آخر تحديث :الثلاثاء-03 يونيو 2025-02:10ص

سمير النمري ..إلى أين يا رجل؟

الأربعاء - 17 يناير 2024 - الساعة 10:18 ص
سام الغباري

بقلم: سام الغباري
- ارشيف الكاتب


عاد مراسل قناة الجزيرة إلى صنعاء، أو هكذا أوحى إلى متابعيه، لكنها ليست العودة التي يأملها هو، إنها زيارة لا تعني بقاءه وسط معاناة شديدة كتلك التي يتجرعها الناس الذين لا يملكون ترف مغادرة صنعاء المحتلة أو العودة إليهايعود "المراسل" ضيفًا على أشلاء صنعاء، محميًا بضمان جهة عمله، في موازاة حزينة لزملاء آخرين، عرفتهم قبل سنوات، ينشرون تغريدات لقيادات خوثية، ليكونوا جزءً من صورة كان يذمونها، حتى أن زميلًا أنيقًا حذف كل تغريداته السابقة عن ميليشيا الخوثي، لئلا يُعاتب عليهامبررهم أن الشرعية أنكرتهم، وأن مغردين من السعودية تعرضوا لهم، إلا أن الحقيقة كانت أنهم بحثوا عن مال كبير وكثير، فوجدوه، وقرروا ساعتئذ تنفيذ أمر الممول دون تردد.لقد تعرضت شخصيًا لهجوم متكرر من وسائل إعلامية تابعة للشرعية منذ انضمامي المبكر إليها، وصُنِفت "جاسوسًا" و "مندسًا" وأعيق قرار تعييني بمنصب ملائم في الحكومة لأني أكتب بـ "خشونة" حسب وصف أحد المسؤولين آنذاك، وقبل سنة قرر أحد الوزراء فصلي نهائيًا عن العمل، وإيقاف راتبي - رغم أني موظف في الدولة منذ العام ١٩٩٩م" وكنت مديرًا عامًا بقرار رسمي في ٢٠٠٦م، ولمّا غضبت، قالوا: لماذا تغضب؟ واعتبره البعض "فجورًا" في الخصومة! كانت لي خيارات عديدة بالرحيل إلى سماوات ماطرة بالمال، إلا أني فضّلت - ليس لأني شخص عظيم - البقاء مع الدولة اليمنية وفيًا لها، وللأرض التي آوتني في جزعي، وفتحت أبوابها لمهاجر لم يك يعرف أي وطن آخر سيحميه من عذاب الميليشيا الحوثية الغادرة، نلت بعد سنتين من انضمامي إلى الشرعية وظيفة حكومية يمنية، وعشت بالقدر البسيط من المعيشة، وفي كنف دولة عظيمة مثل السعودية أمنت على حياتي وحيوات أطفالي وأهلي فيها.وعلى مدار سنوات، وقبل أسابيع أتلقى رسائل في الخاص تدعوني إلى صنعاء، من قيادات في الميليشيا الإرهابية، وأجيب عليهم ساخرًا، يقول أحدهم: لقد فصلوك وأنكروا ما فعلت بسبب خلاف شخصي، تعقدت أمامك فرص كثيرة، فعُد! ولم أفعل، ولن أفعل، فبِمِ أجيب على ابني الذي قرأ كُتبي، ورأى ملايين العبارات والأبحاث والدلائل التي تُشير إلى دموية العدو، وبأي وجه أجيب على تائه وجد في قولي دليلًا ينجيه من سحر فراعنة العصر، وعلى أي جانب سأستريح وسط طغاة بائسون، أسمع أنين سجناء الأقبية، وأرى مشاهد الجوعى، والبربرية المدفوعة للقتل المجاني، دون أن أملك حق الرفض أو التململ، فأنا في نظرهم مجرد "تائب" و آبق عاد كُرهًا إلى طوع سيده، وكيف سأسامح نفسي التي أبت البقاء وسط همجية تنكرني وتجعلني أمثولة للسخرية، وتُسقِط قيمًا طالما عشت عليها حُرًا بلا تردد.لقد وعدت أطفالي أن أبقى على حقيقتي، مؤمنًا بالعدالة، وبحق الإنسان اليمني في الثورة على هذه الميليشيا الدموية، حاملًا مشعلًا من ضياء، أهتدي به معالم طريق ضلّ عنها من عرفنا ثباتهم، وخار عليها من حسبنا شجاعتهم، وباع فيها من ظننا أمانتهم.أعزائي: إنما أكتب فرقًا على أخوة ضيعتهم الأماني، ولم يصبروا، وأعجلهم المال على الموقف، فلم يتعففوا، يحسبون أنهم أذكياء، وإنما الذكي من اعتبر بغيره، ورأى في تسرعه تعجلًا لتفسخه على الملأيسألني آخِر الذين عرفتهم: إلى أين يا رجل؟ أجيبه: هنا، على هذه الأرض، فإن لم تقبلنا، فأرض الله واسعة، وباطنها خير من ذُل ظاهر يتودد للمجرمين على ظهرها. - هذا أنا والله المستعان