دعوة للوعي ورصّ الصفوف
تمرّ محافظة أبين اليوم بمرحلة حساسة وخطيرة، إذ تتعرض لحملة إعلامية وسياسية ممنهجة، تُدار من غرف مظلمة، وتهدف بوضوح إلى تشويه صورتها وتقويض مكانتها الوطنية.
حملة منسقة تُطلقها حسابات الذباب الإلكتروني وتُردّدها أبواق مأجورة، تسعى لتصوير أبين وكأنها بؤرة فساد أو معقل فوضى، في محاولة مكشوفة لإضعافها وتهميشها وإسقاط مؤسساتها.
إننا حين نرى عشرات المنشورات تتحدث في وقت واحد عن “فساد أبين” أو “تغلغل الإرهاب فيها”، ندرك أن الأمر ليس صدفة ولا نقدًا عابرًا، بل مخطط منظم ومدروس يراد منه إحداث شرخ داخلي بين أبناء المحافظة، وضرب الثقة بالسلطة المحلية والأمنية، وإظهار أبين في صورة محافظة خارجة عن السيطرة.
🔸أبين ليست محافظة هامشية كما يريد البعض أن يصورها.
هي قلب الوطن النابض، وذاكرة النضال والجمهورية، ومصنع الرجال الأوفياء.
لكن منذ سنوات، تتعرض لمحاولات متكررة لتشويهها وتفكيك نسيجها الاجتماعي والسياسي، تارةً عبر الإعلام، وتارةً عبر الحملات الأمنية والسياسية، وكل ذلك بهدف إضعاف دورها الوطني وإسقاط رمزيتها التاريخية.
هذه الحملة الأخيرة ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل، تقف وراءه جهات تعرف جيدًا أن أبين حين تتماسك فإنها تعيد التوازن الوطني، وحين تنهض فإنها تُربك حسابات المشاريع الصغيرة.
🔸لنكن صريحين: نعم، هناك ضعف في أداء السلطة المحلية والأمنية والعسكرية في أبين، لكن الإنصاف والضمير الوطني يفرضان أن نسأل: لماذا؟
هل السبب هو التقصير فقط؟ أم غياب الإمكانات والدعم؟
إن من يعرف واقع أبين عن قرب يدرك أن هذه السلطات تعمل في ظروف تكاد تكون مستحيلة:
لا موازنات تشغيلية أو استثمارية تُمكّن المكاتب من أداء مهامها.
لا دعم أمني أو لوجستي حقيقي للأجهزة الأمنية والعسكرية من الوزارات المركزية.
انعدام الموارد وتراكم الالتزامات المالية، وغياب الدور الفاعل للوزارات في دعم فروعها.
ورغم ذلك، السلطات المحلية والامنية في أبين يواصلون العمل بما هو متاح وممكن، ويحاولون حفظ الحد الأدنى من الاستقرار في بيئة مليئة بالتحديات والمؤامرات.
إن جلدهم ومحاربتهم في هذه الظروف ليس نقدًا بنّاءً، بل طعنة في خاصرة المحافظة بأكملها.
🔸من المؤسف أن بعض القوى المحلية – بقصد أو بغير قصد – تسهم في تأزيم المشهد من خلال حماية مظاهر الفوضى، أو الدفاع عن مصالح ضيقة ضد إجراءات الدولة.
إن غياب الوعي لدى فئة من المواطنين، وانجرارهم وراء الشائعات، وحماية بعض مظاهر الفساد أو العبث، يُضعف سلطة الدولة ويمنح المخرّبين مبررًا للاستهداف.
هنا تأتي مسؤولية أبناء أبين أنفسهم:
أن يدركوا أن حماية محافظتهم والمشاريع العامة، لا تكون بالصمت، ولا بالحياد السلبي، بل بالتكاتف والوعي، ودعم كل جهد رسمي يسعى لترسيخ النظام وحماية المصالح العامة.
🔸 إن تصوير أبين اليوم على أنها بؤرة للإرهاب أو مركز للفوضى، ليس بريئًا.
هو مشروع سياسي خفيّ يراد به:
1. ضرب الثقة بين المواطن والسلطة المحلية.
2. تجريد المحافظة من شرعيتها الإدارية والأمنية.
3. تهيئة الرأي العام لتدخلات خارجية بحجة “الإنقاذ”.
لكن أبناء أبين يعرفون جيدًا أن الفتنة تبدأ بالكلمة وتنتهي بالدم.
ولذلك، فإن أول سلاح لمواجهة هذا المخطط هو الوعي والاصطفاف الشعبي خلف مؤسسات الدولة، مهما كان أداؤها ضعيفًا، لأن ضعف الدولة أفضل ألف مرة من غيابها.
🔸 يا أبناء أبين الأحرار،
إن المحافظة اليوم ليست بحاجة إلى صراخ ولا إلى تبرير، بل إلى رصّ الصفوف، وتجاوز الخلافات، وتفويت الفرصة على من يريدون إشعالها من الداخل.
قفوا صفًا واحدًا خلف محافظتكم، خلف، خلف كل جهد مخلص يسعى لحماية المصلحة العامة.
فكل كلمة تنشرونها، وكل موقف تتخذونه، إما أن يكون خنجرًا في خاصرة أبين أو درعًا يحميها.
🔸 أبين لا تحتاج إلى من يدافع عنها بالكلام، بل إلى من يفهمها ويقف معها.
هي المحافظة التي أنجبت رجال الدولة والمواقف، وقدمت للوطن تضحيات لا تُحصى.
من العدل أن تُنصف، ومن الوطنية أن تُحترم، ومن الحكمة أن تُحمى من مشاريع التدمير الناعمة التي تسللت عبر الإعلام والسياسة.
فلنكن جميعًا على قدر المسؤولية،
ولنردد معًا:
أبين ليست بؤرة فوضى، بل منارة وعي، وسندٌ للجمهورية، ودرعٌ للوطن.
وسيبقى صوتها الوطني الحر أقوى من كل حملات التشويه، لأن الحق لا يُطفئه ضجيج الذباب، والوعي لا تهزمه الفتنة.
✍️ عبدالعزيز الحمزة
الخميس ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٥م