آخر تحديث :الثلاثاء-11 نوفمبر 2025-08:27ص
ملفات وتحقيقات

الصراع المستمر منذ سنوات يحد من فرص العمل أمام الشباب في اليمن

الثلاثاء - 11 نوفمبر 2025 - 07:32 ص بتوقيت عدن
الصراع المستمر منذ سنوات يحد من فرص العمل أمام الشباب في اليمن
في الصورة الملتقطة يوم 29 يونيو 2025، بائعان في انتظار الزبائن في سوق في عدن - اليمن
(عدن الغد) شينخوا:

تحت أشعة شمس الصباح الباهتة، يتجمع عشرات من الشبان الباحثين عن عمل عند التقاطعات المزدحمة، أملاً في الحصول على فرصة عمل.

وبالنسبة لكثير من اليمنيين، وخاصة الشباب، أصبح هذا المشهد اليومي مألوفاً في بلد تتلاشى فيه فرص العمل مع استمرار الصراع الطويل الذي ينهك الاقتصاد.

كان اليمن في السابق بلداً يشهد توسعاً في المشاريع الخاصة ومبادرات التنمية الواعدة، إلا أن سوق العمل فيه تقلص بشكل كبير، فقد أغلقت المصانع أبوابها، وانسحب المستثمرون، وأصبح آلاف الخريجين الشباب يبحثون عن وظائف لم تعد موجودة.

في بيان صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عبر وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، أظهرت الإحصاءات الحكومية أن الاقتصاد الوطني انكمش بنحو 50% ، فيما ارتفعت نسبة الفقر إلى نحو 80 %.

وقال وزير الشؤون الاجتماعية والعمل اليمني محمد الزعوري في وقت سابق من هذا الشهر إن الصراع المستمر منذ سنوات، أثر بشدة على الأوضاع المعيشية، مما دفع أكثر من 80% من السكان إلى ما دون خط الفقر، مضيفاً أن معدل البطالة بين الشباب بلغ قرابة 60% ، وذلك وفقاً لبيان نُشر عبر وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).

وأشارت الإحصاءات الحكومية إلى أن معدل البطالة الحالي يفوق بكثير نسبة الـ14 في المئة المسجلة قبل اندلاع الصراع.

وفي المدن الرئيسية مثل عدن وتعز ولحج، تبدو آثار الأزمة واضحة في الشوارع، حيث ينتظر الشبان بالقرب من مواقع البناء والتقاطعات أملاً في الحصول على عمل يومي.

وبالنسبة لكثيرين، أصبح الحصول على عمل مسألة حظ أكثر من كونه استحقاقاً بالمؤهلات.

وقال عمار ناصر (28 عاماً) - وهو عامل يومي ينتظر على جانب الطريق في عدن - "بعض الأيام أجد عملاً، وأيام كثيرة لا أجد، لم يتخيل أحد أن يأتي يوم نتنافس فيه على بضع ساعات من العمل".

أما معاذ سالم (32 عاماً)، حاصل على شهادة في الآداب منذ ست سنوات، لكنه لم يجد عملاً في مجاله، ولجأ إلى العمل في البناء والمقاولات بعدن، مساهماً في تشييد المنازل والمكاتب، إلا أن تلك الفرص اختفت هي الأخرى.

وقال: "كان هناك وقت يكافئ فيه الصبر بالنتيجة، فتجد عملاً في النهاية، أما الآن فأقضي اليوم كله منتظراً وأعود إلى المنزل خالي اليدين، من المؤلم أن ترغب في العمل ولا تجد الفرصة".

الصعوبات لا تقتصر على الرجال، تقول نسرين علي (26 عاماً) الحاصلة على شهادة في الاقتصاد إنها لم تحصل قط على وظيفة مستقرة: "درسنا على أمل المساهمة في إعادة إعمار اليمن، لكن لا مكان لنا في سوق العمل، كثير من زملائي الذكور يحاولون مغادرة البلاد".

ويحذر مسؤولو منظمات الإغاثة المحلية من أن استمرار البطالة يجعل الشباب اليمنيين عرضة للخطر، إذ ينضم بعضهم إلى جماعات مسلحة، بينما يلجأ آخرون إلى أعمال غير رسمية أو محفوفة بالمخاطر.

وقال هايثم رشدي، مسؤول إنساني مقيم في عدن: "الاقتصاد في حالة جمود، والأسر تحت ضغط هائل، وإذا بقي الشباب خارج سوق العمل، فستستمر الأضرار لأجيال قادمة".

وقال المحلل الاقتصادي رمزي سلطان إن "اليمن يواجه أزمة اقتصادية مزمنة تفاقمت خلال سنوات الصراع، وأصبحت السيطرة عليها أمرا بالغ الصعوبة".

وأشار إلى أن جوهر المشكلة يتمثل في "اختلال حاد بين العرض والطلب، ففرص العمل نادرة، فيما يتزايد الباحثون عنها يوماً بعد يوم"، وحتى من يجد عملا يواجه صعوبات كبيرة.

وأضاف أن الأجور فقدت جزءاً كبيراً من قيمتها، موضحاً أن "الموظف في القطاع العام يتقاضى بين 150 ألفاً و200 ألف ريال يمني شهرياً، أي ما يعادل نحو 90 إلى 120 دولاراً أمريكياً، ومع التدهور السريع في قيمة العملة وارتفاع الأسعار لم تعد الرواتب تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية، ما أضطر الكثير إلى العمل في وظيفتين أو ثلاث لتأمين لقمة العيش".

أما حمدي عبد الله (35 عاماً)، فقد أجبره فقدان وظيفته في أحد المصارف على اتخاذ قرار مؤلم. وبعد شهور من البحث دون جدوى وارتفاع تكاليف المعيشة، باع مجوهرات زوجته ليسافر إلى السعودية.

وقال: "أصعب ما في الأمر كان ترك أطفالي، لكن البقاء بلا دخل لم يكن خياراً ممكناً".

ويتفق الخبراء على أن تعافي الاقتصاد يعتمد على تحقيق الاستقرار وجذب الاستثمارات مجدداً، لكن في الوقت الراهن، تبقى تجمعات الشباب الباحثين عن عمل كل صباح تذكيراً بمدى عمق التغير الذي أحدثه الصراع في حياة اليمنيين.

ورغم الصعوبات الاقتصادية وحالة عدم اليقين، يواصل كثير من الشباب اليمنيين الانتظار على أمل أن تعود يوماً فرص العمل المستقرة، ليتمكنوا من المشاركة في إعادة بناء بلدهم الذي يكافح للنهوض من سنوات الحرب الطويلة.

يذكر أن اليمن غارق في الصراع منذ أواخر عام 2014، حين سيطر الحوثيون المدعومون من إيران على عدد من المحافظات الشمالية، وأجبروا الحكومة المعترف بها دولياً على مغادرة العاصمة صنعاء.

وتصاعد النزاع عام 2015 بعد تدخل التحالف الذي تقوده السعودية لإعادة الحكومة إلى السلطة.

وبعد مرور أكثر من عقد، ما زالت الحرب تُغذي ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، فيما تظل جهود الوساطة المتكررة عاجزة عن تحقيق سلام دائم.