آخر تحديث :الأحد-03 أغسطس 2025-12:58ص

من المتسبب في تمكين القضية اليمنية من التهام القضية الجنوبية بعد تسيدها المشهد؟!

الأحد - 24 يوليو 2022 - الساعة 08:18 ص
د .عمر عيدروس السقاف

بقلم: د .عمر عيدروس السقاف
- ارشيف الكاتب


لقد تسيدت القضية الجنوبية وتفردت بالتحكم بالمشهد منذ مابعد إنطلاقة الحراك الجنوبي ، واعترف بها وبعدالتها العالم أجمع بمافيه الأمم المتحدة ، هذا عدا اعتراف النظام ذاته ..

 

ورغم كل الاختراقات المالية وما أفضت إليه من تفريخات مهولة ابهتت وهج وحدة الحراك الشعبي الجنوبي ، إلا أنها لم تفلح في إبهات وهج القضية وتسيدها المشهد الوطني ونجاحها في شل سيادة النظام وسطوته وافشاله في إجراء القيد والتسجيل المعتاد تمهيداً للانتخابات النيابية والمحلية بموعدها المحدد وهو ما أرغم النظام على عقد صفقة مع أحزاب اللقاء المشترك الذين ركبوا موجة الحراك ليس إيماناً بالقضية بل للضغط على النظام وابتزازه ، وهو ما افضى إلى توقيعهم لاتفاق مع النظام على تأجيل الإنتخابات والتمديد للبرلمان والمجالس المحلية إضافة لعدد من المكاسب التي نالوها بفضل ركب موجة الحراك والقضية ، وهو ماتسبب بكسر أحد أجنحة الحراك وذلك بعودة أولئك للتحالف مع النظام بتلك الصفقة ...

 

وما أن حدثت ثورة الشباب 2011 م طُلِب من العديد من قوى الحراك الجنوبي الانضمام لها مع اشتراط عدم رفع علم الجنوب بمبرر حتى لا يجد النظام في ذلك ذريعة لضرب الثورة ، وذلك مقابل وعود بحل القضية حلاً عادلاً بعد إنتصار الثورة ، فاستجابت قوى الحراك ، ولكن ما أن أتت الثمار حتى نكث أولئك بتلك الوعود والعهود كعادتهم وذهبوا لوحدهم لتقاسم السلطة والثروة مجدداً مع النظام وذلك وفق المبادرة الخليجية ..بينما عاد الجنوبيين وقضيتهم بخفي حنين، ولم يعدم أولئك التبرير والتضليل أيضاً ، حيث قالوا سيتم بحث قضيتكم لاحقاً بمؤتمر الحوار الشامل كما نصت المبادرة وآليتها التنفيذية ...

 

وأتى مؤتمر الحوار وتم إنتقاء مزاجي وغير عادل لممثلي الجنوب وقضيته بذلك المؤتمر ، ورغم ذلك تم التآمر على أولئك الممثلين وشب نار الفتنة والخلافات بينهم بل وبين افراد الكتلة الواحدة وشق صفوفهم وموقفهم مما ادى لخلافات وانسحابات بالجملة لغالبية أولئك ، الذين كانوا يريدونهم مظلة للتشريع بحضور الجنوب وقضيته وشراكته في صنع مخرجاته ..، ومع ذلك استمروا وكان شيئاً لم يحدث ، ونصبوا ممن تبقى من عدد محدود جداً غالبيتهم لا علاقة لهم بالحراك ولا وزن بميزان القوى الميدانية والدليل استمرار الزخم الحراكي الشعبي رغم كل تلك التآمرات..

 

وما أن حدثت حرب 2015م ، ورغم ماحدث من إرباك جنوبي حولها إلا أن غالبية قوى وأفراد الشعب انخرطوا في مقاومة قوى النظام السابق والقوى الحوثية المتحالفة معه وذلك من منطلقات جنوبية بحتة وكونهم أصحاب قضية ، وزاد ذلك عصبية غيرة الانتماء التي أثارت تعاطفهم مع الرئيس عبدربه ، مما جعلهم في تحالف مع شرعية عبدربه وتحالف دعمها دون اتفاق مسبق .. 

 

ليتكرر نفس المشهد والوعود مع علامات الانتصار بأن خلوكم الان بصف الشرعية والتحالف ولا لكم إلا الذي يرضيكم ويحل قضيتكم حلاً عادلاً ، فسار القوم مع القوم وتم تليين موقف الكثيرين بمضاعفة المغريات المعروفة ...

 

 وما أن تم التحرير للأراضي الجنوبية كافة ، فإذا بنفس الانتقائية والتآمر يتكرر ...

 

 حيث الشرعية تشكل قوى وتتبنى قوى بإنتقاية واضحة من ألوان معينة ،..

 

 وإذ بالمقابل بتحالف دعم الشرعية يصنع  قوى ويتبنى بالمقابل قوى من ألوان مختلفة عن تلك ،...

 

 بينما الطرفين تعمدوا تجاهل غالبية قوى شعب الجنوب أصحاب الدور الأساسي في مختلف الملاحم العسكرية بميدان المقاومة والسياسية والشعبية بميدان الحراك . .

 

وشقوا بذلك الصف الجنوبي مجدداً ..

وحدث ماعاصرتموه جميعاً من صراع جنوبي جنوبي .. بين صفوف أنصار الشرعية وأنصار التحالف الداعم للشرعية ..

 

وإذ بتلك التحالفات تفضي إلى إرغام من اعتمدوهم كممثلين جدد للقضية الجنوبية أن يوقعوا على صفقات بإعادتها إلى أحشاء القضية اليمنية وحمل رايتها والتسليم بكونها القضية الأولى المتسيدة المشهد ولا سواها .. مقابل نفس المغريات و نفس الوعود بأنه بعد إنتصار وحل هذه القضية الام ، سيتم بعدها النظر في القضية الجنوبية البنت ..

 

فإذا نحن رفضنا تلك التسويفات والمخادعات الماكرة السابقة وعريناها وانتقدنا من قبلوا بتمريرها مقابل مكاسب واهية ووعود بمكاسب زائفة ..

 

فكيف بنا اليوم مع تكرار نفس المشهد الذي لا يتسق مع واقع مابعد الانتصار ومع تلك التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا ليس على شان خاطر الشرعية اليمنية ولا لاجل عيون التحالف الداعم لها بل لأجل الجنوب والانتصار لقضية شعبه العادلة ..

 

 ولم نسير بالتوازي مع تلك التحالفات إلا من أجل ذلك ، وليس لأجل تتوارى قضيتنا ونتحول كاصحاب القضية اليمنية مقابل مكاسب سلطوية أو مادية .. 

 

ويجب على الجميع داخلياً وخارجياً أن يعلموا جيداً إن الشراكة في السلطة يعد حقاً مشروعاً أصيلاً لكل جنوبي في إطار سلطة الأمر الواقع الحالية ، ويجب أن لايقايضوها بالتنازل عن القضية الجنوبية عملياً والسماح برفع رايتها نظرياً للحفاظ على المناصرين المخدوعين  واستخدامهم بشكل لا أخلاقي في خدمة القضية اليمنية كما يحدث . .

 

هذا الكلام ليس تشكيك في أحد ، ولكنه سرد للحقائق المتوالية بأمانة ومصداقية والتي تعيد نفسها بصور واشكال مختلفة وهو ما لا نرضى أن يعكس أن شعب الجنوب جميعه بذلك الغباء والجهل الذي يجعله لايستطيع التركيز والربط بين الأحداث والمنعطفات التي عايشها ، لتتكرر نفس المؤامرات عليه وعلى قضيته ومستقبله .. 

 

نقول للجميع بكل جرأة :

احترموا عقولنا وقضيتنا وكرامة وحقوق شعبنا وتعاملوا معنا بأخلاقية كما تعاملنا معكم وكما تريدوننا أن نمضي بالتعامل معكم ..

 

فنحن أصحاب قضية وانتم أصحاب قضية .. ويجب أن يعاد ترتيب الأوراق على هذا الأساس وتسير الأمور من الآن وفقاً لذلك وبشكل واضح ..

 

 والبداية بوحدة صف وموقف الجنوبيين ومطالبتهم بإعلان صريح من المجلس الرئاسي ثم من التحالف بالإعتراف بالقضية الجنوبية باعتبارها قضية حية وحاضرة في المشهد وليست نائمة ومرحلة ،.. 

 

 ويتم التعاطي مع كل قوى الجنوب كاصحاب قضية وتجريم مصادرة حقوقهم المشروعة واقصائهم منها كونهم كذلك أو لأي إشتراطات تنتقص من ذلك ..

 

ووفقاً لذلك العمل معاً لدى المجتمع الدولي لتثبيت تلك الحقيقة وعندها مثلما هو مطلوب من الجنوبيين دعم القضية اليمنية فإن قوى الشرعية اليمنية وتحالفها يدعمون القضية الجنوبية ولن تطغى أحدهما على الآخرى حالياً ..

 

فالمصالح المشتركة هي التي يجب أن تجمع الشعوب والدول والقوى السياسية والتحالفات المختلفة .. وغير ذلك ليس سوى بيع وشراء لأشخاص محدودي الصلاحية ... ولا علاقة له بالقضايا المصيرية للشعوب ومصالحها العليا . 

 

الدكتور عمر عيدروس السقاف

رئيس الهيئة الشعبية الجنوبية

( الإئتلاف الوطني الجنوبي )

   عدن 24 يوليو 2022م