من الطبيعي جداً أن أي احتلال لأي دولة لا يقتصر فقط على الاحتلال العسكري، بل يمتد ليشمل جميع مجالات الحياة، بما في ذلك السياسية والثقافية وكل مراكز المجتمع، حيث ينسج خيوطه ويؤسس قواه وأدواته التابعة له، وهذا أمر معروف بلا شك.
بعد عام 2015، كان يُقال إن العقلاء سيطروا على هذه المواقع والمؤسسات، بمعنى أنهم أصلحوا ما أفسده الاحتلال واستبدلوهم بقوى خيرة طيبة مخلصة وفعالة، بما في ذلك التربية والكهرباء والإسكان وعقارات الدولة والإدارات والأوقاف وغيرها. وقد وصل حال نظام الاحتلال إلى تغيير مدراء المدارس في الجامعات والثانويات والإعدادية. لكن كل هذا الكلام لم يُعطَ له أهمية أو اعتبار، وتم فهم السيطرة بشكل خاطئ.
اليوم بدأوا يفهمون. يا جماعة الخير، نحن جميعاً نحب ديننا وندافع عنه، وهو فوق كل شيء، لكن ما نراه ونشاهده هو أن مساجدنا مقسمة بين جماعات فلان وجماعات علان، وهذه حقيقة موجودة ليس في عدن فقط، بل حتى في المحافظات والمديريات
هذا الكلام لا يعني مداهمة المساجد أو اقتحامها، فهذه حرمات لا نقبل بها، لكن يجب إصلاح الأوقاف أولاً، فالفساد قد تعدى كل المواقع، ويجب أن نجعل من بيوت الله بيوتاً للطاعة والخير والمواعظ، وأن لا ندخل في أمور السياسة والحزبية أو التحريض ضد الآخرين، وأن تكون الأمور فقط وفقاً لقوله تعالى وقول رسوله، مع تقديم الموعظة الحسنة وغرس قيم الدين وتعاليمه العظيمة في قلوب الناس.
أعيدوا النظر واختاروا خطباء ووعاظاً من صفوة رجال الدين الذين ليس لهم علاقة بالتحزب والانحراف العقائدي والفكري، وجماعات التكفير والتطرف وأصحاب الفرق المشحونة بالغلو وتكفير الآخرين. إن ورقة الدين وتوظيفها بشكل خاطئ من أخطر الأوراق.
أعيدوا الاعتبار والتقييم بعقول صافية ونوايا صادقة مخلصة وهادئة، لرسم قيم المحبة داخل المجتمع، وزرع روح الأمل والصبر، ورسم ملامح التجانس والوئام، وتعزيز روابط الأخوة والتسامح، وتعميق وشائج الخير بتعاليم ديننا الحنيف وسنة رسولنا الأعظم، وقدوتنا محمد بن عبدالله، خير البشر وأصلحهم.
وجنبونا الشحن والمهاترات التي لا يحسب عواقبها الكثيرون من قومنا.