آخر تحديث :الإثنين-28 يوليو 2025-04:23م
أخبار المحافظات

مبادرات محلية لتوفير المياه لأهالي ريف تعز

الإثنين - 28 يوليو 2025 - 10:33 ص بتوقيت عدن
مبادرات محلية لتوفير المياه لأهالي ريف تعز
(عدن الغد)متابعات:

يعاني أهالي عدة مناطق في مديرية مشرعة وحدنان بريف تعز جنوب غربي اليمن من أزمة مياه متفاقمة نتيجة قلة هطول الأمطار، ما تسبب بكارثة حقيقية، ما دفع إلى إطلاق مبادرات مجتمعية لإغاثة السكان بالمياه.

يقول اليمني سعيد ناصر لـ"العربي الجديد": "عمري 70 سنة، ولم أشهد في حياتي أزمة جفاف مثل هذا العام، ولم يحصل أن أتى فصل الصيف ونحن لا نجد مياه شرب، فنحن نعتمد على السقايات لتخزين ماء المطر خلال الصيف، وهو يكفي للاستخدام طوال العام مع وجود فائض في الغالب، وكل أسرة لديها سقايتها الخاصة، لكن هذا العام جفت المياه في جميع السقايات بسبب قلة هطول الأمطار".

وأطلق الشاب محمد العزي مبادرة تحمل اسم "سقيا الماء"، مستغلاً وسائل التواصل الاجتماعي للتخفيف من معاناة أبناء منطقته الذين يقارب تعدادهم 40 ألف نسمة، بعد أن جفت مياه "السقايات"، وهي الخزانات التي يستخدمها الأهالي لجمع مياه الأمطار. يقول العزي لـ"العربي الجديد": "حين وجدت أبناء منطقتي لا يمتلكون احتياجاتهم الدنيا من المياه نتيجة الجفاف، قررت محاولة تخفيف حجم الكارثة، فأنشأت مبادرة (سقيا الماء)، ونقلت صوراً عن حجم المأساة عبر وسائل التواصل، وفتحت باب التبرعات أمام المغتربين من أبناء المنطقة. كان الخيار المتاح لإنقاذ الأهالي يتمثل بشراء الماء من آبار المدينة، وتوزيعه بالمجان". يضيف: "واجهنا عقبات تتمثل بعدم قدرة شاحنات نقل الماء على الوصول إلى القرى نتيجة وعورة الطريق، فجهزنا صهاريج مياه سعة 2000 لتر على سيارات الدفع الرباعي، ومن ثم اشترينا الماء من المدينة ونقلناه عبر هذه السيارات إلى القرى، كذلك فتحنا باب التبرعات أمام المغتربين لتغطية النفقات، وبدأنا بتوزيع صهريج أو اثنين يومياً على كل قرية، بحيث تحصل الأسرة يومياً على 20 لتراً من الماء، ومع نشاط المبادرة زادت الكميات الموزَّعة".

ويشير العزي إلى أن "صهريج الماء سعة 2000 لتر يكلف 80 ألف ريال (نحو 30 دولاراً)، ويُجلَب الماء من منطقة الضباب التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن المنطقة، لكننا مضطرون إلى الشراء لكونها الطريقة الوحيدة، ونشد على يد الميسورين للاستمرار في تقديم الدعم لإغاثة الأهالي".

بدوره، يقف عبد الله هزاع (58 سنة) في طابور طويل على أطراف قريته في مشرعة وحدنان، حاملاً غالون مياه فارغاً بانتظار وصول السيارة التي تحمل صهريج الماء لتوزيعه على الأهالي ضمن مبادرة أطلقها فاعلو خير لإغاثة السكان الذين يعانون من أزمة جفاف غير مسبوقة.

ورغم قرب المنطقة من مدينة تعز (10 كيلومترات)، إلا أنها محرومة مشاريع المياه، ما جعل الأهالي يعتمدون على جمع مياه الأمطار في السقايات لتوفير الاحتياجات، خصوصاً أن المنطقة خالية من الآبار وعيون الماء.

والسقاية عبارة عن حوض عميق مبني على شكل صهريج، ويتضمن بركة ودرجاً يفصل بينهما ما يسمى بـ"باب العقد"، وتُسقف بالغالب بالخرسانة، وتراوح سعة السقايات المنزلية في المتوسط ما بين 20 متراً مكعباً، و100 متر مكعب، وتعد المصدر الأساسي للحصول على المياه التي تستخدم في الشرب والاحتياجات المنزلية، كذلك تستخدم أيضاً في الري.

وتسببت أزمة الجفاف أيضاً بخسارة الأهالي للموسم الزراعي، ما فاقم أزماتهم المعيشية المتردية أصلاً في ظل الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية بالتزامن مع الانهيار المتسارع في سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.

وتتزامن الأزمة مع أزمة مياه تشهدها مدينة تعز في ظل ارتفاع سعر "وايت" الماء سعة 6000 لتر من 30 ألف ريال إلى 120 ألف ريال، كذلك ارتفعت أسعار مياه الشرب بنحو أربعة أضعاف، ويبلغ الإجهاد المائي في تعز نحو 300%، أي إن المدينة تستهلك ثلاثة أضعاف المياه التي تدخل إلى أحواضها المائية.

وكانت مدينة تعز قبل الحرب التي اندلعت في عام 2015، تعتمد على 88 بئراً، واليوم لا يعمل منها سوى 21 بئراً، أي إنها فقدت خلال الحرب 67 بئراً، كذلك فقدت أكثر من 127 كيلومتراً من شبكة توزيع المياه، ولم يتبقّ في الخزانات سوى 5768 متراً مكعباً من أصل أكثر من 20 ألف متر مكعب من المياه.

ويبلغ عدد الأحواض المائية التي تغذي الشبكة العامة لتوصيل المياه في محافظة تعز 5 أحواض، يقع 2 منها تحت سيطرة جماعة الحوثيين، وهما حوضا الحيمة حبير والحوبان، و2 منها يقعان على الخطوط الأمامية للنزاع، ولا يمكن للمؤسّسة المحلية للمياه والصرف الصحي الوصول إليهما، وهما حوضا الضباب والحوجلة، ولا يزال أحد الأحواض تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وهو حوض المدينة.