آخر تحديث :السبت-13 سبتمبر 2025-09:52م
ملفات وتحقيقات

قحطان الشعبي..أول رئيس جنوبي يسجن حتى الموت(1)

الأحد - 29 مايو 2022 - 05:34 م بتوقيت عدن
قحطان الشعبي..أول رئيس جنوبي يسجن حتى الموت(1)
(عدن الغد)خاص.

إعداد / د. الخضر عبدالله : 

مع حلول عيد إستقلال جنوب اليمن في 30 نوفمبر من كل عام ، يحضر اسم قحطان الشعبي، كأحد أهم الأسماء التي لعبت دوراً نضالياً ضد الاستعمار البريطاني جنوبي البلاد، ثم أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية بعد الاستقلال.

وعلى الرغم من الفترة القصيرة التي تولى فيها الحكم، إلا أنّ تجربة الرئيس قحطان محمد الشعبي (1923-1982)، رئيس الجمهورية الأولى في جنوب اليمن (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية)، عقب جلاء آخر جندي بريطاني، تُمثّل محطة مهمة في التاريخ السياسي اليمني؛ لخصوصية التجربة وما واجهته من تحدّيات بقيت تعترضُ مسار الدولة في جنوب اليمن منذ الجلاء عام 1967م، وحتى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990.

ما يرفعُ من سقف الاستغراب والتساؤل استمرار الغموض الذي يلف نهاية قحطان الشعبي، وأسباب بقائه محتجزًا لـ11 عامًا في سجنٍ انفرادي حتى مات.. لا سيما وأنه مناضلٌ سياسي، وأحد أبرز رموز الجبهة القومية، وأسهمَ بدورٍ محوري في قيادة حركة تحرير جنوب اليمن حتى نيل الاستقلال، بل هو مَن أعلنَ بيان الاستقلال في نوفمبر 1967، كما كان محل إجماع القيادة العامة للجبهة القومية، وبالتالي انتخابه أول رئيسٍ للجمهورية الوليدة جنوب اليمن بعد الاستقلال.. وهو ما يضعُ عددًا من الأسئلة إزاء الإشكالات الحقيقية التي لم يستطع النظام في الجنوب اليمني تجاوزها في علاقته بالحكم.

لكن التاريخ يبقى فيصلاً ومُنْصفًا، وهنا لا يُنكِرُ التاريخ ما شهدته تجربة الرجل من التزام موقفٍ قومي وحدوي، ومسيرة نضال يشهدُ بها رفاقه، علاوةً على خصوصية تجربته في الحكم مقارنة بمن جاء بعده.

ميلاده وتعليمه

وحسب عدة مصادر وثّقت بعضًا من سيرة قحطان الشعبي، فقد وُلِد في وادي شعب بمنطقة الصبّيحة، في مديرية طور الباحة – محافظة لحج عام 1923م، وتُوفّي والده قبل أشهرٍ من ولادته، ولم يرَ أباه قط فقد ولد يتيماً حيث توفي والده قبل اشهر من ولادة قحطان.

كفله بالرعاية قريبه الشيخ عبداللطيف الشعبي شيخ "وادي شعب" وهو والد الشهيد المناضل فيصل.

وقحطان هو ثالث أخويه، حيث يكبره شقيقان هما سعيد ، وقد توفي في سن الشباب، ومريم وقد توفيت في ثمانينات القرن الماضي بعد رحيل قحطان عن الدنيا.

ينتمي قحطان لأسرة فقيرة مثل جميع اسر منطقة قبائل الصبيحة بما في ذلك المشائخ الذين كانوا هم الآخرون فقراء.

في سن الطفولة قام قحطان برعي الاغنام في وادي شعب، وعندما كبر قليلاً انزله الشيخ عبداللطيف الى عدن للدراسة.

وفي البداية تعلم قحطان في وادي شعب القراءة والكتابة وحفظ اجزاء من القرآن الكريم، وعندما كبر قليلاً وأنزله الشيخ عبداللطيف الى عدن ألحقه بالدراسة في "مدرسة جبل حديد" التي كانت تعرف ايضاً ب "مدرسة أولاد الامراء"وأحياناً تعرف ب"مدرسة أبناء الشيوخ" لوجود عدد من ابناء السلاطين يدرسون بها كما ضمت عدداً من ابناء أهم الشيوخ ، وهذه المدرسة هي اشهر مدرسة في تاريخ عدن حتى اليوم ولا تزال معالمها قائمة.

سفره إلى السودان

في أوائل الأربعينيات من القرن المنصرم سافرَ في بعثة للدراسة في السودان، وتخرّج مهندسًا زراعيًّا في جامعة الخرطوم سنة 1950م، ليكون أول مهندسٍ زراعي في الجزيرة العربية، ثم عاد إلى مدينة عدن، وعملَ مديرًا للزراعة في عددٍ من مناطق أبين ولحج وحضرموت. 

نشاطه السياسي

في ما يخصُّ نشاطه السياسي.. ففيما تقولُ مصادر إنه بدأ ممارسة نشاطه السياسي خلال سنوات دراسته في السودان من خلال مشاركته في عددٍ من المظاهرات المناهضة للاحتلال البريطاني هناك، ترى مصادر أخرى أنّ نشاطه السياسي بدأ عقب عودته من السودان عام 1950م، إذ كان من المؤسسين لـ”رابطة أبناء الجنوب”، حيث كان عمادها الشباب الذين أنهوا دراستهم في مصر والسودان، وعُيِّنَ قحطان في الرابطة مسؤولًا عن العلاقات الخارجية، “وكانت الرابطة حينئذ حزبًا تقدميًّا ووحدويًّا، وتُطالبُ باستقلال الجنوب ووحدته”؛ لتشهد الرابطة، في مرحلةٍ لاحقةٍ تحولاً محوريًّا من خلال إعلانها المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي، وهو ما اعتبره قحطان خروجًا عن الإجماع الوطني الوحدوي للجنوب كجزءٍ من اليمن، ونتيجة لذلك تركَ الرابطة، وفي بيانٍ استقالته من الرابطة، هو وعددٌ من زملائه، أوضحوا الأسباب التي كان من أهمها «أنّ الرابطة انحرفت عن المبادئ والأهداف القومية؛ وذلك بإحيائها الدعوة الانفصالية القديمة التي كانت تهدفُ لإقامة دولةٍ مستقلةٍ بعدن، والإمارات ليست يمنية الهُوية».

المضايقات من قبل السلطات البريطانية

إزاء ذلك الموقف تعرّضَ للكثير من المضايقات من قِبَل السلطات البريطانية؛ فرحلَ إلى شمال اليمن، ومنه إلى مدينة القاهرة لاجئًا سياسيًّا، والتحقَ هناك بحركة القوميين العرب – فرع اليمن عام 1958م، التي أسسها المناضل فيصل عبداللطيف الشعبي عام 1956م، عندما كان طالبًا بالمرحلة الثانوية في مصر، >>في أكتوبر (تشرين أول) 1959 وضعَ قحطان وفيصل كُتيِّبًا باسم حركة القوميين العرب، بعنوان “اتحاد الإمارات المزيَّف مؤامرة على الوحدة العربية”، وفي هذا الكُتيِّب ظهرت أول دعوة لانتهاج الكفاح المسلح وسيلة لتحرير الجنوب<<.

قحطان في الشمال

وفي مايو (آيار) 1962م صدر لقحطان كتابه الشهير “الاستعمار البريطاني ومعركتنا العربية في جنوب اليمن”، وكرر فيه دعوته القديمة لإقامة الجبهة القومية على مستوى جنوب اليمن وشماله، لتعملَ على إقامة نظامٍ جمهوري في الشمال اليمني، ومن ثم الانطلاق لتحرير الجنوب اليمني من الاستعمار البريطاني، ونُشِر هذا الكتاب قبل 26 سبتمبر (أيلول) 1962م بنحو أربعة أشهر، وعقب ثورة 26 سبتمبر 1962م، والإطاحة بالنظام الملكي في الشمال، ترك القاهرة متوجهًا إلى مدينة صنعاء.(للحديث بقية )