آخر تحديث :الأحد-03 أغسطس 2025-12:58ص

هل فعلا الرئيس بوتين اعادة صياغة سياسة الحد من هيمنة الغرب؟

الإثنين - 28 فبراير 2022 - الساعة 09:54 ص
د .عمر عيدروس السقاف

بقلم: د .عمر عيدروس السقاف
- ارشيف الكاتب


*هذا الطريق الصحيح المؤدي لتأسيس سلام عالمي مستدام ..ومادون ذلك لن يؤدي إلا لما دون ذلك*

*هل يعيد بوتن التوازن لمعادلة السلم العالمي المختلة منذ انهيار الإتحاد السوفيتي ومنظومته الاشتراكية ..؟!*

*هل نجح بوتن في القضاء على حلم النظام العالمي الجديد في مهده ، وإنعاش النظام القديم وإعادته للحياة ؟!*

*هل الغرب وأمريكا كانوا مطمئنين من السيطرة على بوتن وروسيا وكونهم باتوا بالنسبة لهم كالأسد المدجن ،؟!*
*ولهذا كانت وثبة ذلك الأسد المفاجئة صاعقة لهم وشلت قدرتهم على الرد المناسب لإعادته إلى غرفة عزله ؟!*

*يبدو إن الأمر كذلك ..*

وكل الوقائع تشير إن أمريكا والغرب كان جل تفكيرهم منصب على كيفية السيطرة على التنين الصيني الاقتصادي وتقييده من حرية الانطلاق على رؤوسهم مجتمعين ،

فيبدو أن التنين كان صاحياً لهم وعمل بصمت وهدوء مع الروس ليباغثونهم بهذه الخطوة التي يرجح أنها منسقة بينهما و تعكس تشكل محور عالمي جديد ، بات يشكل فكي كماشة بالنسبة لأمريكا وحلفائها أعظم قوةً وتفوقاً عنهم ..

حيث يبدو واضحاً أن روسيا أعلنت نفسها بكونها تشكل الجناح العسكري لذلك الحلف بينما تشكل الصين جناحه الاقتصادي والتقني العلمي المدني المتقدم .. 

لهذا لا يبدو هناك أي بصيص أمل لنجاح أي محاولة لكسر فكي تلك الكماشة أو أحدهما ، بل أي محاولة متهورة غير محسوبة العواقب ممكن أن تدفعهما للاطباق عليهم .. كون الأمر بات جدي وعملي وخرج عن المناورات النظرية .. 

إذاً ليس أمام أمريكا وحلفائها إلا الإقرار بالأمر الواقع والعودة لطاولة الكبار للجلوس الندي مع شركائهم في حكم العالم وفليعتبروا ذلك بداية التأسيس الفعلي للنظام العالمي الجديد الخالي من صراع الايدلوجيات ،والذي ظل شعاراً نظرياً منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومته..

وبالتالي عليهم أن يفردوا خارطة العالم أمامهم على الطاولة للتفاهم على مختلف الأمور وتقاسم النفوذ والمصالح كما كان الحال بالماضي القريب ، ولكن بطريقة عصرية وأخلاقية تستوعب المتغيرات و تلتزم باحترام حقوق الإنسان قولاً وفعلاً ، وذلك بالتوافق على قرارات وقوانين ملزمة لإفساح الطريق أمام نهوض الشعوب المستضعفة ومساعدتها في إستخراج ثرواتها بالشراكة العادلة بينهم وبينها ، وليس بالقرصنة والاستعباد وسطوة القوة والنفوذ وأثارت الصراعات وإدارة الأزمات ،مما صنع إرهابياً مقابلاً .. حيث باتت اغلب شعوب العالم مقتنعة أن أمريكا وحلفائها الغربيين قد انتهجوا ذلك حتى بحق حلفائهم من شعوب ودول العالم الثالث والشرق الأوسط والخليج العربي ..

بينما ينظرون إلى روسيا بالعهد السابق والحالي بكونها تعاملت بقدر عالي من الأخلاق والإنسانية مع حلفائها إلى حد تحملها أعباء مادية كبيرة في الإنفاق عليهم وحمايتهم ، على عكس أمريكا وحلفائها الذين يرى الكثيرين انهم وصلوا حد ابتزاز أقرب وأخلص حلفائهم ونهب ثرواتهم بطرق لا أخلاقية وصناعة بعابع تحيط بهم لضمان إخضاعهم وازتنزافهم والحيلولة دون خروجهم عن الطاعة ..

حقيقة نحن حين نطرح مثل هذه المبادرات فذلك ليس من فراغ ، بل كوننا في جنوب اليمن أكثر شعب في العالم دفع أعظم ثمن ولحق به أعظم ظلم جراء صراع أو تقاسم  النفوذ بين الكبار أثناء حقبة الحرب الباردة،وبدلاً من الانعتاق بعد انهيار القطب الاشتراكي فإنهم أدخلونا في نفق أشد ظلماً واظلاماً بما أوعزوا به لمن بيدهم القرار ،لتضاف أكثر من 30 عاماً ظلماً وقهراً وفقراً وصراعاً إضافة للـ 23 سنة السابقة للوحدة ،

وحين انهيار نظام عفاش والوحدة وانتعشت آمال شعبنا في الانعتاق تم صناعة قوى من قبل حلفائهم لإدخال شعبنا عبرهم في نفق جديد أعظم ظلماً واظلاماً وفقراً وعوزاً ودماءاً وصراعاً عن سابقيه ..وهو ما يتجلى اليوم بواقعنا ..

فأي ضمير إنساني يرضى ذلك؟! واي قوانين أممية لحقوق الإنسان أو شرائع سماوية أو أرضية تقر ذلك ..؟!

أن شعبنا يعيش أبشع صور الفقر والعوز ..
بينما نحن نربض على أعظم ثروات وكنوز الأرض ، ونحتل أهم بقعة تجتمع فيها مصالح كل دول العالم ، مما يجعل كل فرد من أبناء شعبنا يصبح من اثرياء العالم ...وليس من أفقر شعوب العالم . .

*فما الذي يمنع ذلك ؟!*

أنها تقاطع المصالح اللا أخلاقية واللا إنسانية بين بعض دول المنطقة وبعض الدول العظمى والتي بموجبها تم وضع خطوط حمراء أمام الشركات الاستثمارية العالمية تمنعها عن الانطلاق للتعاقد معنا لاستخراج ثرواتنا كاستثمار مشترك لينالوا نسبتهم كما هو متعارف عليه عالمياً ونأخذ نسبتنا وتسخيرها في رفع مستوى معيشة شعبنا وبناء وطننا مثلنا مثل بقية شعوب العالم ..هذا عدا تشجيع رجال السلطة على نهب ما تيسر من موارد وإيداعها ببنوكهم ..

فهل هناك من لديه ذرة وطنية أو ضمير سيرضى بهكذا أفعال بحق شعبه أو السير في تنفيذها وتغطيتها .. ؟!

طبعاً لا يمكن ذلك ..

لهذا يتم صناعة من يقبلون بذلك وانتقائهم بحرفية فائقة ، والإيعاز لهم بإثارة الصراعات الداخلية وتفتيت الوحدة الوطنية ورفض القبول بالآخر وإشاعة عدم الاستقرار الأمني ، كل ذلك لخدمة المخططين الكبار وتقديم المبرر لسلبيتهم نحونا وإدامة مأساتنا بحجة عدم الاستقرار وعدم التوافق فيما بيننا واستمرار صراعاتنا وزعزعتنا للأمن الذي يعد الشرط الأول لاستجلاب الاستثمارات العالمية ، بينما جميعنا نعلم أنهم قادرين ينهوا كل ذلك بكلمة واحدة ويلموا مختلف المتناقضات بالاشارة وليس بالأمر وحسب ...

لهذا نعلنها بكل وضوح وشجاعة أننا في مقدمة الشعوب المؤيدة لروسيا والصين في إعادة التوازن لمعادلة السلام العالمي ، والتوافق مع شركائهم من الدول العظمى على تأسيس نظام عالمي جديد  مبني على تلك القيم والمبادئ الإنسانية العادلة لكل شعوب الأرض وخلق شراكة عالمية عادلة تتشابك في المصالح ،وتجرم وتحرم ما سرى في الحقب الماضية من ظلم وطغيان ونهب لحقوق الشعوب وافتعال الأزمات والصراعات المستديمة بينها ...

وعلى ذلك يكون على نمط قرار تصفية  الاستعمار الذي اتخذته الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتأسيس النظام العالمي الجديد حينها .  

فلترفع الشعوب المظلومة أصواتها لتصل إلى قوى الصراع على حكم العالم دون التفكير بما نعانيه منذ أكثر من نصف قرن من المظالم ..

بهذا وحده يمكننا القول بأنهم قد وضعوا أقدامهم على الطريق الصحيح المؤدي لتأسيس سلام عالمي مستدام . .

ومادون ذلك لن يؤدي إلا لما دون ذلك . 

*نرجو من جميع من سيصله هذا المنشور أن يعيد نشره بشكل واسع حتى يصل لطاولة اصحاب القرار الدولي وحلفائهم الإقليميين .. وثقوا أن الظروف مهيئة جداً ليكون لصوتنا صدى ولطرحنا مكان في صناعة مستقبل أفضل للبشرية...وصناعة سلام عالمي مستدام .. وستذكرون كلامي هذا .. فلا تستهونوا بأنفسكم وقدرتكم في الإسهام فيما ينفع شعبكم والبشرية عامة..

د.عمر عيدروس السقاف.
رئيس الهيئة الشعبية الجنوبية.
( الإئتلاف الوطني الجنوبي ).