آخر تحديث :الأحد-03 أغسطس 2025-12:58ص

جُزءٌ من الحقيقةِ مفقود!

الخميس - 31 يوليو 2025 - الساعة 09:00 م
سالمين سعيد بنقح

بقلم: سالمين سعيد بنقح
- ارشيف الكاتب


قرأتُ مرة حوارًا نشرته صحيفةُ الشرق الأوسط العريقة مع الأديب الكبير والروائي المعروف:ارنست همنغوَاي،ذكر في هذا الحوار عبارةً لفتت انتباهي واستوقفتني كثيرًا وعادت بي الذاكرة إلى جملةٍ أخرى للرافعي رحمه الله فوجدتُ بينهما تشابهًا كبيرًا من حيث الشكل والمضمون فهمنغواي يقول:


"يمكنك أن تكتب في أي وقت يدعك فيه الناس لوحدك دون أن يقاطعوك،أو بدلاً من ذلك يمكنك أن تكتب إن كنت غير مبالٍ بما يكفي تجاه ذلك،لكن أفضل الكتابة يأتي بالتأكيد حين تكون في علاقة حب."


أما الرافعي فيقول:

"إنّ النابغة في الأدب لا يتم تمامه إلا إذا عشق وأحب"


أرأيتم هذا التوافق الكبير بين الرافعي وهمنغواي؟

نعم إنّ العلاقات العاطفية "العُذرية" في ذاتها تجعلُ المرء مختلفًا جدًا لا سيما إذا كان هذا الشخصُ كاتبًا أو شاعرًا فإنّ هذا الحب يجعلهُ يفكرُ بطريقة أخرى،وتتفجرُ في صدره ينابيعُ المشاعر،فيترجمُ قلمه أجمل ما يمكن قراءته في عالم الأدب،ولنا في القدماء خير مثالٍ على ذلك،فلولا عشقُ قيسٍ لليلى لما سمعنا *بالمؤنسة،ولا سمعنا بمصطلح العشق العذري الذي بات ملاصقًا لكلِ من يحبُ حبًا عفيفًا وصادقًا لا تشوبه الشهوة وإنما هو حبٌ روحي،حتى أنّ صاحبهُ لا يرى أنّ وصل حبيبه يشفيه مما يلاقيه من لوعة العشق وحرارته،ولما كنّا سمعنا بكُثيّرِ عزة ولا بتائيته الجميلة،ولا بـجميلٍ ولا بثينة وهلم جرّا ..

ما جعل هولاء مختلفين هي تلك القصة العظيمة من العشق الذي عاشوهُ مع من أحبوهنّ بصدقٍ وإخلاص.


فالعشقُ إذا كان سليمًا وخاليًا من الأدناس دفع صاحبه بشكلٍ كبير إلى أن يكون صاحب اتجاهٍ سليم في أدبه وفكره وأمور حياته.


وبالرغم من محاسن العشق ومساوئه هناك جزءٌ من الحقيقة مفقود ولا ينتبهُ إليه أحد وهو الذي من أجله سطرتُ أحرفي هذه لعلي أُوفق في إيضاح ذلك الجزء الدقيق والمخفي عن الأعين ..

إنها تلك المنطقة الوسطى التي يصبح المرءُ فيها بين الفرح والترح،ربما جاز أن نطلق عليها "المنطقة الرمادية" التي يكون صاحبها فيها واقعٌ في حيرته لا يدرك أحد معاناته فلا هو مرتاحٌ ولا هو شقي،والتوسط حسنٌ في كل الأمور إلا هنا في هذه المنطقة تحديدًا

يكون المرءُ على حبلِ الخوف والارتباك والفرح والأنس يتأرجح،ليست لديه أدنى فكرة عن ماهية المرحلة التي هو فيها لذلك تجده دائمًا يخبطُ خبط عشواء!

فلا يدرك ما يريد ولا يعرف أين يقوده قلبه لكنه يتبع قلبه حيث شاء ولا يستمع إلى صوت عقله الذي يرى الأمور بنظرة مختلفة عن قلبه.


سالمين سعد بنقح