آخر تحديث :الإثنين-01 ديسمبر 2025-03:11م
أدب وثقافة

الوصابي في تونس يؤصّل للوحدة الثقافية بين الشعوب العربية: الأمثال الشعبية نموذجًا

الإثنين - 01 ديسمبر 2025 - 02:57 م بتوقيت عدن
الوصابي في تونس يؤصّل للوحدة الثقافية بين الشعوب العربية: الأمثال الشعبية نموذجًا
تونس (عدن الغد) محمود مطهر:

في جلسة علمية نوعية احتضنتها جامعة منوبة في 29 نوفمبر قبل امس السبت، قدّم الباحث مجيب الرحمن الوصابي طرحًا بحثيًا جديدًا يُعيد التأكيد على أن الوحدة الثقافية تسبق بل تتجاوز أهمية الوحدة السياسية، وأن المشترك المعرفي بين الشعوب العربية أعمق وأمتن من الحدود الجغرافية والتباينات اللهجية.


جاءت الندوة ضمن فعاليات المشروع العلمي الرائد: "إشكاليات دراسة اللهجة التونسية بين التنوع اللهجي والتواصل اليومي – مشروع الأطلس اللساني التونسي"، الذي ينظمه مخبر المباحث الدلالية واللسانيات الحاسوبية بجامعة منوبة، عقب تقدّمه في التصنيف الأكاديمي وتأكيد ريادته في البحث اللساني.


افتتح الأستاذ الدكتور عبدالسلام عيساوي، مدير المخبر، أعمال الندوة مؤكدًا دور البحث العلمي في كشف عمق الروابط بين الشعوب العربية، فيما شهدت الفعالية حضورًا دوليًا مميزًا وباحثين من إيطاليا ورومانيا، وتولت الدكتورة فاطمة البكوش التنسيق العلمي، بينما ترأس الجلسة الثانية الأستاذ الدكتور وسام العريبي، مدير مشروع الأطلس اللساني التونسي.


الأمثال الشعبية… جسر ثقافي يكشف وحدة الوجدان العربي

قدّم الوصابي ورقته البحثية بعنوان: "الأمثال الشعبية المشتركة بين اليمن وتونس: وظيفة الحكمة في تعزيز التواصل الاجتماعي".

وكشفت الدراسة عن تطابق دلالي ووظيفي لافت بين الأمثال في البلدين، بما يعكس وحدة وجدان ثقافي عربي تتجاوز اختلاف اللهجات، وتثبت أن الحكمة الشعبية العربية نابعة من روح حضارية واحدة تتجدد عبر الزمن.


وبيّنت الورقة أن الأمثال ليست مجرد تعابير لغوية، بل مدونات معرفية مكثّفة تختزن خبرة الأجيال، وتعمل كآليات للتواصل الاجتماعي، وتوجيه السلوك، وتفسير المواقف. واستند الباحث إلى منهج مقارن رصد فيه المحاور المشتركة في مضامين الأمثال، مثل: القناعة والرضا، التجربة والخبرة، التحذير من الغدر، الحث على العمل، والإيمان بالقضاء والقدر.


البحث يعيد الاعتبار للحكمة الشعبية ودورها في بناء الوعي

أبرز الإطار النظري للدراسة أن الحكمة العربية ليست معرفة مجردة، بل خبرة عملية تُنقل عبر صياغة فنية تُجسّدها الأمثال، التي تقوم بثلاث وظائف تواصلية رئيسية:


التعليم المعياري وتوجيه السلوك،


التفسير وفهم السياقات،


بناء التضامن عبر خلق أرضية مشتركة للتفاهم.


وأظهرت النتائج أن المشترك الدلالي بين الأمثال التونسية واليمنية لا يمكن اعتباره مجرد صدفة، بل دلالة على انتقال ثقافي ولغوي قديم بين المنطقتين، وعلى عمق الروابط الحضارية العربية.


الوحدة الثقافية… أساس يتجاوز السياسة

خلصت الدراسة إلى أن الحكمة الشعبية كما في مثل "ما يحكّ جلدك غير ظفرك"— تُجسّد وحدة ثقافية عربية تتخطى حدود السياسة، وتؤكد أن الثقافة هي الجسر الأعمق لاستمرار التواصل بين الشعوب. فالأمثال المشتركة تُعيد إنتاج الوعي الجمعي وتمنح المجتمعات أدوات للتكيف والتماسك، مما يجعلها شاهدًا حيًا على وحدة الهوية الحضارية العربية.