آخر تحديث :السبت-06 ديسمبر 2025-01:13م
أدب وثقافة

بدوي زبير .. صوت الخلود المستحب

السبت - 06 ديسمبر 2025 - 12:02 م بتوقيت عدن
بدوي زبير .. صوت الخلود المستحب
(عدن الغد) خاص

أهداني الأستاذ عيدروس محمد الحبشي كتابه الجديد الموسوم ب ( بدوي زبير - فنّاناً وإنساناً ) والذي يقع في ٥٠٢ صفحة من القطع الكبير ، محتوياً على اثنى عشر فصلاً ، شملت تعريف مفصل عن حياة الفنان الراحل بدوي، ميلاده و نسبه وفنه وقصائده وعلاقاته ورحلاته الفنّية وحديث بعض زملائه عنه.

وهو من إصدارات مكتب الثقافة بساحل حضرموت ، بتمويل من الشركة الوطنية لتعليب الأسماك بمدينة الشحر .

يعد الكتاب الوحيد الذي تناول حياة بدوي وفنه بإسهاب واستفاضة ، و يتضح جليًا الجهد الذي بذله المؤلف حتّى راى الكتاب النور .

شكراً أستاذ عيدروس على ما جمعت ونشرت ، إذ بادرت بالكتابة والاحتفاء بعلم كبدوي الذي يستحق الإشادة والاهتمام .

ووجب هنا أيضاً الشكر والثناء للأستاذ مراد حصن ابن شبام الصفراء الذي أحب الفنان بدوي وفنّه ولم ينفك أن ظل ولا زال ساعياً لنشر أغنياته منذ عهد بعيد عبر وسائل التواصل ولم يكف يوماً في توثيق غنائيات هذا الفنان والحديث عنه وفنّه في اللقاءات التي تجري معه و سخّر أرشيفه للباحثين والدارسين عن هذه المدرسة الفنّية الخالدة .

لقد أعاد الرائع ( أبو صالح) الروح لكثير من الألحان والقصائد القديمة دون أن يخدش جمالها أو يغيّر من ملامحها ، ما جعلنا نردّدها بعده بنشوة وانتشاء .

و بين لحن وقصيدة تأخذنا الأماني نحو عصر من التساؤل والشجن : أوحقاً ذهب النور ولم نعد ندرك خطونا ودروبنا و أضعنا مسالك الزهو وعصر الدهشة والانبهار .؟

إذ رحل بغتة مخلّفاً انهيارات السحر وجبال المتعة و دواخلنا تهذي بحزن : لم نمل أو نشبع منك بعد .

جميع العشّاق تكتنفهم الحيرة ويتساقطون خلف مدامعهم توجّعاً وحزناً ، يمتلئون يتماً ولا سوى الصبر والتأسف والبكاء .

أو ثمّة من ينسينا ما أحببنا ، ويأخذنا نحو ضفاف زهونا وما اعتدنا أن تذهب إليه أرواحنا بتلهّف واشتياق .؟

هو ذلكم ( البدوي ) الذي ملاء اسماعنا طرباً ولم يغادرنا البتّة ، وقد امتلك روحاً لم تعطي ألاّ بعض ما لديه ، ولم يأتنا من غيوث سحره إلاّ قليل ، ولو أمتد به العمر مؤكد سيأتي بما لم يأتِ به غيره أو يسبقه أحد إليه .

وقد جاءنا صوته أكثر أناقة وصدقاً وغادرنا دون موعد ، نرتجف على صقيع الترجّي ومسالك الوداع ، وقد جعلني لا أسمع بعده صوتاً أو لحناً ، إذ ظل صوته يلاحقني في صباحاتي ويعاتبني بوله حين يسقط المساء .

( تملكتمو عقلي - و يامن تحلّو بذكره - و حنانيك يامن - و معذبتي - و ولّيت ياشهر الصيام - و يازهرة في الربيع - حيّا ليالي جميله وغيرها من الأغنيات التي خُلّدت بصوته والتصقت بالذائقة وعشّاق النغم الأصيل .

أو كان يغنّي أم يشيّد قصوراً من النور أم يضع مداميك حياة ملؤها العذوبة والنضج ، مؤسساً مدرسة امتاز بها وحده وخصائص تفرّد بها فصار يحذو على دروبه جيل من الأصوات الناشئة ولم يبلغوا منه وتوقّفت بهم دروبهم ولم يمسكوا بعض الكمال .

خمسة وعشرون عاماً من الرحيل المباغت ، لم أجد صوتاً يمنحني الدفء والألق ويأخذني بمتعة وشوق إليه .

عزائي حين أمر بدروب المدينة ، أعانق للتو سيّدة الطهر والجمال ، (شبام) الآسرة الفاتنة وتتوقّف عيناي مغرورقتين بسحب من البكاء إذ تحدّثني الجبال والأزقة وشرفات المنازل بصوت منتحب : هنا كان هرم بلغ السماء لم يندثر ولم تتغيّر ملامحه .

شكرا أيها ( الحبشي محمد) المعجون بالنبل والأحاسيس المترعة بالشغف وسيول الرقي والدهشة والوفاء ، إذ جعلتنا نقف على عتبات الأناقة وفيوض السحر والجمال .

ولمراد حصن و شاكر باشراحيل اللذان لا زالا يمتعاننا بأغنيات الفرح وتذكار عصر من السمو والارتقاء .


.......


خالد لحمدي