في قاعة صغيرة من محكمة الجزائية م/ عدن، وبين جدران تحمل ذكريات متناقضة من الخيبات والإنصاف، عُقدت الجلسة النهائية لقضية الشهيد المغدور به/ أنور عبد الحكيم الحماطي، الذي اختطفته أيادي الغدر والإرهاب في 22/ فبراير 2022. كانت الأجواء متوترة، والأرواح مثقلة بسنوات من الانتظار والقلق. الحاضرون، بين أصدقاء الشهيد وأولياء دمه، جلسنا في ترقب مشحون بالغضب والحزن، ننتظر إدخال المتهمين إلى قفص المحاكمة.
لكن المفاجأة الأولى كانت تخاذل إدارة أمن العاصمة عدن، في إحضار المتهمين إلى المحكمة. لم يكن ذلك التخاذل غريبًا على نفوس قد ألفت مشاهد الفساد والمحسوبية، والعنصرية، في مؤسسات الدولة. داخل قاعة المحكمة، كان الحاضرون يتساءلون: هل ستُكتب لهذه الجلسة مصداقية؟ أم ستسقط هي الأخرى في فخاخ الفساد الذي نخر مفاصل الدولة؟
غير أن العدالة كانت لها كلمتها.
القاضي يحيى الشعيبي: صوت العدالة الصادح
وسط هذه الأجواء الملبدة بالشكوك، وقف القاضي الشهم (يحيى الشعيبي) ليعلن عن منطوق الحكم النهائي. حين نطق بالحكم بالإعدام حدًا بحق سبعة أشخاص ثبت تورطهم في اغتيال الشهيد، كان ذلك النطق بمثابة صاعقة على من ظنوا أن العدالة قد ماتت في عدن.
هذا الحكم لم يكن مجرد كلمات تُكتب في أوراق المحكمة، بل كان تجسيدًا لمعنى العدل في زمن كادت فيه القيم أن تُطوى تحت عباءة الفساد. لقد أكد القاضي الشعيبي أن لا سلطة تعلو فوق القانون، وأن العدالة، رغم كل العثرات، تظل نورًا يخترق ظلمات الفساد والمحسوبية.
(رسالة أمل وإشادة بالجهود)
ما حدث في هذه الجلسة كان نقطة تحول، ليس فقط في مصير قضية الشهيد أنور عبد الحكيم الحماطي، بل أيضًا في نظرة الحاضرين إلى القضاء. إذ استعاد الجميع بصيص أمل كان قد تلاشى في خضم أزمات لا حصر لها.
من الواجب، في هذا السياق، تقديم الشكر لكل من ساهم في إيصال هذه القضية إلى نهايتها العادلة. بدايةً، إدارة مكافحة الإرهاب بقيادة القائد الأعلى شلال علي شائع، الذي بذل جهودًا ملموسة في إلقاء القبض على المتهمين. وثانيًا، للقضاء ممثلًا بالقاضي يحيى الشعيبي، الذي جسد بقراره حكمة القانون ونزاهة العدالة.
الختام: عدالة تنبعث من الرماد
إن قضية الشهيد أنور الحماطي، بما حملته من آلام وانتظار، لم تكن مجرد مأساة شخصية، بل كانت اختبارًا لقيم العدالة في مجتمع يعاني من الفوضى. اليوم، وبعد صدور الحكم النهائي، يمكن القول إن هذا الاختبار قد نجح في إثبات أن العدالة، وإن تعثرت، لا تموت.
لتكن هذه اللحظة شعلة أمل لكل من فقد ثقته بالنظام والقانون، وتأكيدًا على أن الخير، مهما ضعف، يظل قادرًا على الانتصار في النهاية.