أثار تصاعد الأحداث في محافظتي حضرموت والمهرة جدلًا سياسيًا واسعًا داخل اليمن وخارجه، في ظل تعدد القراءات والتفسيرات لطبيعة ما يجري، بين من اعتبره ضربة للسلطة الشرعية، أو استهدافًا لحزب التجمع اليمني للإصلاح، أو تمهيدًا لانفصال الجنوب.
وأوضح د. نجيب جبريل أن هذه القراءات لا تعكس جوهر المشهد، مؤكدًا أن ما يحدث ليس موجّهًا ضد حزب الإصلاح كحزب سياسي، ولا يمثل ضوءًا أخضر لإعلان انفصال الجنوب، بل يأتي في سياق سياسة ممتدة منذ عام 2011 وما قبلها، تهدف إلى إنهاء النفوذ المطلق لمؤسستي القبيلة والجيش وإخضاعهما لسلطان القانون.
وأشار إلى أن هذا النفوذ غير المقيد بالقانون أسهم في تعطيل التنمية، وإفساد الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وخلق بيئة لأنشطة تهدد أمن اليمن ومحيطه الإقليمي، بما في ذلك تهريب المخدرات والأسلحة والبشر، وظهور جماعات إرهابية أضرت بالمصالح الإقليمية والدولية.
وبيّن جبريل أن مسار الصراع في اليمن منذ 2011 يعكس هذا التوجه، لافتًا إلى أن رموز النفوذ القبلي والعسكري لم يغادروا المشهد إلا تحت الضغط، وأن المنطقة العسكرية الأولى في حضرموت مثلت نموذجًا واضحًا لتداخل النفوذ القبلي والعسكري وبقائه خارج إطار القانون.
وأكد أن التوجه الدولي يقوم على عدم السماح لأي قوة بأن تعلو فوق سقف القانون، باعتباره شرطًا أساسيًا لبناء الدول وتحقيق الأمن والاستقرار، مشددًا على ضرورة الفصل بين العمل الحزبي المدني وبين امتلاك القوة العسكرية.
وأضاف أن ما يجري اليوم يستهدف القوة القبلية والعسكرية التي تُستخدم لفرض النفوذ، وليس الكيانات السياسية بذاتها، داعيًا الأحزاب، وفي مقدمتها التجمع اليمني للإصلاح، إلى التحول الكامل إلى العمل السياسي المدني والتخلي عن أي أذرع عسكرية.
وختم د. نجيب جبريل بالتأكيد على أن إعلان الانفصال يبقى مستبعدًا في الوقت الراهن، في ظل توجه المجتمع الدولي للحفاظ على وحدة اليمن، مع تغيير جوهر النظام السياسي، وإنهاء السلطات المطلقة، وبناء دولة قانون يتساوى فيها جميع المواطنين.