بقلم... سميه دماج
لم أكن أتصوّر أن مديرًا قد يصبح يومًا في مقام الأب، يحنو ويساند، ويغفر ويتسامى فوق كل ما قيل بحقه من نقدٍ أو عتاب. لكن الدكتور يحيى لم يكن مديرًا عاديًا، بل كان مدرسة في الأخلاق، ومَعلمًا في الإنسانية، ومرآةً تعكس أروع صور القيادة الحكيمة.
لقد فاجأنا بتسامحه النبيل، وصبره الذي لا يُضاهى. ورغم ما صدر منا من انتقادات، بعضها قد يكون قاسيًا أو غير منصف، إلا أنه لم يتوانَ لحظة عن أداء واجبه تجاهنا، بل تجاوز ذلك ليكون أول الواقفين معنا في الشدائد، دون أن يذكرنا بما بدر منا، وكأن شيئًا لم يكن.
حين سمع أن أحد موظفيه في ضيق أو مرض، لم يتردد. كان سبّاقًا للسؤال، متابعًا لأدق التفاصيل، وكأن ليس لديه من الهموم سوى همّنا. رغم كثرة مشاغله ومسؤولياته، لم يقصّر يومًا في دعمه، سواء ماديًا أو معنويًا، ولم تغب عن قلبه الكبير رحمة أو حنان.
ما دفعني اليوم لكتابة هذا المقال ليس فقط الشعور بالامتنان، بل هو اعتراف منا بخطأ التسرع في الحكم، وبأننا لم نكن منصفين بحقه في بعض المواقف. أما هو، فكان أكرم منا، فسامح، وأحسن، وظل كما عهدناه دائمًا: متفهمًا، مستوعبًا، داعمًا، ومحبًا لكل موظف تحت قيادته.
ليس هذا فحسب، بل كان صوته حاضرًا في كل سؤال أو استفسار يطرحه أي موظف، متجاوبًا رغم ضغوط العمل، حريصًا على أن تُحلّ مشاكلنا دون تلكؤ أو ملل. لم يخذلنا يومًا، ولم يُشعرنا أننا عبء عليه، بل على العكس تمامًا، منحنا الثقة، والطمأنينة، والأمل.
لقد عجزت عن إيجاد كلمات الشكر التي تفيه حقه، فلم أجد أبلغ من أن أُدوّن هذه الكلمات، تعبيرًا عن امتنان صادق، وموقف لن يُنسى. فشكراً من القلب للدكتور يحيى، على تسامحه وكرمه وإنسانيته.
وجوده بيننا نعمة، وتعامله الراقي ملهم، وزرع فينا يقينًا أن القادم سيكون أجمل، لأن لدينا من يقودنا بقلبه قبل قلمه، و بإنسانيته قبل موقعه.