في لحظةٍ تتكاثف فيها الغيوم حول المشهد اليمني، وتتعالى فيها الأصوات المتوجسة من مستقبل البلاد، خرج عضو مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي برسالة بدت أكثر من مجرد تصريح سياسي؛ كانت إعلاناً جديداً لوحدة الموقف وصمود الإرادة في زمنٍ تتنازعه التجاذبات والاصطفافات الضيقة.
من خلال حديثه أثناء الاجتماع الذي عقد يوم الجمعه برئاسة فخامه الرئيس الدكتور رشاد العليمي حرص الدكتور عبدالله العليمي على أن يؤكد أن المجلس الرئاسي ما يزال متماسكاً وموحداً أمام التحديات المصيرية، وأن الخلافات إن وُجدت لا تمس جوهر الهدف الوطني الجامع، المتمثل في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وتحقيق السلام العادل والشامل. حديثه جاء مشبعاً بروح المسؤولية، بعيداً عن لغة المناكفة، ومحمّلاً برسائل طمأنة للداخل والخارج على حد سواء.
يُدرك العليمي أن الشارع اليمني فقد الكثير من ثقته بالنخب السياسية بعد سنوات من الانقسام والخذلان، ولذلك جاءت كلماته لتستعيد شيئاً من تلك الثقة المفقودة، وتذكّر بأن المجلس، رغم الضغوط والتحديات، ما يزال يجتمع على هدف واحد صون الجمهورية واستعادة مؤسساتها.
فقد حملت تصريحاته دعوة واضحة لنبذ الخلافات والالتفاف حول المجلس باعتباره المظلة الشرعية الوحيدة، القادرة على إدارة المرحلة الحساسة بأقل الخسائر وأكبر قدر من التماسك.
فإن حديث العليمي يمكن اعتباره رسالة إلى الحلفاء الإقليميين.
في ظل ما يشهده ملف اليمن من إعادة تموضع وتقييم للعلاقات أراد أن يقول نحن باقون صفاً واحداً، فلا تبحثوا عن بدائل خارج الشرعية حيث أن خطابه هذه المرة يحمل نبرة واقعية متزنة؛ فهو لا يجمّل الواقع ولا يتجاهل التعقيدات، لكنه يضع الإصبع على جوهر الحل وحدة الموقف الوطني.
كلماته تنسجم تماماً مع خطاب فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي في أكثر من مناسبة، حين أكد أن المجلس سيبقى متماسكاً رغم التباينات، وأن الشراكة والتكامل هما الطريق الوحيد لاستعادة الدولة.
بهذا الم وسطية ذكية تعيد التوازن إلى خطاب المجلس، وتؤكد أن الوحدة لا تعني الذوبان، وأن التباين لا يعني الانقسام.
اختيار هذا التوقيت لتصريحٍ بهذه الصيغة لم يكن صدفة؛ فالمشهد السياسي يشهد حراكاً أممياً جديداً يتحدث عن تسوية شاملة قد تفضي إلى تشكيل حكومة جديدة أو ترتيبات انتقالية مختلفة.
لذلك، بدا واضحاً أن العليمي أراد من خلال خطابه تثبيت شرعية المجلس الرئاسي ككيان موحد، واستباق أي محاولات لإضعاف موقعه أو تجاوزه في المفاوضات الدولية القادمة.
يمكن النظر إلى تصريح العليمي كجزء من محاولة لملمة الصف داخل المجلس في ظل ما يُثار حول تباينات في الملفات الاقتصادية والأمنية والعلاقات الخارجية.
أن أهمية الرسالة تكمن في كونها استدعاءً للروح الوطنية الجامعة في لحظة تعاني فيها الدولة من تآكل مؤسساتها وتراجع حضورها في بعض المحافظات.
الحقيقه لقد أعاد العليمي التذكير بأن توحيد الصف ليس خياراً تكتيكياً، بل ضرورة وجودية أمام مشروع الحوثي الذي يقوم على التفرقة والتمزيق.
في نهاية المطاف، يمكن القول إن الدكتور عبدالله العليمي لم يكتفِ بطمأنة الداخل، بل قدّم بيان موقف وطني بامتياز فبين خطاب التهدئة، والدعوة للوحدة، والرسائل الضمنية للحلفاء، رسم العليمي ملامح مرحلة جديدة من الوعي السياسي داخل المجلس الرئاسي
مرحلة يدرك فيها القادة أن التحدي الأكبر ليس في مواجهة الخصوم، بل في إدارة الاختلاف داخل الصف الجمهوري نفسه.