث في اليمن.


اليمن طرف في معاهدات واتفاقيات دولية عدة تحمي حقوق الإنسان، بما فيها "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، و"اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" .


يوفر كل من الدستور اليمني والقانون اليمني رقم (25) لسنة 1990 بشأن الصحافة والمطبوعات (المشار إليه فيما يلي بـ "قانون الصحافة والمطبوعات") حماية محددة فيما يتعلق بحرية التعبير والإجراءات القانونية الواجبة والحياة.[250]


ينص القانون اليمني رقم (13) لسنة 2012 بشأن الحق في الحصول على المعلومات (المشار إليه فيما يلي بـ "قانون الحصول على المعلومات") على حق جميع الأفراد في طلب المعلومات والحصول عليها.[251]


الحوثيون والمجلس الانتقالي الجنوبي، باعتبارهما جماعتين مسلحتين غير حكوميتين تمارسان سيطرة فعلية على الأراضي والسكان، ملزمان باحترام وحماية الحقوق الإنسانية للأفراد والجماعات التي تعيش في أراضيهما. يسيطر الحوثيون على مساحات شاسعة من اليمن منذ العام 2014، ويسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن، بالإضافة إلى مناطق أخرى في جنوب اليمن، ويقوم كلاهما بمهام شبيهة بمهام الحكم. سيطرتهما على هذه الأراضي تلزمهما بحماية حق حرية التنقل لأولئك الذين يعيشون داخل أراضيهما.


حرية التعبير

يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان فرض قيود تعسفية على حقوق حرية الكلام والتعبير، بما في ذلك احتجاز الصحفيين أو إخفاؤهم قسرا. الحصول على المعلومات عنصر أساسي في الحق في حرية التعبير. لا يجوز تقييد حرية التعبير إلا عند الضرورة وبما يتناسب مع تحقيق هدف مشروع، مثل حماية الأمن القومي أو حقوق الغير.[252]


قالت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، التي تفسر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إن أنظمة الدولة العامة لتسجيل الصحفيين أو ترخيصهم تتعارض مع حرية التعبير.


كما يحمي الدستور اليمني حرية التعبير. وفقا للمادة 42، "لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حـدود القانـون".[253]


يكرر قانون الصحافة والمطبوعات اليمني ذكر الحماية الدستورية لحرية التعبير وينص صراحة على استقلالية الصحافة.[254]


السلطات في اليمن ملزمة بحماية حرية التعبير داخل أراضيها، بما في ذلك، أولاً وقبل كل شيء، إنهاء مضايقتها واستهدافها الصحفيين وإنهاء أي نظام رسمي أو فعلي منح الصحفيين تراخيص أو تسجيلهم.


حماية حرية التعبير والصحافة المستقلة أمر ضروري لحماية الحقوق الأخرى ومكافحة الإفلات من العقاب، بالنظر إلى الدور الحاسم الذي يلعبه الصحفيون ووسائل الإعلام في توثيق أعمال السلطات والنشر عنها.


الاحتجاز التعسفي والإجراءات القانونية الواجبة

يظهر الحق في عدم التعرض للاحتجاز التعسفي في العديد من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان. تنص المادة 9 من "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، الذي يعتبر انعكاسا للقانون الدولي، على أنه "لا يجوز اعتقالُ أيِّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه تعسُّفًا".[255] وتنص المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه".[256]


كما تحمي المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حقوق الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك الحق في الإبلاغ عن سبب الاعتقال عند الاعتقال، والحق في الإبلاغ السريع بأي تهمة موجهة إليه؛ والحق في المساعدة القانونية؛ والحق في محاكمة عادلة في غضون فترة زمنية معقولة.[257]


تحظر المادة 48 من الدستور اليمني الاحتجاز التعسفي وتنص على أنه يجب تزويد الأشخاص المعتقلين بأمر اعتقال ومحامٍ قانوني والاتصال بمن يختارون، وتقديمهم إلى السلطات القضائية في غضون 24 ساعة في حالات الاعتقال المؤقت.


من خلال اعتقال شاكر ناصح، ومحمد النابهي، ومحمد المياحي دون أوامر اعتقال، ومواصلة احتجازهم دون تهمة أو محاكمة، ودون إتاحة الوصول الكافي إلى المحامين، انتهك المجلس الانتقالي الجنوبي والحوثيون حظر الاحتجاز التعسفي وانتهكوا حقوق الثلاثة في الإجراءات القانونية الواجبة. وقد انتهك المجلس الانتقالي الجنوبي في السابق حقوق أحمد ومياس ماهر أيضا باعتقالهما دون أمر قضائي، واحتجازهما شهرا دون توجيه تهمة إليهما، وحرمانهما من المحامين أو المحاكمة العادلة.


الاختفاء القسري

الاختفاء القسري (أو الإخفاء القسري)، وهو حين تحتجز السلطات شخصا ثم ترفض الاعتراف بمكانه أو وضعه عند سؤالها، يشكّل جريمة خطيرة بموجب القانون الدولي وهو محظور في جميع الأوقات. يعتبر الاختفاء القسري جريمة مستمرة طالما ظل مصير المخفيين غير معروف ومكانهم مجهولا.[258] وهو يسبب معاناة شديدة للعائلات التي لا تستطيع فعلا أن تمارس الحداد على ذويها.


تُعرّف "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري" الاختفاء القسري بأنه اعتقال أو احتجاز شخص من قبل مسؤولي الدولة أو وكلائهم، يلي ذلك رفض الاعتراف بحرمانه من حريته أو الكشف عن مصيره أو مكانه. على الرغم من أن اليمن ليس طرفا في الاتفاقية، فإن المبادئ المنصوص عليها فيها يمكن اعتبارها من قواعد القانون الدولي العرفي.


ارتكب كل من الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي جريمة الاختفاء القسري باحتجاز محمد المياحي ومحمد النباهي وأحمد ماهر وناصح شاكر (على التوالي) دون إبلاغ عائلاتهم باحتجازهم أو مكانهم عند اعتقالهم وأثناء احتجازهم. في حالة ناصح، كان المجلس الانتقالي الجنوبي ما يزال مستمرا في إخفائه حتى وقت كتابة هذا التقرير.


التعذيب والمعاملة اللاإنسانية

تنص المادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الثاني على أن أي شخص محتجز لدى طرف في النزاع يجب حمايته من "العنف ضد حياة الأشخاص"، ولا سيما القتل والتشويه والتعذيب.[259] كما تحظر هذه الأحكام "الاعتداء على الكرامة الشخصية، ولا سيما المعاملة المهينة والمحطّة للكرامة". وبالمثل، يحظر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على وجه التحديد التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.[260]


كما أن التعذيب جريمة حرب بموجب القانون الإنساني الدولي في جميع النزاعات.[261] ويقتضي كل من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التحقيق في حالات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ومقاضاة الجناة عندما تبرر الأدلة ذلك. ويجب تزويد المحتجزين بما يكفي من الغذاء، والماء، والملابس، والمأوى، والرعاية الطبية.


ينص الدستور اليمني على حظر "التعذيب الجـسدي أو النفسي عند القبض أو الاحتجاز أو السجن".


ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني".[262] وقد اعتمدت الأمم المتحدة معايير توفر إرشادات موثوقة بشأن معاملة المعتقلين، بما في ذلك "القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء" (قواعد نيلسون مانديلا)، و"مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن"، و"قواعد معاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات (قواعد بانكوك). تحدد هذه المعايير الدولية الشروط الدنيا المقبولة للاحتجاز، بما في ذلك المعايير الأساسية للنظافة الصحية، وتوفير الغذاء، والحصول على الرعاية الطبية، وفصل الرجال عن النساء والأطفال عن البالغين، والحصول على الضوء الطبيعي والهواء النقي، والتريّض.[263]


فيما يتعلق بالرعاية الطبية، أشارت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أن "القرارات المتعلقة باحتجاز المهاجرين يجب أن تأخذ في الاعتبار تأثير الاحتجاز على صحتهم البدنية أو النفسية".[264] الحكومات ملزمة بضمان توفير رعاية طبية للسجناء تعادل على الأقل تلك المتاحة للسكان عموما.


في حين أن هيومن رايتس ووتش لا تملك معلومات كاملة عن الظروف التي يُحتجز فيها محمد المياحي ومحمد النابهي وناصح شاكر، فإن أحمد ماهر وصحفيين آخرين أُفرج عنهم، بالإضافة إلى أفراد آخرين احتجزهم المجلس الانتقالي الجنوبي والحوثيون في اليمن، أفادوا بتعرضهم لتعذيب شديد. كما أفاد محتجزون سابقون آخرون بتعرضهم للتعذيب على يد سلطات أخرى في اليمن.


القتل

الحق في الحياة هو حق أساسي من حقوق الإنسان الدولية.


الحكومات ملزمة بحماية هذه الحقوق بشكل فعال، بما في ذلك اتخاذ تدابير وقائية كافية لحماية الأفراد من التهديدات المعقولة التي يمكن توقعها على حياتهم من قبل جهات غير حكومية، بما في ذلك المجرمون والجريمة المنظمة والجماعات المسلحة.[265] كجزء من هذا الالتزام، يتعين على الحكومات حل الجماعات المسلحة غير النظامية المسؤولة عن حرمان الناس من حياتهم.[266]


كما أن الحكومات ملزمة بضمان توفير سبل انتصاف فعالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان.[267] ويشمل ذلك التحقيق في الانتهاكات بشكل فعال وسريع وشامل ونزيه ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، فضلا عن ضمان حصول الضحايا على العدالة والتعويضات.[268]


أثناء النزاعات المسلحة، فإن جميع أطراف النزاع، سواء كانت قوات حكومية أو جماعات مسلحة غير حكومية، ملزمة بالقانون الإنساني الدولي المعمول به. الأفراد الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب بنيّة إجرامية – عن قصد أو عن إهمال – مسؤولون عن جرائم الحرب،[269] والدول ملزمة بموجب القانون الدولي بالتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم.[270] تحظر قوانين الحرب القتل العمد والهجمات المتعمدة والعشوائية على المدنيين.


القادة الذين كانوا على علم أو كان ينبغي أن يكونوا على علم بالانتهاكات ولكنهم لم يوقفوها أو يعاقبوا المسؤولين عنها قد يتحملون المسؤولية الجنائية، باعتبارها مسألة تتعلق بمسؤولية القيادة.[271]


في العام 1997، أصدرت اليونسكو قرارا ("القرار 29") يدين على وجه التحديد العنف ضد الصحفيين باعتباره نتيجة طبيعية لحماية لحرية التعبير بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.[272] دعا القرار الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما فيها اليمن، والأمين العام للأمم المتحدة إلى التحقيق بشكل كافٍ في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين ومقاضاة مرتكبيها، وضمان أن توفر تشريعات الدولة القدرة على القيام بذلك.


شكر وتقدير

أجريت البحوث اللازمة لإعداد هذا التقرير وكتابته من قبل مساعد أبحاث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد ساهمت الباحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نيكو جعفرنيا في إجراء البحوث الإضافية وتقديم الدعم في كتابة التقرير.


قام نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مايكل بيج بمراجعة هذا التقرير وتحريره. كما قامت نائبة مدير مناصرة لشؤون الأمم المتحدة في جنيف لوسي ماكيرنان بمراجعة التقرير وتحريره. قدمت مسؤولة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المساعدة في التحرير والإنتاج.


قدم المستشار القانوني الأول كلايف بالدوين ونائب مدير البرنامج توم بورتيوس مراجعات قانونية وبرمجية على التوالي.


ونحن ممتنون للعديد من الصحفيين والإعلاميين والمؤسسات الإعلامية وأفراد أسر الصحفيين في اليمن الذين أبدوا استعدادهم لمشاركة تجاربهم معنا، على الرغم من المخاطر التي يواجهونها في اليمن.