آخر تحديث :الأحد-03 أغسطس 2025-12:58ص

أداء القسم .. نكئ الجراح والألم

الخميس - 21 أبريل 2022 - الساعة 04:41 ص
د .عمر عيدروس السقاف

بقلم: د .عمر عيدروس السقاف
- ارشيف الكاتب


شاهدت بعض مراسيم اداء *" القسم الدستوري"* وارجو التركيز على الدستوري..

واول ملاحظة لفتت نظري هو الإرباك الواضح  لعضو المجلس الرئاسي الأخ  عيدروس الزبيدي والحزن والكآبة التي بدت على محياه ..

وطبعاً ذلك ناجماً عن الحرج العظيم من أنصاره ومجلسه وشعب الجنوب قاطبة ، بوقوفه ذلك الموقف أمامهم المناقض لكل الثوابت وناسفاً لكل التعهدات والأيمان التي قطعها على نفسه ومجلسه ..

وقد حاول التغلب على ذلك بعدم نطق كلمة الدولة المدونة بالقسم ..
ولكن ذلك لن يجدي نفعاً ..
ولايلغي كون القسم باسم الدولة اليمنية وأمام مجلس نوابها وتحت علمها ودستورها ومن أجل الشراكة في قيادتها والحفاظ عليها وعلى وحدة أراضيها باعتبارها هي الوطن في التوصيف الدستوري الذي تضمنه القسم ..

حقيقةً الموقف مؤلم ويعكس الاحساس بمرارة الخطأ الجسيم في الحسابات السياسية .. بل حين تأتي الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ ..!!

وطبعاً ذلك الشعور انتقل إلى قطاعات واسعة من شعب الجنوب من هم موالين لعيدروس ومجلسه أو مختلفين معه ، وذلك الشعور ليس حسرةً على عيدروس وحسب ،

بل كون ذلك نكئ الجراح واثار الحزن والألم والحسرة على آلاف الأرواح الطاهرة التي زهقت وانهار الدماء التي سفكت في سبيل تلك التحديات التي تمت باسم الجنوب وقضية شعبه وصون تضحياتهم الجسام لأجلها ، والتي آخرها تحدي الثأر لروح الشهيد ابو اليمامة ..
ثم بعدم السماح بدخول ضابط صغير اسمه بن معيلي بحجة أنه شمالي ومعه قوة صغيرة ضمن الحرس الرئاسي إلى معاشيق ..

وحدثت بتلك الذريعة حرب طاحنة مع إخوتهم الجنوبيين من أنصار الرئيس المعزول وازاحتهم جميعاً من المشهد مع رئيسهم ..

ليتم اليوم دخول مجمل رموز القوى الشمالية ورؤساء المؤسسات الرئاسية والحكومية والبرلمانية والتشريعية والشوروية مع كامل أعضائهم المتواجدين بالخارج بمختلف انتماءاتنا ومتناقضاتهم من اصلاحيين ومؤتمريين واشتراكيين وناصريين وبعثيين ..الخ وذلك إلى عدن مع العديد من قوات الحمايات الشخصية لتلك القيادات .. بينما غالبية قوى الجنوب معزولة ومغيبة ..

فهذا هو مبعث الالم والحزن العام الاعظم من الحزن على عيدروس كفرد أو مكون سيظل أدنى من الجنوب وشعبه الذين سيظلوا أعظم منا جميعاً  ،

وعل اخونا اللواء عيدروس أدرك ذلك الخطأ اليوم حين أصبح نقطة في بحر ، أمام ذلك الكم من القوى المحيطة به ،

ويكفي التركيز أنه الوحيد الذي شذ في القسم ، ليدرك أنه 1 مقابل 7 جميعهم التزموا بأداء القسم نصاً بما فيهم الاعضاء الجنوبيين ، ممايعني أن موقف وتوجه أولئك مجتمعين ، لايتوافق مع توجه عيدروس ولم يشعروا بالعبئ النفسي الذي يعانيه ، بل ويعكس أنه لايوجد حتى تنسيق بينه وبين أياً من الاعضاء الجنوبيين ، وهذا موقف مؤلم آخر يعكس القادم الأمر ..

فهل أدرك أخونا عيدروس وإخواننا في الانتقالي حجم خطأهم الجسيم الذي أرتد عليهم اليوم وعلى الجنوب وشعبه وقضيته حين عملوا بكل طاقتهم في إقصاء قوى النضال الجنوبي وانصاعوا لتشجيع تلك القوى على مصادرة حق اخوتهم المشروع في الشراكة في قيادة وإدارة البلد دون اشتراط إسقاط راية قضية شعبهم ..

وحتى نكون منصفين فالسؤال ذاته موجه للشرعية الجنوبية منضومة الرئيس وأتباعه والذين أيضاً سلكوا نفس المسلك الإقصائي حتى بحق أنصارهم ودفعوا ثمنه ..

وتجاهلهم جميعاً كون ذلك حقاً مشروعاً للجميع طالما ونحن لازلنا تحت مظلة هذه الدولة ..

ولكن هوس التفرد واقصاء الآخر ومصادرة حقوقه و ذلك الاندفاع الاعمى لإشباع تلك الرغبة المجنونة ، كان سبباً في إيقاعهم في شرك تفرد الآخرين بهم وإجبارهم بالتوقيع على تلك الاتفاقيات والصفقات المذلة ومرجعياتها واشتراطاتها القاسية للشراكة ، مقابل اسقاط راية قضية شعبنا العادلة وحقوق شعبنا وقواه المناضلة المشروعة والتي لايمكن إسقاطها أو مصادرتها نتيجة اي اختلافات سياسية أو فكرية وحدوية أو إنفصالية .. وهو مايستحيل معه ادعاء التأسيس لسلام مستدام لايمنياً ولا شطرياً..

وعل إخواننا في الانتقالي نسوا أو تناسوا أن هذا المسلك من النظام السابق كان هو سبب تفجر الحراك والثورة الجنوبية ،

فكيف يقوموا اليوم بالاتفاق مع قوى النظام السابق بسلوك نفس المسلك بحق غالبية شعب الجنوب وقواه المناضلة ؟!

فهل هذا يارفاق النضال هو ماناضلنا ونناضل لاجله منذ عقود وماقدم شعبنا لأجله عشرات آلاف الشهداء و الجرحى والمعاقين واليتامى والثكالى ..؟!

وما بسببه يتجرع شعبنا من عقود كل صنوف القهر والجوع والفقر والإذلال والاضطهاد ؟!

فلو لم ترتكبون تلك الخطيئة بحق قوى وكفاءات شعبكم وممثليه من رفاق النضال ، لما وقفتم اليوم في ذلك الموقف المؤلم والمحزن لكم ولنا وكافة شعبكم ، 
ولكنتم في هذا المعترك وأمثاله شادين أزركم وموقفكم بوجود إخوتكم ورفاق نضالكم إلى جانبكم ،

ولكنتم اليوم أنتم الأعلون وأصحاب الكلمة العليا ، ولكنا وشعبنا بمختلف قواه على موقف واحد وصوت واحد خلف قيادة واحدة لايستطيع أحد أن يعتسفها..

ونتيجة لعدم الانصات لتنبيهاتنا وتحذيراتنا من جسامة ذلك الخطأ مبكراً ، وثم عدم الرغبة بإصلاحه حتى بعد أن ظهرت نتائجه الفاذحة عليكم وعلى شعبنا وقضيتنا ، لهذا لا غرابة من حدوث ماحدث..

لهذا عليكم أن لاتتفاجئوا في المرحلة القادمة حين تجدون هذه القوى المسماه شمالية ، وهي تتبنى طوابير طويلة من القوى الجنوبية سواءً التي اقصيتموها أو الموالين لهم ، وسيضعونهم بما يليق بمكانتهم باعلى مراكز القرار والقيادة السياسية والإدارية والعسكرية والأمنية والاقتصادية ومن حصة الجنوب أيضاً ..

هذا قبل أن يتم الوفاق مع الحوثيين والذين هم أيضاً سيضيفون خيرات من الجنوبيين الموالين لهم ..

وعندها فلتتخيلوا الموقف الذي ستكونوا عليه وموقف شعبنا وقضيتنا والذي سيكون موقف اليوم  شيء لا يذكر  أمامه ..

ووفقاً وتلك الرؤيا الواضحة ، فإننا والعديد من القوى الجنوبية المناضلة الحرة المستقلة ماضين في نضالنا السلمي ومادين أيدينا للجميع دون إستثناء للخروج مجتمعين من عنق الزجاجة ولتوحيد صفنا لنحول دون وصول شعبنا وقضيتنا أو أحداً منَّا لنقطة اللا عودة وللخسارة العظمى ..

فهل تمدوا إيديكم إلينا لنساعدكم 
وتساعدونا ونساعد شعبنا ووطننا وقضيتنا بمغادرتنا مجتمعين مربع الإقصاء والعداء والتنافر غير المبررين ؟! نرجو ذلك ..

وهذه أعظم رسالة نضمد بها جراحنا التي تم نكئها اليوم ..

          والله من وراء القصد ..

د.عمرعيدروس السقاف