منذ صدور القرار التاريخي رقم (1325) عن مجلس الأمن عام 2000، والعالم يتعامل معه بوصفه محطة مفصلية في مسار الاعتراف الدولي بدور المرأة في تحقيق الأمن والسلام المستدامين. وقد جاء مؤكدا أن المرأة هي المحور الرئيس في الأسرة، والمكون الأعمق تأثيرا في معادلة الحرب والسلام، انطلاقا من مسؤوليتها تجاه أمن اسرتها ومجتمعها، فهي غالبا من تدفع الثمن الاول للمعاناة، سواء بفقدان معيلها او ابنائها او بتحملها اعباء النزوح والإعالة.
ويصادف اليوم الذكرى الخامسة والعشرين لصدور القرار 1325، وهي محطة تستدعي التوقف والتأمل في مدى التزام الدول، ومن بينها بلادنا، بتطبيق مضامين هذا القرار. فبعد ربع قرن على اقراره، ما تزال النساء في مناطق النزاع، ومنهن اليمنيات، يواجهن تهميشا ممنهجا في عمليات التفاوض وصنع القرار، رغم أن الواقع اثبت أن حضور المرأة في مسارات السلام يمنحها عمقا إنسانيا واستدامة اكبر.
تاريخيا، كانت المرأة اليمنية حاضرة في محطات التحول الوطني، سواء في الثورة أو في الميادين السياسية والاجتماعية. واليوم، تبدو اهمية القرار 1325 اكثر الحاحا في بلادنا التي انهكتها الحروب واثقلتها الانقسامات، فالحرب مزقت النسيج الاجتماعي، وجعلت المرأة تتحمل عبء الصراع في تفاصيل الحياة اليومية. ورغم حرص اعداد كبيرة من النساء على التأهيل من اجل السلام، الا أنهن ما زلن يُدفَعن الى الهامش في مشهد يتحدث عن السلام دون أن يمنحهن مقعدا على طاولته، في تناقض صارخ مع روح القرار الذي يؤكد أنه لا سلاما دائما ما لم يكن شاملا، ولا شمولا حقيقيا دون مشاركة النساء في صياغة الحلول ومتابعة تنفيذها.
إنّ حكومتنا اليوم، وهي تتمسك بالقرارات الأممية وتعلن التزامها بها، مطالبة بإعادة النظر في مكونات عملية السلام، والالتزام الجاد بالقرار الأممي 1325، وجعل تمكين المرأة ركيزة أساسية في أي تسوية قادمة. فوجودها ليس تجميلا للمشهد، بل نابع من وعي حقيقي بدورها المتماهي مع جوهر السلام وضمانة لاستقراره، وهو ما يشكل الخطوة الأولى نحو بناء سلام عادل ومستدام يُعبّر عن تطلعات كل اليمنيين واليمنيات على حد سواء.