آخر تحديث :الثلاثاء-06 مايو 2025-12:58م
ملفات وتحقيقات

لماذا تغيير الحكومات في اليمن لا يحقق إصلاحا حقيقيا ينعكس على حياة المواطن؟

الثلاثاء - 06 مايو 2025 - 09:11 ص بتوقيت عدن
لماذا تغيير الحكومات في اليمن لا يحقق إصلاحا حقيقيا ينعكس على حياة المواطن؟
(عدن الغد)خاص:

قراءة سياسية في جدوى التغيير دون مراجعة حقيقية لبنية السلطة وآلية اتخاذ القرار داخل مؤسسات سلطة مجلس القيادة الرئاسي.

من يحكم فعليا سلطات الدولة أم سلطات موازية؟

أين تكمن أزمات البلاد بالكهرباء أم في بنية السلطة التي تحكم؟

كيف تحول تغيير الحكومات إلى تدوير للأزمات أكثر منه لتقديم الحلول؟

هل يستطيع بن بريك كسر حلقة الفشل أم سيكرر ما فعله سابقوه؟

حكومة تغادر وأخرى تأتي.. قراءة سياسية في نص استقالة بن مبارك وتكليف بن بريك

قراءة سياسية/ عبدالعزيز السيافي:

في المشهد السياسي اليمني، بات تغيير الحكومات أقرب إلى حركة روتينية منه إلى فعل إصلاحي.

ولعل آخر حلقات هذا التغيير تمثلت في استقالة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، التي جاءت في توقيت بالغ الحساسية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وسط تساؤلات عن جدوى التغيير دون مراجعة حقيقية لبنية السلطة وآلية اتخاذ القرار داخل مؤسسات الشرعية.

> الاستقالة في توقيت مأزوم

بن مبارك لم يستقل في لحظة هدوء، بل في ذروة الانهيار المالي والخدمي في المناطق المحررة.

ومن يتعمق في مضمون رسالة استقالته، فإن نصها لم يكن خاليا من الرسائل، حيث أشار بوضوح إلى أن الحكومة لم تمنح صلاحيات حقيقية، وأنه واجه عراقيل داخلية منعته من أداء مهامه، خاصة في ما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية والتعديلات الحكومية.

هذا التلميح من بن مبارك إلى وجود "سلطة موازية" داخل الدولة يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول من يحكم فعليا، ومن يقرر، ومن يعطل، ومن يدفع ثمن الفوضى؟!

> تعيين بن بريك.. قرار بلا ضجيج ولكن!

قرار مجلس القيادة الرئاسي بتعيين وزير المالية سالم بن بريك رئيسا للوزراء لم يكن مفاجئا، بل بدا وكأنه نتيجة ضغط واقعي لتدهور الوضع الاقتصادي. ومع أن الإعلام الرسمي سارع لحسم الجدل بنشر القرار، فإن موجة الشائعات التي سبقته – من رفض بن بريك للمنصب إلى اشتراطه وديعة مالية سعودية – أظهرت مدى هشاشة المشهد السياسي في ظل غياب التواصل المؤسسي والشفافية.

> رسائل كثيرة.. ومشهد مرتبك

يرى المراقبون أن الاستقالة تعكس خللا في موازين القوى داخل المجلس الرئاسي، وتمارس السلطة من دون مسؤولية، وتعطل الحكومة لصالح توازنات إقليمية ومحلية دقيقة للغاية، وفق نص استقالة بن مبارك.

بينما هناك من يشير إلى أن الدولة في حد ذاتها لم تعد قادرة على إنتاج حكومة مستقرة، فكيف يمكن الحديث عن أزمة دستورية في بلد بلا كهرباء، بلا رواتب، وبلا مؤسسات فاعلة؟!

ومتى ما ذهبنا إلى الأداء الحكومي، سنجده غير قائم على برامج واضحة، ولا على مساءلة أو تقييم، مما يجعل من التغيير مجرد تدوير للأدوار لا أكثر.

> غياب البرنامج.. الثابت الوحيد

منذ إقالة خالد بحاح في 2016 حتى استقالة بن مبارك، تتبدل الحكومات بينما يغيب العنصر الأهم: برنامج العمل، إذ لا وثيقة واضحة، ولا خطة تنموية، ولا رؤية اقتصادية أو سياسية يمكن محاسبة الحكومة عليها، فحتى الموازنات العامة، إن وجدت، لا تنشر ولا تناقش.

النتيجة أن كل حكومة تصبح أسيرة للواقع، تتخبط فيه إلى أن تغرق، ثم تستبدل بأخرى، وهكذا دواليك.

> سلطة بلا إصلاحات حقيقية

يحمل البعض مجلس القيادة الرئاسي المسؤولية أولا ثم الحكومة ثانيا. ويستدلون ما يذهبون إليه، في تغييب النقاش حول الهيكل الإداري للدولة، وصلاحيات الرئاسة، وآلية التوافق بين أعضائه، يجعل منه سلطة تمارس دورا تنفيذيا غير محكوم بضوابط واضحة، وهو ما يكرس شخصنة القرار، ويضعف فرص بناء إدارة دولة قادرة على الاستجابة للتحديات.

> أزمة شرعية أم أزمة أشخاص؟

الذي يحدث منذ عشر سنوات في تغيير الحكومات، ليس مجرد استقالة رئيس وزراء أو تعيين بديل له، فما يحدث هو تعبير متجدد عن خلل في الشرعية السياسية وآليات الحكم.

فالمواطن اليمني لا ينتظر من يخلف بن مبارك، بل يتساءل: هل تتغير حياته فعلاً؟ وهل هناك حكومة مقبلة ستحل مشاكل الكهرباء والرواتب والمياه؟ أم أن المشهد سيظل يدور في نفس الحلقة المغلقة؟

الإجابة -كما يبدو- ليست في تغيير الأشخاص، بل في إعادة النظر في منطق إدارة الدولة برمته، وبناء شرعية تستند إلى الفعل لا إلى الشعارات.